الجريدة | تحليل سياسي: الخطاب الطائفي... حبل العلاقة بين الأكثرية والأقلية
* كلما بادرت الأقلية إلى الهجوم زاد توحد الأكثرية* "حمائم" الأغلبية تحاول التهدئة و"صقورها" تريد طرق الحديد ساخناً
* هل تحفظ الحكومة ماء وجه الشمالي وتخسر ماء وجهها؟الغد هو أحد مفترقات الطرق التي ستشهدها كتلة الأكثرية النيابية، كما يصفه أحد المراقبين، فمن المفترض أن تلتقي الكتلة غداً في ديوان النائب شايع الشايع، لتحسم موقفها بشكل نهائي من مشروع استجواب بعض أعضائها للوزير الشمالي، والذي كانت لجنتها التنسيقية قد بحثته أمس، وأعلنت إجماع أعضاء الكتلة على ضرورة رحيل الشمالي، لكنها اختلفت حول توقيت الاستجواب.وتفيد معلومات أولية يتداولها متابعون لشؤون كتلة الأغلبية بأن الكتلة تشهد جناحين هما الحمائم والصقور، حيث يسعى الحمائم إلى التهدئة وتخفيف سرعة عجلة المساءلة والمحاسبة، مع ترحيل بعض القضايا إلى أدوار الانعقاد القادمة ضماناً لاستمرار المجلس وللظهور بمظهر المتعقِّلين لا بمظهر المؤزِّمين، بينما يرى جناح الصقور أن المحاسبة والمساءلة ومحاربة الفساد هي عناوين خطابهم الانتخابي الذي اختارتهم قواعدهم وفقاً له، وأنه من المناسب طرق الحديد وهو ساخن، على حد تعبير أحدهم، أما قرار حل المجلس فيعتقده جناح الصقور قراراً معقداً ليس من السهل اللجوء إليه بهذه السرعة، وفي ظل هذه الظروف.كرة الثلجومن الواضح أن تأزُّم العلاقة بين السلطتين هذه الأيام هو مشروع استجواب كتلة الأغلبية للوزير مصطفى الشمالي، وهو كرة الثلج التي تتدحرج وتكبر يوماً بعد يوم، فالشمالي بالنسبة إليهم امتداد للحكومة السابقة وينظرون إليه على أنه مهندس لعمليات عديدة لها علاقة بالبنك المركزي ومحافظ الاستثمار وقرارات مؤسسة التأمينات الاجتماعية، وكانت كتلة الأغلبية قد اعترضت على توزيره في الحكومة الجديدة خلال لقاءاتها بالقيادات السياسية. ويجزم بعض المراقبين بأن المشهد السياسي سيكون أكثر تعقيداً وأكثر حساسية عند تقديم الاستجواب بشكل رسمي، ويشرحون الوضع قائلين إن "الحكومة أمام طريقين كلاهما مر، الأول أن تُوافق على صعود الشمالي المنصة، وهي تعلم جيداً أن نهاية جلسة الاستجواب ستشهد طلباً لطرح الثقة بالوزير، وإن لم يقدَّم بأكثر من 25 توقيعاً فإنه سيقدم بعشرة أسماء، لكن مقدميه على ثقة مطلقة، مثلما الحكومة على علم أكيد، بأنهم يملكون أكثر من 25 صوتاً مؤيداً لعدم التعاون، فهل ستقبل استقالته بعدها ليخرج الشمالي مكسوراً وتخرج الحكومة مهزومة؟ويوضح هؤلاء المراقبون مستطردين: "أما الطريق الثاني فهو قبول استقالة الشمالي قبل صعوده المنصة، وبذلك تكون قد حفظت ماء وجهه إلى حدٍّ ما، لكنها تكون قد خسرت ماء وجهها، وتكون قد فتحت الضوء الأخضر لكتلة الأغلبية للتحكم في مصيرها ومصير وزرائها، فتبقي من تريد وتقيل من لا تريد، والدور سيكون على الوزير الرجيب وربما وزير الدفاع"... هما طريقان كلاهما أمرّ من الآخر.تعقيدات هذا المشهد وحساسيته دفعا البعض إلى انتقاد تصريح وزير الإعلام الشيخ محمد العبدالله الذي قال فيه إن الحكومة لن ترفع كتاب عدم تعاون إذا قُدِّم استجواب الشمالي، لأن هذا البعض يرى أن هناك طريقاً ثالثاً أمام الحكومة، وهو الدفع بحل المجلس وإعادة فرز انتخابي جديد يراهن كثيرون على أنه سيكون مختلفاً، ولن تكون مخرجاته نفس مخرجات الانتخابات الماضية، لذا اعتبر هؤلاء أن تصريح وزير الإعلام جاء متسرعاً إلى حد كبير.من جانب آخر، تداولت الأوساط السياسية أخباراً مفادها احتمال إجراء تعديل وزاري جزئي في الصيف، وتعود خلفية هذه التداولات إلى أنباء عن سعي بعض الأقطاب السياسية والبرلمانية السابقة إلى إقناع حمائم كتلة الأغلبية، خاصة الكتلة الدينية وبعض المستقلين، بالضغط على "صقورها" لتأجيل استجواب الشمالي، مع تعهدهم بأن الحكومة ستشهد تدويراً وتعديلاً يضمن خروج الشمالي، وربما الرجيب، لضمان استمرار المجلس وإكمال دور انعقاده الأول، على أقل حال، لكن ليس هناك ما يؤكد أو ينفي هذه المعلومات.حبل العلاقةوبعيداً عن العلاقة بين الأكثرية والحكومة، وعوداً إلى العلاقة بين الأقلية والأكثرية، فإن الخطاب الطائفي هو حبل هذه العلاقة وهو أصلها، فالتيار الأصولي في الأكثرية استطاع أن يحقق إنجازات من خلال قرارات وزير الأوقاف التي صبت لمصلحته، وهو ما وتر الأقلية، ودفعها إلى مواقع هجومية، ظناً منها أنه الرد الأمثل، لكنه في حقيقة الأمر زاد توحد الأكثرية، ولم يعد الصراع بين الكتلتين محصوراً في الخلاف بشأن المساءلة والمحاسبة أو الاختلاف حول التشريع، بل اتجه إلى قضايا طائفية بحتة، وسيبقى كذلك، بل سيتضاعف ويستمر حتى يحسم استجواب الوزير الشمالي صورة المشهد السياسي وينهي حالة "الأكشن" التي تعيشها البلاد.