صانعو الرسوم المتحركة يدخلون عالم ألعاب الفيديو

نشر في 10-11-2012 | 00:01
آخر تحديث 10-11-2012 | 00:01
لم يستوعب ريتش مور حجم المهمة التي يتولاها قبل اختيار شخصية «بوزر»، السلحفاة التي تبث النار في لعبةSuper Mario Bros. من إنتاج شركة «نينتندو». قال مور في مقر استوديوهات «والت ديزني» في بربانك: «إنها شخصية مشهورة جداً. في تلك اللحظة تحديداً، شعرتُ بالرهبة لأنني أعمل على هذا المشروع».
من خلال فيلم الرسوم المتحركة Wreck-It Ralph، يختبر ريتش مور مشروعاً أربك مخرجين آخرين لأكثر من 20 سنة: صناعة فيلم عن لعبة فيديو وضمان أن يجذب الجمهور المتطلّب الذي يشمل عشاق هذه الألعاب والعائلات العادية في آن.

يتمحور فيلم Wreck-It Ralph حول شخصية «رالف» (بصوت جون ريلي)، الشرير القوي التقليدي المعروف في لعبة اسمها Fix-It Felix، فيحاول في هذه القصة التخلص من أداء دور الشرير من خلال السفر إلى ألعاب أخرى في المنطقة التي يقيم فيها. بالإضافة إلى شخصية «بوزر» التي تظهر في اجتماع يتمحور حول مداواة الأشرار، دعّم مور فيلمه بشخصيات من أمثال «باك مان» و{القنفذ سونيك» و{مقاتل الشوارع» في عملٍ يهدف إلى جذب محبي الألعاب المعاصرة وبث الحنين في نفوس الراشدين الذين كانوا يضعون القروش في الآلات للمشاركة في ألعاب مماثلة خلال الثمانينيات والتسعينيات.

لن يصعب على الأرجح تحقيق أعلى الإيرادات في هذا النوع من الأعمال (من المعروف أن الأفلام المبنية على ألعاب الفيديو لا تحظى بإشادة النقاد ولا تنجح على شباك التذاكر). تعود لائحة الإخفاقات الكثيرة إلى فيلم Super Mario Bros في عام 1993 (آخر ظهور لشخصية «بوزر» على الشاشة الكبيرة)، وتشمل أيضاً أعمالاً منسيّة مثل Street Fighter و Doomو Max Payneو Prince of Persia.

واجه معظم تلك الأعمال المشكلة نفسها: يصعب اقتباس ملكية فكرية تكون فيها المتعة والتفاعل أهم من الشخصيات والقصة.

قال كيرك هاملتون، محرر في مدوّنة «كوتاكو» (Kotaku) لألعاب الفيديو: «الأفلام المقتبسة من ألعاب الفيديو لديها سمعة سيئة وهي تستحق ذلك. تكمن المشكلة التي نواجهها دوماً في واقع أن العوامل التي تضمن نجاح الألعاب لا تُترجَم عبر وسائل الإعلام».

ظهرت فكرة إعداد فيلم تدور أحداثه في عالم ألعاب الفيديو (من دون أن يرتكز على لعبة معينة) في استوديوهات «ديزني للرسوم المتحركة» منذ أكثر من 10 سنوات وكان المشروع حينها يحمل اسمJoe Jump، لكنه لم يتجاوز مرحلة الإعداد الأولي قبل أن ينضم مور (مخرج مخضرم لرسوم متحركة خاصة بالراشدين مثل The Simpsons

و Futurama) إلى الشركة في عام 2008.

طُلب من مور أن يعيد إحياء تلك الفكرة لكن وفق مقاربة جديدة، فاستجمع أفكاره ليتوصل إلى رؤية مثيرة للاهتمام علماً أنه سيتولى إخراج فيلم مماثل للمرة الأولى ولكنه خبير في عالم ألعاب الفيديو.

يتذكر مور ما حدث قائلاً: «تقوم شخصيات ألعاب الفيديو بالأمر نفسه كل يوم. لم أعلم كيف يمكن سرد قصة انطلاقاً من ذلك، ثم خطرت على بالي فكرة... ماذا لو كانت الشخصية الرئيسة تكره عملها؟ ماذا لو تساءلت الشخصية: هل تقتصر الحياة على هذا العمل؟».

