رئيس الفتوى المستشار فيصل الصرعاوي لـ "الجريدة": للجهات الحكومية فصل المضربين والإضراب جريمة تستوجب المساءلة
"الامتناع العمدي عن العمل بغرض تعطيله مؤثم ومجرم"
كشف رئيس إدارة الفتوى والتشريع المستشار فيصل عبدالرحمن الصرعاوي عن جواز معاقبة الجهات الحكومية في الدولة الموظفين المضربين عن العمل ومجازاتهم تأديبيا بإحدى الجزاءات المنصوص عليها بالمادة 28 من قانون الخدمة المدنية وتبدأ بعقوبة الانذار وتنتهي بالفصل من الخدمة.وقال الصرعاوي لـ "الجريدة" إن الاضراب عن العمل في القطاع الحكومي يعتبر عملا غير مشروع وجريمة تأديبية تستوجب المساءلة حيث نصت المادة 26 من الدستور على أن الوظائف العامة خدمة وطنية تناط بالقائمين بها ويستهدف موظفو الدولة في أداء وظائفهم المصلحة العامة، لافتا إلى أن تشريعات الخدمة المدنية كرست هذا المبدأ الدستوري ونظمت أحكام الوظيفة العامة بما يحقق سير المرافق العامة بانتظام وإطراد بما يحقق مصالح الوطن والمواطنين.عقوبة تأديبيةولفت إلى ان المادة 24/ 2 من مرسوم قانون الخدمة المدنية تنص على أنه يجب على الموظف كما نصت الفقرة الأولى للمادة 27 من ذات المرسوم بالقانون على أن كل موظف يخل بالواجبات أو يخالف المحظورات المنصوص عليها في القوانين واللوائح يعاقب تأديبيا، وذلك مع عدم الاخلال بالمسؤولية الجزائية أو المدنية عند الاقتضاء.وقال الصرعاوي انه إذا كان اضراب الموظفين عن العمل كليا أو جزئيا يمثل إهدارا لأوقات العمل الرسمية، كما أنه يؤدي إلى اضطراب سير العمل بالمرافق العامة وحسن انتظامها بما يؤدي إلى تعطيل المصالح العليا للدولة فضلا عن مصالح وخدمات المواطنين التي أنشئت هذه الجهات من أجلها، الأمر الذي استقر معه مبدأ عدم جواز السماح لموظفي الدولة الوزارات أو المصالح أو الهيئات أو المؤسسات العامة بالاضراب عن العمل لما يؤدي إليه من آثار خطيرة تمس كيان الدولة فمن ثم يعد اضراب موظفي الدولة محظورا ومخالفا للقانون باعتباره منافيا لاصول ومقتضيات الوظيفة العامة ويمثل مخالفة تأديبية لكل من يقوم به.وأوضح الصرعاوي قائلا: "إذا كان يجب طبقا للمادة 81 من مرسوم نظام الخدمة المدنية حرمان الموظف المنقطع عن العمل من أجره وفصله من الخدمة إذا دام انقطاعه مدة 15 يوما دون قصد الاضرار بمصلحة العمل او تعطيله فإنه من باب أولى يكون المنقطع العمدي عن العمل بغرض تعطيله عملا مؤثما وجريمة تأديبية تستوجب المساءلة ولذلك يجوز للجهات الادارية التي يعمل فيها الموظف المضرب عن العمل مجازاته تأديبيا بإحدى الجزاءات المنصوص عليها بالمادة 28 من قانون الخدمة المدنية والتي تبدأ بعقوبة الانذار وتنتهي بالفصل من الخدمة".تعريف الإضرابوبين ان الاضراب هو التوقف الجماعي المدبر عن العمل بهدف ممارسة الضغط على صاحب العمل او السلطات العامة لاجبارها على الموافقة على وجهة نظره المضربين فيما يتعلق بموضوع النزاع، مضيفا ان هناك انواعا مختلفة للاضراب مثل الاضرابات الفئوية وهي اضرابات غايتها تحسين اوضاع الفئة التي تقوم بالاضراب، كتحسين شروط العمل او انقاص ساعاته او زيادة الاجور او الحصول على ضمان اجتماعي او ضمان صحي وما الى ذلك مما يتصل بالمصالح الخاصة للفئة المعنية ومنها الاضراب الذي يقوم به حاليا بعض العاملين في مؤسسة الخطوط الجوية الكويتية وكذلك الاضرابات السياسية وتقوم هذه الاضرابات احتجاجا على بعض اعمال او سياسات تلجأ اليه الدولة او الحكومة، وهناك