العائلة تعاني مرضاً مزمناً... كيف نُطمئن الأبناء؟
لا يُعتبر الأولاد أصغر أو حتى أكبر من أن يتعلموا اتخاذ الخطوات اللازمة. إن كانت عائلتك تعاني تاريخًا طويلاً حافلاً بمرض القلب أو السكتة الدماغية، ثمة خطوة بالغة الأهمية بقدر الاعتناء بصحتك: اعتنِ بصحة أولادك.
لربما تعاني مرض القلب أو سبق أن تعرضت لذبحة قلبية أو سكتة دماغية. أو ربما تعاني اضطرابات مثل ارتفاع ضغط الدم، ارتفاع معدل الكولسترول، أو الداء السكري، التي تزيد خطر الإصابة بمرض القلب. وإن كان إخوتك، والداك، أو جداك يواجهون المشاكل عينها، فأنت تملك على الأرجح ما يُدعى تاريخًا عائليًّا حافلاً بمرض القلب.ويواجه أولادك هم أيضًا هذه المشكلة. فسواء كانوا أولادًا، مراهقين، شبانًا، أو بالغين، من الضروري أن يفهموا هذا الواقع، حسبما تؤكد الدكتورة بولا أ. جونسون، بروفسورة متخصصة في طب القلب ورئيسة قسم صحة المرأة في مستشفى Brigham and Women›s التابع لجامعة هارفارد.
توضح الدكتورة جونسون: «تُعتبر معرفة تاريخ العائلة أداة قوية تمنحنا توجيهات لازمة لنعتني بأنفسنا ونتفادى المشاكل الصحية المحتملة في المستقبل». وتتيح هذه المعرفة فرصة لأولادكم للقيام بتغييرات تعود عليهم بفوائد مباشرة وطويلة الأمد.لعل علامات التحذير الأولى المشاكل الباكرة في القلب والأوعية الدموية. ونقصد بـ{باكرة» هنا قبل الخامسة والخمسين من العمر للنساء والخامسة والستين للرجال. وبما أن الإستروجين يتمتع بخصائص تحمي القلب، تذكر الدكتورة جونسون أن المشاكل الباكرة جدًّا في القلب تشكّل في حالة النساء إشارة واضحة إلى تاريخ عائلي من أمراض القلب.ولا يُعتبر هذا التاريخ العائلي مسألة تافهة. ففي دراسة شملت أكثر من 122 ألف عائلة في يوتاه في الولايات المتحدة الأميركية، واجهت 14% منها تاريخًا عائليًّا حافلاً بمرض القلب. لكن أفراد هذه العائلات شكّلوا نحو 72% من المرضى الذين عانوا مرض القلب باكرًا، 48% ممن عانوا مرض القلب في أي مرحلة عمرية، و86% ممن أُصيبوا بسكتة دماغية قبل الخامسة والسبعين من العمر.ماذا تقول لولدك؟تؤثر الجينات التي تتوارثها الأجيال في العوامل البيو-كيماوية التي ترتبط بمرض القلب: مدى تحكّم جسمك في الدهون الغذائية، فاعلية الجسم في تحديد مواضع الالتهاب ومعالجتها، وظائف الأوعية الدموية، الجلطات الدموية، حساسية الجسم تجاه الأنسولين، ضبط ضغط الدم، وغيرها.ولكن ما الجينات إلا جزءًا واحدًا من هذه المسألة. يتشاطر أفراد العائلة غالبًا نظام الغذاء ذاته، يتشاركون في الموقف ذاته من النشاط الجسدي، يعيشون في المنطقة ذاتها، وينتمون إلى الثقافة عينها. إلا أن كل هذه العوامل تؤثر أيضًا في خطر الإصابة بمرض القلب والسكتة الدماغية.بكلمات أخرى، لا تحدد الجينات مصيرنا. فبغض النظر عن تاريخ عائلتك، تبقى قراراتك الصحية الشخصية بالغة الأهمية.لا يحتّم تاريخ العائلة على الولد الإصابة بمرض القلب. ولا شك في أن الوقاية من خلال نمط الغذاء، أسلوب الحياة، والرعاية الصحية لها تأثير بالغ. ففي دراسة يوتاه، تراجع احتمال الإصابة بمرض القلب في الجيل اللاحق الذي حُذّر من تاريخ عائلته مع هذه الأمراض.