العراق الآيل للتقسيم على يد المالكي

نشر في 31-03-2012
آخر تحديث 31-03-2012 | 00:01
No Image Caption
 أنس محمود الشيخ مظهر يظهر أن العراق الآن يمر في نفق مظلم لا يمكن الخروج منه إلا إلى رحاب دكتاتورية جديدة تمتاز بمواصفات غريبة هذه المرة، فالدكتاتورية الفتية هي نتاج عملية سياسية كان من المؤمل أن تدشن لعراق ديمقراطي نشده الشعب العراقي ودفع في سبيله الكثير من الدماء، ونتاج استغلال التناقضات العراقية الداخلية الموجودة بين الكتل السياسية من قبل فئة لا تفقه أبجديات السياسة، بل طفوا على السطح نتيجة معادلات دولية وإقليمية والتنافس الأميركي الإيراني على النفوذ في العراق.  وبما أن العراق يتكون من ثلاثة مكونات رئيسة فإن رجوع دكتاتورية تنتمي إلى طائفة واحدة وبالمواصفات التي ذكرناها تعني أن الآخرين غير المنتمين إلى الطائفة (الناجية) مهددون في أي وقت بالإقصاء والتهميش، وهذا ما يجعلنا نقف أمام هذا التوجه وبحزم باعتبار أن الإنسان هو الغاية وليس الوطن، وخطاب السيد مسعود البارزاني بمناسبة أعياد نوروز كان يشير إلى هذه التخوفات وبشكل واضح جدا. منطق الأشياء يقول إنه في حالة استحالة العيش بسلام بين مكونين في دولة واحده فإن عليهما فك الارتباط بينهما والعيش في دولتين منفصلتين بدل الدوران في حلقة من العداوات السياسية باستمرار واستنفاد قواهما الذاتية، وهذا القول ينطبق تماما على الواقع العربي الكردي في العراق. فالمكون الكردي لا يربطه بالثلة التي تحكم العراق الآن أي مشتركات قومية أو مذهبية، وهما على طرفي نقيض في الرؤى السياسية لمستقبل العراق، وإن كان الطرفان اشتركا سابقا في النضال ضد حكم صدام حسين فإن هذا لا يعني أن تحالفهما من المقدسات، خصوصا بعد أن أثبتت الوقائع عدم جدوى الاستمرار فيها. إن سياسة العصا والجزرة التي ينتهجها الكرد مع المالكي ما عادت تنفع، والتهديدات المجردة الخالية من أي ترجمة على أرض الواقع لم تعد تؤتي أكلها كما كانت سابقا، وإذا ما قارنا بين الوضع الكردي في 2003 ووضعه الآن فسنصل إلى نتيجة مفادها أن الوقت ليس في مصلحة الرؤية الكردستانية، وأن المستقبل يخبئ مفاجآت غير سارة للكرد إذا ما استمروا على سياسة التهديدات المجردة. التريث في اتخاذ قرار حق تقرير المصير للكردستانيين هو توجه غير مبرر على الرغم من وجود تخوفات حقيقية من ردود أفعال دول الجوار، فالظروف لن تكون سانحة مستقبلا عما هي عليه الآن بالأخذ بنظر الاعتبار الظروف الحالية التي تمر بها المنطقة. فمعادلة استقلال كردستان العراق حاليا يؤثر فيها عاملان فاعلان وهما العراق وتركيا وليست تركيا وحسب كما كان سابقا، والتريث لحين حل شفرة العامل التركي سوف يواجه بتعاظم تأثير العامل العراقي بمرور الوقت، والذي بدا يثبت أنه لن يبقى عاملا مهملا في هذه المعادلة، وفي تصوري أن العامل العراقي الآن هو الأجدر بالمتابعة من العامل التركي.  وهناك نقاط معينة على صانع القرار السياسي أن يتدارسها وبتمعن بها؛ للإسراع في اتخاذ قرار حق تقرير المصير للكردستانيين، فيما يلي قسم منها: - كل المؤشرات الداخلية العراقية تشير إلى أن نظام المالكي يتحين الفرص للانقضاض على التجربة الكردستانية في العراق. - الأسباب الإقليمية التي يرى الكرد أنها تمنعهم من الانفصال عن العراق لم تعد بنفس القوة التي كانت عليها سابقا، خاصة بعد التطورات التي تشهدها المنطقة. - تشدق المالكي ورهطه بأن ما يمنع الإقليم من الانفصال عن العراق هو نسبة الـ17 في المئة التي يحصل عليها الإقليم من الميزانية المركزية هو ادعاء مستفز وغاية في الغباء السياسي  بسبب أن ما سيحصل عليه "كردستان" في حال انفصاله من مرور النفط العراقي إلى جيهان عبر أراضيه لن تكون أقل بكثير من نسبة الـ17 في المئة.  - يمكن أن يكون انتظار تطبيق المادة 140 من الأسباب المهمة التي تجعل الإقليم يتريث في اتخاذ قرار حق تقرير المصير. - دفع الكرد فاتورة باهظة بسبب بقائهم ضمن الجسد العراقي منذ 2003 ولحد الآن، ويكفي هنا أن نشير إلى أن الإقليم قد أضاع فرصا استثمارية كثيرة بسبب الفكرة المترسخة عن العراق بأنه بلد غير آمن وغير مستقر.  وهناك نقطة أخرى تضرر منها الإقليم كثيرا مع وجوده ضمن الدولة العراقية وهي الضغوط التي يمارسها المركز على الشركات النفطية العاملة في الإقليم ووضعها في القائمة السوداء؛ مما كبد الإقليم خسائر فادحة لعدم دخول الشركات النفطية الكبيرة لسوق الصناعة النفطية في كردستان. نستنتج مما سبق أن ادعاءات بعض المتفذلكين بأن "كردستان" يعتاش على المركز هي محض هراء وفقر مدقع في الرؤية الصحيحة للأمور، رغم أن الإقليم لم يطالب المركز بتعويضات لميزانية كردستان طوال سنوات تأسيس العراق في بداية القرن السابق إلى 2003. وفي هذه المرحلة يجب على القادة الكرد أن يدركوا أن في تاريخ الشعوب فرصا لا يمكن التفريط بها. * كردستان العراق – دهوك
back to top