السلطان الغزنوي يسقط صنم سومنات ويفتح بلاد الهند
تولى السلطان محمود بن سبكتكين الغزنوي عرش سلطنة غزنة (غزنيين الافغانية حالياً) بعد وفاة والده سنة 388هـ/998م، ووضع السلطان محمود مشروعاً لفتح بلاد الهند، ولكي يوفر الموارد الكافية لتنفيذ هذا المخطط الذي عجز عنه فاتح عظيم كالاسكندر الأكبر، مد سلطانه على كل بلاد إيران وما وراء النهر (وسط آسيا)، ولم يعد له أعداء يناوئونه في مشرق العالم الإسلامي كله، واعترف به الخليفة كحاكم مطلق على كل ما تحت يديه من بلاد وعباد، وتلقب محمود بالسلطان كأول حاكم مسلم يحمل هذا اللقب في التاريخ.وتحرك السلطان محمود في سنة 392هـ لمهاجمة بلاد الهند في عشرة آلاف من جنوده، والتقى عند مدينة بشاور جيش الملك جيبال الذي يتكون من 12 ألفا من المشاة يحتمون بثلاثمئة من الفيلة العظيمة، ونشبت معركة هائلة بين الفريقين، انتهت بانتصار السلطان محمود الغزنوي.
وتوالت انتصارات الغزنوي في بلاد الهند، يفتح ويهزم كل من واجهه من ملوك، ففتح إقليمي الملتان وكشمير، وكان الهنود إذا حقق السلطان محمود نصرا قالوا إن إله مدينة سومنات، أعظم أصنامهم، قد غضب عليهم وأنزل لعنتهم في صورة محمود الغزنوي، لذلك قرر الأخير أن يهاجم مدينة سومنات نفسها، ويسقط صنمها. وأعد السلطان أكبر جيوشه، التي قدرت بثلاثين ألف فارس نظامي وآلاف المتطوعين، وكانت المدينة حصنا منيعا، وكان أهالي سومنات واثقين بأن إلههم قادر على إنزال غضبه على من يريد تدنيس قدس أقداسه، وكانوا يظنون أن «سومنات» هو الذي دعاهم إلى معبده ليهلكهم ويريح البلاد منهم.لكن المدافعين عن قلعتهم سرعان ما أفاقوا من أوهامهم، حيث زلزلت قلوبهم صيحات آلاف الجنود المسلمين بالتكبير، وفرضوا حصاراً سريعاً انتهى بهزيمة الهنود، فاندفع من نجا منهم إلى معبدهم يدافعون عنه، وكانوا يدخلون إلى صنمهم يعانقونه ويبكون، ثم يخرجون للقتال، ولم يستطع صنمهم أن يمنع مصيرهم المحتوم، وولوا هاربين تاركين معبدهم وربهم في يد المسلمين يفعلون به ما يشاؤون.وغنم المسلمون كل ذخائر المعبد ومجوهراته، وهدموا «سومنات»، واشترك السلطان بنفسه في تحطيمه، وأرسل منه قطعا إلى «غزنة» و»مكة»، و»بغداد» إعلانا عن هذا الفتح العظيم، ثم عاد إلى بلاده.وبهذا الفتح يكون السلطان محمود قد مد رقعة العالم الإسلامي إلى بلاد جديدة، ليرفع الأذان في مناطق كانت مليئة بالشرك والإلحاد، ويشيد المساجد مكان معابد الأوثان، وينشر الإسلام سمحا بين الناس لينعموا بعدله ويعيشوا في أمن تحت ظله، وأن يضيف إلى العالم الإسلامي مساحة من الأرض تعادل –كما يقول المؤرخون– ما فتحه المسلمون في عهد الخليفة الراشد الفاروق عمر بن الخطاب.