Life of PI... رحلة سراج شارما المدهشة من الهند إلى هوليوود

نشر في 01-12-2012 | 00:02
آخر تحديث 01-12-2012 | 00:02
كان سراج شارما في مهمة خاصة في يومه الثاني في لوس أنجلس. تحدث نجم فيلم
Life of Pi (19 عاماً) من منزله في دلهي، الهند، عن زيارته الأولى إلى الولايات المتحدة: «أردتُ أن أتناول البرغر هناك بغض النظر عما يحصل معي».
أثناء وجود سراج شارما في الولايات المتحدة خلال بضعة أيام من شهر يونيو الفائت لتسويق فيلم Life of Pi وزيارة حرم بعض الجامعات، كان مصمماً على تجربة بعض وسائل الراحة في كاليفورنيا مثل الطقس العجيب وأسلوب العيش المغاير.

قال شارما أثناء وجوده خارجاً في موقف شركة 20th Century Fox: «تتمتعون هنا بأشعة الشمس، لكنّ الطقس ليس حاراً. لم يخبرني أحد بهذا الأمر. هذا مدهش. في الهند، إذا كان الطقس مشمساً يكون الجو حاراً».

من المدهش أيضاً أن يتم اختيار شارما المبتدئ في دور «باي باتل»، أحد أصعب الأدوار التمثيلية في هذا الفيلم الذي يُعتبر من ضمن أكثر الأعمال الواعدة لهذه السنة. أشادت التعليقات الأولى عن الفيلم بأدائه المقنع على الشاشة.

فيلم Life of Pi من إخراج أنغ لي، ومقتبس من الرواية الماورائية التي حصدت أعلى المبيعات للكاتب يان مارتل. يؤدي فيه شارما دور شاب هندي ينجو من تحطم سفينة قبل أن يجد نفسه وحيداً على قارب نجاة مع نمر بنغالي. يؤدي شارما في هذا الفيلم أول دور تمثيلي له عبر تجسيد شخصية «باي»، دور كان ليطرح تحديات كبرى على أي ممثل مخضرم، فقد اضطر إلى التمثيل في وجه كائنات محوسبة، فضلاً عن كسب وفقدان 20 كيلوغراماً تقريباً وتجسيد الرحلة الروحية التي تخوضها شخصيته عبر بضعة سطور شفهية والظهور على الشاشة في معظم مشاهد الفيلم.

تبدو ملامح الاتزان والحماسة على وجه شارما، لكنه لا يبدو خائفاً بأي شكل لأنه سيتحول بين ليلة وضحاها من مراهق مجهول يلعب كرة القدم إلى نجم في فيلم مُنتظَر يُعرض بتقنية ثلاثية الأبعاد ومن إخراج رجل حائز جائزة «أوسكار». قال شارما: «يبدو الأمر أشبه بحلم ومشروع سريالي بالنسبة إلي. في حال فشل المشروع قد أشعر بالضغط والتوتر، لكنه لن يفشل. أتمنى ألا يفشل. «باي» لم يغرق على الأقل!».

مظهر بسيط

شاهد فريق اختيار الممثلين أكثر من ثلاثة آلاف شاب في الولايات المتحدة وكندا وبريطانيا والهند لاختيار من سيمثّل هذا الدور، وكاد شارما ألا يكون واحداً منهم. لم يكن مهتماً بالتمثيل ولكنه رافق شقيقه الأصغر سريهارش لإجراء تجربة أداء في دلهي على أمل بأن يتوقفا في محطة مترو الأنفاق لتناول السندويتشات بعد انتهاء التجربة. (ظهر سريهارش في أجزاء صغيرة من فيلم The Darjeeling Limited للمخرج ويس أندرسون في عام 2007، وفي فيلم For Real للمخرجة سونا جاين في عام 2010).

أوضح شارما: «رافقتُه بكل بساطة لأنني أردت تناول الغداء معه. فقالوا لي إن عمري مناسب للدور وطلبوا مني تقديم تجربة أداء. فأخبرتهم بأنني سأقوم بذلك بما أنني سأنتظر هناك في جميع الأحوال».

خلال تجربة الأداء، قرأ شارما بعض السطور من كتيّب قديم. كان مظهره البسيط (كان يضع نظارات وكان سنّه مكسورة) هو الذي لفت نظر مديرة اختيار الممثلين أيفي كوفمان التي تولت أيضاً اختيار الممثلين في فيلمَي Lincoln و Prometheusهذه السنة.

