في مبدأ إداري جديد... التمييز تؤكد رقابة القضاء الإداري على قرارات الندب للوظائف الإشرافية
المحكمة: إذا كان الندب يمثل في حقيقته شغلاً للوظيفة فإن القرار يخضع لرقابة قاضي المشروعية تلقت محكمة التمييز طعناً من وكيل وزارة المالية ضد إحدى الموظفات التي تحصلت على حكم قضائي إداري ابتدائي، بإلغاء قرار الوكيل بتخطيها كموظفة في الندب إلى وظيفة مراقب لإحدى الإدارات وندب أخرى لهذا المنصب.
في مبدأ قضائي جديد في القضاء الإداري، أكدت الدائرة الإدارية الثانية في محكمة التمييز برئاسة وكيل محكمة التمييز المستشار د. جمال العنيزي اختصاص القضاء الإداري بالرقابة على قرارات الندب للوظائف الإشرافية، أما إذا كان قرار الندب في حقيقته مرحلة من مراحل شغل الوظيفة الإشرافية توطئة للترقية إلى الوظيفة الأعلى بالاختيار خضع هذا القرار لرقابة القضاء الإداري باعتباره قاضياً للمشروعية، لاسيما أن المشرع لم يرد تحصين أية أعمال من الرقابة القضائية إلا إذا دخلت في مفهوم أعمال السيادة على النحو الذي استقر عليه قضاء هذه المحكمة والمحكمة الدستورية.إلغاء قراروكانت محكمة التمييز قد تلقت طعناً من وكيل وزارة المالية ضد إحدى الموظفات التي تحصلت على حكم قضائي إداري ابتدائي، وأيدت محكمة الاستئناف بإلغاء قرار وكيل وزارة المالية بتخطيها كموظفة في الندب إلى وظيفة مراقب لإحدى الإدارات وندب موظفة أخرى لهذا المنصب، رغم أنها الأقدم لشغل هذا المنصب والاكفأ في مجال العمل. اختصاص القضاءونظرت محكمة التمييز الطعن المقام من وكيل وزارة المالية أمامها، والذي استند فيه إلى أن قرارات الندب ينحسر عنها الاختصاص الولائي للقضاء، باعتبار أن الندب هو شغل مؤقت للوظيفة، بما يكفل حسن المرافق العامة، وانه لا يغير من طبيعة الندب هذه، لكونه أحد الشروط المتطلبة لشغل الوظيفة الإشرافية.وقالت محكمة التمييز في حيثيات حكمها «إن هذا النعي غير سديد، ذلك أن النص في المادة (1) من المرسوم بقانون رقم 20 لسنة 1981 والمعدل بالقانون رقم 61 لسنة 1982 بإنشاء دائرة بالمحكمة الكلية لنظر المنازعات الإدارية على أن تنشأ بالمحكمة الكلية دائرة إدارية تشكل من ثلاثة قضاة وتشتمل على غرفة أو أكثر بحسب الحاجة، وتختص دون غيرها بالمسائل الآتية وتكون لها ولاية القضاء والتعويض أولا:... ثانيا: الطلبات التي يقدمها ذوو الشأن بإلغاء القرارات الإدارية الصادرة بالتعيين في الوظائف المدنية. ثالثا: الطلبات التي يقدمها الموظفون المدينون بإلغاء القرارات الصادرة بإنهاء خدمتهم أو بتوقيع جزاءات تأديبية عليهم...» يدل في ضوء ما استقر عليه قضاء هذه المحكمة أن العبرة في تقدير مدى اختصاص الدائرة الإدارية هي بالنظر الى حقيقة وجوهر قرار الندب وصولا إلى تحديد ما إذا كان يدخل في اختصاصها من عدمه، فإذا أظهرت حقيقة استجلائه أنه قرار ندب لوظيفة عادية خرج عن ولاية الدائرة الإدارية، أما إذا كان هذا القرار يمثل في حقيقته مرحلة من مراحل شغل الوظيفة الإشرافية توطئة للترقية إلى الوظيفة الأعلى بالاختيار، «باعتبار أنه أحد شروط شغلها»، خضع هذا القرار لرقابة القضاء الإداري باعتباره قاضيا للمشروعية، لاسيما أن المشرع لم يرد تحصين أية أعمال من الرقابة القضائية، إلا إذا دخلت في مفهوم أعمال السيادة على النحو الذي استقر عليه قضاء هذه المحكمة والمحكمة الدستورية، لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد خلص صائباً إلى تأييد حكم محكمة أول درجة فيما انتهى إليه من أنه بصدور قرار الخدمة المدنية رقم 25 لسنة 2006 بشأن شروط شغل الوظائف الإشرافية بالوزارات والإدارات الحكومية والمؤسسات، أضحى الندب لمدة سنة أحد الشروط الواجب توافرها في الموظف قبل الترقية إلى الوظيفة الإشرافية لما يترتب عليها من إكساب الموظف المنتدب والمرشح للترقية خبرة عملية خلال مدة ندبه تؤهله للترقية للوظيفة الإشرافية، ورتب على ذلك خروج مفهوم الندب طبقاً لقرار الخدمة المدنية سالف الذكر عن المفهوم المطلق للندب بالنسبة لباقي القرارات الإدارية، ومن ثم انتهى إلى بسط رقابة الدائرة الإدارية بالمحكمة الكلية رقابتها على مدى مشروعية هذا القرار، وهو من الحكم استخلاص سائغ له معينه الثابت بالأوراق، ويؤدي إلى النتيجة التي انتهى إليها، فمن ثم يغدو النعي عليه بهذا السبب على غير أساس.إعادة الحالوعما يستند إليه وكيل وزارة المالية من قرار الندب لوظيفة إشرافية هو بطبيعته مؤقت يزول بزوال سببه بأن هذا النعي مردود بما هو مقرر في قضاء هذه المحكمة، انه وان كان الأصل انه يترتب على صدوره الحكم بإلغاء القرار الإداري المطعون فيه العودة بالحال إلى ما كان عليه، وكأن القرار الملغى لم يصدر قط ولم يكن له وجود قانوني وإعادة ترتيب المركز القانوني للمحكوم له في ضوء ما كشف عنه الحكم الصادر بالإلغاء. لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد خلص صائباً إلى تأييد الحكم الابتدائي الصادر بإلغاء القرار في ما تضمنه من تخطي المطعون ضدها بالندب إلى وظيفة مراقب بالجهة الإدارية الطاعنة، وهو ما يعني إعادة الحال إلى ما كان عليه قبل صدوره بالنسبة لطبيعة الندب طبقاً لقرار مجلس الخدمة المدنية رقم 25 لسنة 2006 دون أن يمتد إلى المساس بسلطة الجهة الإدارية في اختيار من تتوافر فيه شروط شغل تلك الوظيفة الإشرافية بالترقية إليها، ورتب الحكم على ذلك عدم مشروعية القرار الإداري، فإنه يكون قد التزم صحيح أحكام القانون ويغدو النعي عليه بهذا الوجه من سبب الطعن على غير أساس. ولما تقدم يتعين رفض الطعن.