Oblivion... نظرة جميلة إلى مستقبل كارثي

نشر في 02-05-2013 | 00:01
آخر تحديث 02-05-2013 | 00:01
فيلم التشويق الكئيب Oblivion خليط مثير من الإبداع والتلميحات المستوحاة من مجموعة ثقافية هائلة من الصور والمواضيع الخيالية.
فيلم Oblivion عمل ضخم على جميع المستويات، فهو يركز على تفاصيل مهمة مثل صفات الشخصيات ومنح الانطباع المناسب في كل مشهد، ولا يخشى التطرق إلى مواضيع مألوفة مثل الحب والخسارة والهوية الشخصية والتوبة. إذا صدر في هذه السنة فيلم آخر ضمن فئة الخيال العلمي يكون أفضل من هذا العمل، سنكون محظوظين فعلاً!

الفيلم من بطولة توم كروز بدور جاك هاربر، مُصَلّح طائرات مسلحة بلا طيار تحرس الحفارات العملاقة التي تُستعمل للتنقيب عن احتياطيات الطاقة الأخيرة على كوكب الأرض. تدور الأحداث في عام 2077، بعد 60 سنة على تدمير الكوكب غداة غزو مجموعات هائلة من الكائنات الفضائية. أعاد البشر المتبقون الاستقرار في أحد أقمار كوكب زحل. لم يبق على سطح الأرض إلا عصابات من الكائنات الفضائية العنيفة من أجل تخريب المعدات التي تستخرج آخر موارد الكوكب. لكن لا يستطيع جاك، بعد خمس سنوات على محو ذاكرته قسراً، التخلص من الشعور بأن هذا العالم الجديد والغريب والشجاع لا يزال وطنه. من هي تلك المرأة (أولغا كوريلينكو) التي تعود للظهور بشكل مستمر في أحلامه؟

تبدو رؤية الفيلم ساحرة كونها تجمع بين التصميم الصناعي الأنيق ومعالم الكآبة المألوفة والمناظر الطبيعية الضخمة التي تبدو قاحلة على نحو مدهش لدرجة أنها تبث شعوراً واقعياً بالقلق والريبة.

المستحيل حقيقة

ينجح المخرج جوزيف كوزينسكي (من أفلامه Tron: Legacy) والمصور السينمائي كلاوديو ميراندا (صوّر فيلم Tron ثم فاز بعدها مباشرةً بجائزة الأوسكار عن فيلم Life of Pi في السنة الماضية) في جعل المستحيل حقيقة. يعيش جاك وضابطة الاتصالات فيكتوريا (أندريا رايزبورو) في منزل بسيط بجدران زجاجية وهو يطوف على علو آلاف الأقدام فوق تشكيلات سحب مدهشة.

 تظهر المُشرفة الدائمة عليهما سوزان (ميليسا ليو) عبر شاشة فيديو للتحقق من وضعهما وضمان عملهما «كفريق فاعل». يقوم جاك باتصالاته المهنية في مركبة مبتكرة تشبه طائرة نقل من تصميم شركة «آبل». تحذر فيكتوريا: «بعد أسبوعين فقط يا جاك، سنتمكن أخيراً من المغادرة والانضمام إلى الآخرين. أرجوك لا تأخذ أي مجازفة». كانوا بذلك يحاولون التركيز على حاجاته السطحية لمنعه من التحول إلى شخص مضطرب وفضولي.

بعدما كان فيلم Tron يفتقر إلى العمق الدرامي ونظراً إلى قدرة كروز على تقمص دور شخص بلا روح، يصنع النجم والمخرج في هذا العمل عمقاً عاطفياً لافتاً. يطغى شعور بالوحدة المؤلمة على مسار القصة. حين يزور جاك مساحة صحراوية يخترقها برج «مبنى إمباير ستيت» أو يهبط من سقف «مكتبة نيويورك العامة» المُدمَّر، تترافق المشاهد مع عاطفة صادقة. حتى لقطات الأزهار التي تناضل بكل عزم للنمو في هذه البيئة الكارثية تعطي انطباعاً مؤثراً.

جاك جندي سابق في سلاح البحرية وهو يتمتع بمهارات وافرة تشبه مزايا أبطال أفلام الحركة (إنه فيلم لتوم كروز في نهاية المطاف) ولكنه في داخله مجرد خبير ميكانيكي بالتكنولوجيا المتطورة. يبدو قلقاً وخائفاً ومتفاجئاً بما يكفي حين يواجه القذائف المدفعية من المتآمرين ضده. يبدو كروز منغمساً بالكامل في مشاهده مع رايزبورو التي تفقد هدوءها حين تزداد مهمّتهما خطورة. تضيف إلى مصطلحاتها التقنية تلميحات ضمنية تعكس مشاعر الضعف والحنين. حتى ليو، التي نشاهدها كوجه مبتسم على الشاشة، تخلط نبرتها المعسولة بلمحة من القوة وحس القيادة بشكل مفرط ومريب في آن.

لحسن الحظ، ليس فيلم Oblivion مجرد نسخة مكررة من عمل آخر أو جزء من سلسلة طويلة أو فيلم تمهيدي لإنتاج سلسلة من أجزاء عدة. على رغم تعدد مشاهد الحركة السريعة، يروي قصة غامضة ومستقلة توحي بأنها حلقة ملحمية من مسلسل The Twilight Zone. يعج الفيلم بلمسات مستوحاة من أفضل الخبراء في مجالاتهم (وكأنّ كوبريك، ولوكاس، والأخوين واتشوفسكي، و»بيكسار»، أدوا دوراً استشارياً مبدعاً لإنتاج الفيلم)، ولكنه يحمل في صميمه رسالة حب ونفحات من الخيال العلمي الكلاسيكي وهو ليس مجرد خليط سينمائي مبتذل.

فيما اختار لوكاس العودة إلى مسلسل Flash Gordon كمصدر وحي له، يجيد كوزينسكي استعارة أفضل العناصر من غيره. باختصار، لن يتلاشى فيلم Oblivion من الذاكرة قبل فترة طويلة!

back to top