جذبت فكرة مور المسؤول جون لاسيتر في استوديوهات «ديزني»، فاعتبرها فرصة لإنشاء مواقع وظروف متعددة انطلاقاً من ألعاب فيديو مختلفة.

ثلاثة عوالم خيالية

يعرض فيلم Wreck-It Ralph ثلاثة عوالم خيالية مستوحاة من ألعاب الفيديو ويشتق جميعها من ألعاب معروفة: لعبة Fix-It Felix التي تعكس أجواء الثمانينيات وتشبه لعبة Donkey Kong حيث يقفز اللاعبون لتجنب العوائق؛ ولعبة Hero’s Duty التي تشبه لعبتَي Call of Duty و Halo؛ ولعبةSugar Rush، عبارة عن سباق يشبه أحداث لعبة Mario Kart واللعبة الكورية الشهيرة KartRider.

للمساعدة على تصميم تلك العوالم، استعان مور بفريق عمل لديه خلفية فنية وخبرة في ألعاب الفيديو من استوديوهات «ديزني». لكن وجد الفريق صعوبة في عرض أجواء الثمانينات كتلك التي تميز لعبةFix-It Felix.

قال لاسيتر: «تدرب العاملون في الاستوديو جيداً على ابتكار مظاهر تبدو حقيقية وطبيعية. كنت أوصيهم بشكل متكرر بألا تبدو المشاهد مثالية بشكل مبالغ فيه».

في ما يخص اختيار شخصيات ألعاب الفيديو في الفيلم، تمكن لاسيتر من توجيه المخرجين استناداً إلى خبرته الخاصة. في فيلم Toy Story في عام 1995، وجد صعوبة في إقناع صانعي الألعاب بتقديم شخصياتهم إلى استوديوهات «بيكسار للرسوم المتحركة» كي تنتج أول فيلم لها من هذا النوع. لكن بعدما حقق الفيلم نجاحاً باهراً، دعمت شركات الألعاب تلك السلسلة فأصبحت شخصية باربي الأصلية واحدة من نجوم العمل.

لكن كانت مهمة شراء حقوق استعمال شخصيات معروفة من عالم ألعاب الفيديو شاقة بالنسبة إلى مور. فقد تم اختيار بعض الشخصيات بعد سلسلة معقدة من الإجراءات لكسب حقوق استعمالها بينما كانت الشخصيات الأخرى تنتمي إلى شركات لديها أفكار واضحة جداً عن كيفية استعمال ملكياتها الفكرية.

اجتمع مور والمنتج كلارك سبنسر مع ممثلين عن شركات ألعاب يابانية، من بينها «نينتندو» و{كابكوم» و{سيغا» و{نامكو بانداي»، ثم زارا لوس أنجليس لحضور المؤتمر الصناعي السنوي والترويج للفيلم عبر استعمال لوحات تعرض القصة المصوّرة.

لم يحصل المخرجون على حقوق استعمال جميع الشخصيات التي أرادوها (تبين أن رخصة استعمال شخصية ماريو من لعبة Super Mario Bros كانت مكلفة جداً). لكنهم نجحوا في ضم شخصيات أخرى من خلال التعامل بمرونة مع أصحاب الحقوق. قال سبنسر: «منذ البداية، قلنا إننا نريد أن نحافظ على هوية الشخصيات، لذا وعدنا الشركات بإعداد نموذج وإرساله إليها كي تتمكن من توجيه الملاحظات. كان يمكنها إبداء رأيها بدرجات الألوان ولون البشرة».

قدّمت شركة «نينتندو» ملاحظات كثيرة حول تصميم «بوزر» وقد ذهبت إلى حد التدقيق بطريقة حمله كوب القهوة. ثم احتدم الجدل حول حجم «بوزر» و{مقاتل الشوارع» المفتول العضلات.

أوضح مور: «في البداية، قيل إن حجم «بوزر» يجب أن يكون أكبر من ذلك. لذا كبّرنا حجمه. ثم اعتبر فريق شخصية «مقاتل الشوارع» أنه أكبر حجماً بكثير... كانت هذه المرحلة حساسة ومعقدة قبل التوصل إلى إرضاء الجميع حول حجم الشخصيات».