يعتمد ما يمكنك توضيحه لأولادك على سنهم. فإن لم يبلغوا بعد سن الشباب، فمن الضروري طمأنتهم لا إخافتهم. كذلك لا تقدّم للأولاد الصغار السن الكثير من المعلومات دفعة واحدة. ابدأ ببعض الوقائع البسيطة، واسألهم عما إذا كانوا يودون طرح الأسئلة. ولتكن أجوبتك بسيطة ومباشرة.تنصح الدكتورة جونسون: «قل مثلاً: نعاني أمراضًا قلبية وعائية في عائلتنا، وأوضح ما يعنيه ذلك، وشدد على أننا نستطيع تفادي هذه المشاكل. تحدث إلى الأولاد عن فوائد الغذاء الصحي والتمرّن». قد يساعدك نموذج عن القلب في توضيح مرض القلب للأولاد الأكبر سنًّا، وعندما تشبّه القلب بمضخة والأوعية الدموية بالقساطل، تساعد الولد على فهم الفكرة الأساسية.أما إذا بلغ أولادك أو حتى أحفادك سن الرشد، فلا تفترض أنهم يفهمون المخاطر العائلية التي يواجهونها.تذكر الدكتورة جونسون: «لا يحظى شبان كثيرون برعاية طبية منتظمة. لذلك على مَن يملكون تاريخًا عائليًّا حافلاً بمرض القلب أن يفهموا أهمية التردّد إلى عيادة طبيب صحة عامة بشكل دوري. فمع تقدّم نظام الرعاية الصحية، يتيح لهم ذلك فرصة التعرّف إلى طريقة عمل هذا النظام، فهم ما يعنيه تاريخ عائلتهم، وتعلّم الطرق التي يمكنهم اعتمادها للحفاظ على صحتهم».قد يكون الخضوع لفحوص محددة بالغ الأهمية وفق أنواع مرض القلب التي تواجهها العائلة. على سبيل المثال، يُعتبر بعض العائلات أكثر عرضة لمعدلات عالية من الكولسترول، وهذه خاصية جينية تُدعى فرط كولسترول الدم العائلي (familial hypercholesterolemia). وتتطلب مشاكل ارتفاع ضغط الدم وصمامات القلب الباكرة أنواعًا مختلفة من الفحوص.توضح الدكتورة جونسون: «من الضروري أن يكون هدف الحوار مع الأولاد عن تاريخ العائلة مع مرض القلب، استغلال الفرصة للوقاية منه وتحديد أنواع الفحوص الضرورية. يجب ألا يتحول الموضوع إلى مصدر قلق أو توتر. ولكن عليهم ألا يتجاهلوه أيضًا».تقدّم مراكز ضبط الأمراض والوقاية منها في الولايات المتحدة نصائح بشأن جمع المعلومات عن تاريخ العائلة الصحي في الموقع التالي: www.health .harvard.edu/famhistory. إليكم بعض الاقتراحات الإضافية:• يُعتبر طرح الأسئلة طريقة فضلى لجمع المعلومات عن تاريخ العائلة. أثر هذا الموضوع خلال التجمعات العائلية ودوّن المعلومات. فقد يشكّل ذلك تبدّلاً كبيرًا في حياة ولدك.• سجّل أسماء الأقارب الألصق من كل جانبي العائلة: الأهل، الإخوة والأخوات، الأجداد، الأولاد، الأعمام والعمات، الأخوال والخالات، وأولادهم. حدد المرض الذي يعانيه كل منهم (أو عاناه) وفي أي سن شُخصت إصابته به.• ناقش مخاوفك بشأن تاريخ العائلة الصحي مع طبيب أولادك، ومع طبيب الأم إن كانت العائلة تخطط لإنجاب ولد آخر. اجمع المعلومات الضرورية قبل أن تقصد عيادة الطبيب.• حدّث تاريخ العائلة الصحي بانتظام. إن كان ولدك صغيرًا، فأطلع طبيبه على أي مستجدات تحصل عليها. أما إن كان أكبر سنًّا، فانصحه أن يخبر هو طبيبه بكل ما يطرأ من جديد على تاريخ العائلة.