متلازمة كيو تي الطويلة تهدّد حياة ابني

متلازمة كيو تي الطويلة خلل جيني في نظام القلب الكهربائي، وهي تُعتبر أحد الاضطرابات الوراثية الكثيرة التي تصيب نبض القلب، إلا أن هذه المتلازمة تبقى الأكثر شيوعاً بينها، إذ تصيب واحداً من كل ألفي شخص حول العالم.

في حالة المرضى الذين يعانون هذه المتلازمة، يعمل القلب بشكل سليم كعضلة وكمضخة، إلا أن نظامه الكهربائي يعاني خللاً يجعله يشحن نفسه ببطء وبطريقة غير فاعلة استعداداً للنبضة التالية. نتيجة لذلك، يصبح القلب عرضة لنبض سريع عشوائي قد يتسبب بإغماء مفاجئ، أو إغماء مفاجئ تليه نوبة عامة، أو حتى توقف القلب عن النبض، ما قد يؤدي إلى موت المريض.

لا يعاني كثر من مرضى هذه المتلازمة أي عوارض، ولا يعرفون مسبقاً أنهم مصابون بها. ولكن ثمة إشارات تحذيرية إلى أن الشخص يعاني متلازمة «كيو تي الطويلة»، ومن الضروري معرفة هذه الإشارات، التي تشمل حالة إغماء مفاجئة لم يسبقها أي إنذار، خصوصاً خلال التمرن أو عند الشعور بالإثارة أو الهلع، فضلاً عن تاريخ عائلي يضم بعض الوفيات المفاجئة غير المبررة، لا سيما أقارب صغار السن. وإذا توقف قلب المريض فجأة عن الخفقان، فما من أمر يحول دون وفاته المفاجئة غير صدمة خارجية سريعة من جهاز مزيل الرجفان الآلي (automatic external defibrillator).

تشمل العوامل التي تسبب النوبات في حالة مرضى هذه المتلازمة ممارسة الرياضة، الإثارة، أو أي نشاط يؤدي إلى دفق من الأدرينالين. على سبيل المثال، إذا أُخذ المريض على حين غرة أو أجفله صوت عالٍ، مثل رنين الهاتف أو المنبه المفاجئ، فقد يُصاب بنوبة.

بما أن متلازمة «كيو تي الطويلة» مرض وراثي، تكون كل العائلة معرضة لها إن أصيب بها أحد أفرادها. وبعد تشخيص المرض، تنشأ ضرورة تقييم حالة كل أفراد العائلة (الأولاد، الأخوة والأخوات، والأهل) بعناية. وبما أن ابنك يعاني هذه المتلازمة، يجب أن تخضعي أنت وزوجك وباقي أولادكما لفحص دقيق. ولكن حتى لو شخّص الأطباء إصابة ابنك بمتلازمة كيو تي الطويلة وتأكدوا منها سريرياً وجينياً، لا داعي لإخضاع أفراد العائلة الذين لم يعانوا أي عوارض، يملكون فحوصاً قلبية طبيعية، وأكدت الفحوص أنهم لا يحملون الطفرة المسببة لمتلازمة كيو تي الطويلة لأي علاج. إلا أن من الضروري أن يراجع طبيب قلب متخصص في متلازمة كيو تي الطويلة حالتكم.

من المفرح أن التحكم في هذه الحالة ممكن. فيجب أن ينام المريض جيداً ويتناول غذاء صحياً غنياً بالبوتاسيوم. كذلك يلزم تفادي بعض الأدوية، من بينها أنواع محددة من المضادات الحيوية، مضادات الكآبة، والأدوية النفسية. ولا تترددي في الطلب من طبيب ابنك أن يعطيك لائحة كاملة بهذه الممنوعات.

بدائل

صحيح أن حاصرات بيتا فاعلة في الوقاية من هذه «النوبات الكهربائية»، غير أن بعض المرضى لا يتحملها ويحتاج إلى حماية إضافية. تتوافر في هذه الحالة بعض البدائل، من بينها زراعة جهاز مزيل رجفان صغير يصعق القلب ليعيده إلى نبضه الطبيعي، إن دعت الحاجة. يخضع المريض لجراحة بهدف زرع هذا الجهاز في صدره بغية مراقبة نشاط القلب الكهربائي. وإن عانى القلب أي تبدّل في نبضه يهدد حياة المريض، يرسل الجهاز المزيل للرجفان صعقة كهربائية تعيد القلب إلى حالته الطبيعية.

علاوة على ذلك، يتوافر اليوم بديل حديث نسبياً لزراعة جهاز مزيل الرجفان، ألا وهو العلاج بإزالة الأعصاب بواسطة التنظير بالفيديو. يستند هذا العلاج إلى إزالة سلسلة من الأعصاب على طول الجانب الأيسر من العمود الفقري. فيقلل من احتمال أن تؤدي الحالات التي تسبب دفقاً من الأدرينالين في الجسم إلى نوبة. صحيح أن هذا العلاج يحد من خطر النوبات إلى حد كبير، إلا أنه لا يُعتبر علاجاً جراحياً شافياً لهذه المتلازمة.

صحيح أن جهاز تخطيط القلب الكهربائي ذا الاثني عشر مسرى يُعتبر آلة الفحص الفضلى لتشخيص الإصابة بهذه المتلازمة، إلا أنه يخطئ أحياناً. لذلك من الأهمية بمكان فهم الإشارات التحذيرية، عدم التغاضي عنها، والعمل على أساسها.

في حالة متلازمة «كيو تي الطويلة»، قد تساهم الإجابة عن السؤالين التاليين في تفادي الموت المفاجئ:

- هل سبق أن فقدت الوعي فجأة من دون سابق إنذار خلال ممارستك الرياضة أو بعد تعرضك لمحفز سمعي مثل رنين المنبه؟

- هل توفي أحد أفراد عائلتك فجأة وبشكل غير متوقع قبل سن الخمسين؟

لا شك في أن وفاة أحد أفراد العائلة بشكل مفاجئ وغير مبرر وهو لم يبلغ بعد سن الخمسين تستحق التدقيق فيها. فقد تبين خلال دراسة عمليات تشريح هؤلاء المرضى أن 25% إلى 35% منهم كانوا يعانون خللاً وراثياً في القلب. وفي كثير من هذه الحالات كان بإمكان المريض أن يجيب بنعم جازمة على أحد هذين السؤالين. ولو اكتشف أنه يعاني متلازمة «كيو تي الطويلة» قبل فوات الأوان لأنقذ برنامج علاج خاص حياته.