في الأصل، كان من المقرر اعتماد لعبة Fix-It Felix في الدور الرئيس بينما كان رالف ليصبح العدو الأبرز في القصة. لكن سرعان ما اعتبر المخرجون أن رالف دخيل في البلدة الصغيرة التي تدور فيها أحداث لعبة الفيديو والتي سيتعرف عليها الجمهور. قال جونسون: «أدركنا في مرحلة مبكرة أننا نحب هذه الشخصية التي تعيش في القمامة وترمي الأشياء على الناس. هو أظرف بكثير».

ثم اتضحت ملامح شخصيات أخرى مستوحاة من ألعاب الفيديو. على سبيل المثال، تكون فانيلوب فون شويتز المستوحاة من لعبة Sugar Rush (بصوت سارة سيلفرمان) مصابة بخلل تكنولوجي يجعلها تختفي من وقت إلى آخر. قالت الكاتبة جينيفر لي: «ذلك الخلل هو تجسيد ملموس لعدم الأمان الذي تشعر به فانيلوب ورالف».

حملة إعلانية واسعة

كانت شركة «ديزني» تتوقع تحقيق إيرادات عالية، لذا أنفقت الكثير على حملتها التسويقية فعرضت إعلانات خلال الألعاب الأولمبية الصيفية مثلاً. حتى إنها استهدفت الرجال من خلال عرض إعلانات أثناء الأحداث الرياضية والفتيات من خلال عرض إعلان تظهر فيه شخصية فانيلوب.

تستهدف بعض المواد الشبان الأصغر سناً من محبي ألعاب الفيديو كونهم الأقل ميلاً إلى مشاهدة فيلم كرتون من إنتاج «ديزني».

تعرض ثلاثة فيديوهات سريعة الانتشار إعلانات مزيفة في ساحة ليتواك حيث تدور أحداث الفيلم، بدءاً من عام 1982، مروراً بعام 1997، وصولاً إلى 2012، أي تلك السنوات التي ظهرت خلالها ألعاب Felix

وSugar Rush وHero’s Duty. كذلك، حاولت شركة «ديزني» استمالة أصحاب المدونات الخاصة بألعاب الفيديو بدءاً من محبي لعبة Fix-It Felix خلال المؤتمر الصناعي في شهر يونيو وصولاً إلى تقديم عرض خاص في سان فرانسيسكو في 17 أكتوبر.

قال لودفيغ كيتزمان، رئيس تحرير مدونة «جويستيك»، بعدما حضر العرض: «أحببتُ أن تُستعمَل ألعاب الفيديو كخلفية ممتعة للقصة بدل أن تكون محور العمل. لكنّ الأمر الوحيد الذي يصعب تصديقه هو أن تدور القصة في مكان لا يزال مفتوحاً».

لا تخفي الإعلانات مظاهر الألعاب في الفيلم. يتألف شعار فيلم Wreck-It Ralph من رسوم بيانية وتُظهر اللوحات الإعلانية رالف من دون أن يكون محاطاً بالشخصيات الثانوية في الفيلم بل بشخصيات «سونيك» و{كلايد» و{كيوبرت».

أوضح مور: «لم نعلم بأن الناس سيتجاوبون لهذه الدرجة مع الألعاب القديمة التي يحنون إليها حتى صدور أول مقتطف للفيلم منذ ستة أشهر تقريباً. لقد أيقظ الإعلان مشاعر الحنين في نفوس الجميع».

لم تظهر جميع الأفكار المفضلة بالنسبة إلى فريق العمل في النسخة النهائية التي تمتد على 93 دقيقة، بما في ذلك لعبة رابعة اسمها Extreme Easy Living 2 وقد اعتبر مور أنها صلة وصل بين لعبتَيThe Sims و Grand Theft Auto.

لكن مثلما تولّد ألعاب الفيديو سلسة لامتناهية من المغامرات في مواقع جديدة (هل يمكن أن نحصي عدد المرات التي أنقذ فيها ماريو الأميرة؟)، قد يسافر رالف إلى وجهات أخرى في عالم ليتواك.

قال مور: «أخبرنا جون لاسيتر بأن فريق العمل ابتكر أفكاراً كثيرة في سلسلة Toy Story لدرجة أنهم احتفظوا بجزء منها كي تعود وتظهر في الجزئين الثاني والثالث. إذا كنا محظوظين وتمكّنا من إنتاج أجزاء عدة وابتكار قصص إضافية في هذا العالم، فيمكن أن نعيد إحياء تلك الأفكار مجدداً».

back to top