الاضرابات التضامنية وهي اضرابات يحركها احتجاج على انتهاك حق من حقوق طرف آخر خلال الطرف المضرب دعما لمواقف ذلك الطرف وتعزيزا له. وقال ان ما يخص مدة الاضراب فيمكن تصنيفها على ان هناك الاضراب التحذيري وهو اضراب عن العمل لمدة محددة (ساعات او يوم واحد) وغايته تنبيه الجهة المعنية الى ضرورة الاستجابة للمطالب وكذلك الاضراب المفتوح وهو التوقف عن العمل والامتناع عن متابعته حتى تتم الاستجابة لمطالب المضربين او التوصل الى تسوية يقبلون بها وكذلك الاضراب الرمزي هو التوقف عن العمل لمدة قصيرة للغاية بهدف الاعراب عن مناصرة قضية او الاحتجاج على موقف او التضامن مع شعب او صاحب حق. ورغم ان الاضراب عن العمل في الغالب الاعم ينصرف الى معنى الاحجام عن العمل فان هناك نوعا آخر من الاضراب هو الاضراب عن الطعام strike hunger بهدف الاحتجاج على موقف او للتعبير عن مطالب شخصية للقائم بالاضراب.وفي ما يتعلق بالتنظيم القانوني للاضراب اشار الصرعاوي الى اتفاقية العهد الدولي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية التي لم تعرف الفقرة الثانية من المادة الثامنة منها الاضراب واكتفت بعدم حظر هذا الحق وان نصت على امكانية تقييده وتركت الاتفاقية الباب مفتوحا امام المشرع الوطني لكل دولة ومنحت المشروع الوطني مطلق الحرية في تقييد هذا الحق في ضوء مصالحها.ولفت الصرعاوي الى ان منظمة العمل الدولية صدرت عنها عدة اتفاقيات تتعلق ببعض المبادئ التي تحكم انظمة العمل والعمل النقابي والمفاوضة الجماعية الا انه لم تصدر عنها اي اتفاقية بشأن شروط وكيفية ممارسة حق الاضراب ولو في الحدود الدنيا.التشريعات المقارنةوعن التشريعات المقارنة قال الصرعاوي ان المادة التاسعة من القانون الاساسي لمنطقة بون في المانيا لا تعترف بحق الاضراب وانما تقر بحرية الاجتماع كما ينص القانون وان الاضراب يعد عملا لا يتوافق والعلاقات المعمول بها في القانون العام ومن ثم فالموظفون والعمال الذين يعملون في المصالح المختلفة للدولة يحظر عليهم ممارسة الاضراب واي مخالفة لهذا الحظر تعرض الموقف المضرب عن العمل لعقوبات تأديبية تصل الى الفصل من الخدمة.واشار الى ان المشرع الايطالي يعتبر الاضراب في القطاع الحكومي محظورا ومؤثما جزائيا، فقد نصت المادة 330 من القانون الجنائي الايطالي على ان ترك العمل من مجموعة من العاملين يعتبر جريمة يعاقب عليها القانون، واما في الدستور الاسباني الصادر في 27 ديسمبر 1978 فقد نص في المادة الثانية بالفقرة 28 على ان القانون الذي ينظم استعمال حق الاضراب يجب ان يكفل الضمانات الضرورية لاستمرار اداء الخدمات وفي الولايات المتحدة الاميركية فان اضراب الموظفين العموميين العاملين في الجهات الحكومية او الشركات المملوكة للدولة يعتبر وفقا للتشريع الاميركي تنازلا عن وظيفته اي يعتبر مفصولا بقوة القانون.واما عن التشريع الاردني فذكر الصرعاوي على انه نص على حظر اضراب الموظفين العموميين الخاضعين لنظام الخدمة المدنية واعتبر المشرع الاردني الاضراب عملا غير مشروع وهو ذات الحظر المنصوص عليه في التشريع المصري ونص على عقوبات جزائية في حالة مخالفة هذا الحظر لمساس الاضراب بالمصلحة العامة للدولة.* الإضراب عمل منافٍ لأصول الوظيفة العامة* مساءلة الموظف المخل بواجباته غير مستبعدة جزائياً أو مدنياً عند الاقتضاء* اتفاقية المعهد الدولي تركت لكل دولة حق تنظيم الإضراب دون إلزام