قالت كوفمان: «كان شقياً بعض الشيء. لديه ابتسامة ماكرة. وكان أكبر من عمره بما يكفي». اقتنعت كوفمان فوراً بأداء شارما، فقد كان تمثيله طبيعياً مقارنةً بالأسلوب السطحي الذي اتّسم به ممثلو بوليوود الشباب الذين شاركوا في تجارب الأداء.

قدّم شارما ثلاث تجارب أداء إضافية خلال الأشهر الستة اللاحقة. حين عرض لي لقطات له أمام المديرين التنفيذيين في شركة «فوكس»، سُحروا به سريعاً أيضاً.

لكن تطلّب إقناع أهل شارما وقتاً أطول. كانت والدته خبيرة اقتصادية ووالده مهندس برمجيات، وقد شعرا بالقلق من أن يفوّت ابنهما سنته الأخيرة في المدرسة الثانوية وقد أربكهما عقد العمل المعقد الذي عرضته شركة الإنتاج وفق قول كوفمان. أوضح شارما: «قال أنغ إن هذه التجربة ستكون تثقيفية بحد ذاتها وستغير حياتي وتعلمني أموراً أكثر من المدرسة. في النهاية، شعر والداي بالحماسة وشجعّاني على خوض التجربة».

نظمت والدة شارما احتفالاً صغيراً حيث عيّنت لي معلماً روحياً لابنها، فاعتبر المخرج أن نجم فيلمه هو تلميذه. كان يجب أن يتعلم الكثير عدا الأمور الأساسية التي تحصل في موقع تصوير الفيلم. على سبيل المثال، لم يكن شارما يجيد السباحة وكانت غالبية مشاهد الفيلم ستُصوَّر داخل حوض فيه 1،7 مليون غالون ماء في تايوان، فضلاً عن تصوير لقطات أساسية تحت الماء.

تولى مدرب الممثلين البدلاء في الفيلم، تشارلي كروويل، تعليم شارما السباحة ودرّبه على أداء مشاهده الخطيرة بنفسه وحبس أنفاسه في مشاهد طويلة.

أضاف شارما: «كان يجب أن أحبس أنفاسي طوال دقيقة. بدأتُ بفعل ذلك مدة 15 ثانية وكنتُ أعتبره وقتاً طويلاً جداً. حين خرجتُ من الماء، كان الجميع ينظرون إلي ويسخرون مني لأنني لا أحبس أنفاسي أكثر من 15 ثانية. لكنهم درّبوني. كانوا يربطون حبلاً في أسفل الحوض كي أغطس وأسحبه إلى الجهة الثانية... في نهاية التدريب، نجحتُ في حبس أنفاسي طوال دقيقة ونصف الدقيقة وكنتُ أتابع السباحة... كانوا يريدونني أن أبرع في السباحة لدرجة ألا أحتاج إلى التفكير بما أفعله وأن أركز على الأداء».

دروس يوغا وفلسفة

 

ستيفن كالاهان هو بحار كان قد صمد طوال 76 يوماً في طوافة نجاة في المحيط الأطلسي وتمت الاستعانة به في الفيلم كمستشار بحري يمكن الاستفادة من تجربته، وقد علّم شارما مهمات عدة مثل الصيد وبناء شراع. أخذ الممثل المراهق أيضاً دروساً في اليوغا والتأمل والتنفس والفلسفة.

قال المخرج لي: «أصبح سراج الزعيم الروحي لنا جميعاً. نحن متخصصون ولكننا مرهقون أيضاً. بعد صناعة الأفلام طوال 20 سنة، لا يمكن أن ندعي البراءة بعد الآن».

حين وقع الاختيار على شارما، كان يزن 68 كيلوغراماً. بفضل التدريب الجسدي، كسب ثمانية كيلوغرامات إضافية. ثم بفضل حمية غذائية ترتكز على تناول التونا والخس، انخفض وزنه مجدداً ليصل إلى 60 كيلوغراماً لأجل أداء الجزء الذي يصبح فيه «باي» على شفير الموت من الجوع.

تقاسم شارما مشاهده مع نمر بنغالي اسمه ريتشارد باركر. صحيح أن المخرج لي صوّر مشاهد مع نمور حقيقية لإدراجها في الفيلم، لكن في جميع المشاهد التي مثّل فيها شارما مع ريتشارد باركر، كان الحيوان محوسباً. لتخيّل الصورة المناسبة أثناء التصوير، شاهد شارما فيديوهات لنمور تلعب وتقاتل. ولإيجاد العواطف اللازمة في بعض المشاهد، كان يتكل على تدريب لي.

أضاف شارما: «لا يقول أنغ كل شيء بشكل مباشر ولكنه يبث فينا العواطف. يمكن أن نتصور ما يريدنا أن نتصوره. هذا الأمر يترسخ في عقولنا بطريقةٍ ما. لنفترض أن المشهد يتطلب ملامح حزن بسبب حصول حدث محبط. كان يطلب مني أن أغلق عيني وأن أستعيد الأوقات التي كنتُ أشعر فيها بالإحباط. كان يجعلني أفكر بأشياء معينة وأتحدث عن أمور تمنحني الشعور المطلوب. في نهاية المطاف، لا حاجة إلى التمثيل إذ تصبح المشاعر حقيقية بالكامل».

كان شارما يرتدي سترة وبنطلون جينز أثناء المقابلة وراح يتحدث عن مغامرته.

قال بكل جدية: «كانت التجربة كلها حقيقية بالنسبة إلي. أظن أنني عشتُ رحلة موازية: حين كان «باي» يخوض تجربته، كنتُ أعيش تجربتي الخاصة. نضجتُ من الناحية الروحية. بلغتُ الثامنة عشرة وأنا في موقع التصوير. غيرتني هذه التجربة من نواحٍ كثيرة. أدركتُ ما يحصل من حولي في العالم وفهمتُ سلوك الناس وطبيعتهم وأنّ الحياة تشمل أموراً كثيرة أخرى عدا تلك التي تراها العين... كنتُ أتمدد على المركب وأفكر بشخصية «باي» وبالحياة وبكل ما يحصل. بالنسبة إلي، لم أكن في موقع تصوير بل في مركب».

تابع شارما دراسة الرياضيات والاقتصاد، بناءً على إصرار أهله، خلال عشرة أشهر من التحضير والتصوير. وقد أنهى المرحلة الثانوية في الربيع بعد انتهاء الفيلم. هو يدرس الآن الفلسفة في كلية سانت ستيفان في نيودلهي، ويتمنى في مرحلة لاحقة أن يقصد جامعة نيويورك لدراسة الأفلام وأن يبدأ مسيرة مهنية من وراء الكاميرات، وقد ارتكز خياره هذا على تجربته الغنية أثناء تصوير الفيلم.

أوضح شارما: «أفكر في عقلي بأنني أريد في نهاية المطاف إخراج الأفلام وسرد القصص، ولا شك في أن الفلسفة ستمنحني رؤية أعمق ووجهة نظر مختلفة عن آراء الآخرين. عند عرض أي قصة، أريدها أن تكون عميقة. لقد شجعتني شخصية باي والمخرج أنغ على الغوص في أعماق الأمور. سأمثل مجدداً على الأرجح. لكن يبدو العمل من وراء الكاميرات أكثر إثارة للاهتمام».

رغم العيش ضمن موقع التصوير المحصور طوال أشهر، لم يكن شارما متأثراً بالنزعات التي تطبع هذا القطاع حين حضر عرض الفيلم الأول في مهرجان نيويورك السينمائي في شهر سبتمبر أو حين ظهر في  برنامج Today في الأسبوع الماضي. حين سُئل عما إذا كان استعان بمدير أعمال، أجاب قائلاً: «ليس على حد علمي».

هل بدت هوليوود مثيرة للاهتمام خلال زيارته الأولى؟ أجاب شارما مرتبكاً: «هل سبق وزرتم الهند؟ الهند مكان مجنون وتحصل فيه أمور جنونية... في كل مكان وفي كل زمان. يسير كل شيء بسرعة فائقة ويتحرك فيها كل شيء، ويمكن أن نجد آلاف الأشخاص في أي مكان ننظر إليه. تتعدد الألوان والنكهات ونجد الكثير من كل شيء. قد يصبح هذا الوضع مبالغاً فيه بالنسبة إلى بعض الناس. لكن أنا من هناك».

back to top