المحامية أريج حمادة: المجتمعات الصّغيرة أكثر تأثراً بالطلاق

نشر في 19-12-2012 | 00:01
آخر تحديث 19-12-2012 | 00:01
هل المرأة مرهقة لمال الرجل وأعصابه؟

يعدّ الطلاق مشكلة اجتماعية نفسية، وهو ظاهرة عامة يزداد انتشارها في المجتمعات العربية والخليجية خصوصاً.
في حديث إلى «الجريدة» توضح المحامية الكويتية أريج حمادة نقاطاً عدة في قانون الأحوال الشخصية الكويتي في شأن الطلاق، والآثار الاجتماعية والنفسية التي تنتج منه، من بينها الاضطرابات النفسية والسلوك المنحرف لدى الأطفال، والجريمة وغير ذلك.
من يتحمّل مسؤولية الطلاق برأيك؟

رغم المعاناة التي تعيشها المرأة المطلّقة وإلقائها باللائمة على الرجل، ثمة من يرى عكس ذلك ويصرّ على أن المرأة في معظم الأحيان تفتعل المشاكل، بالتالي ليست ضحية الزوج بل مرهقة لأعصابه وماله، ما يدفع الأخير إلى التخلص منها بأبغض الحلال «الطلاق». سواء كان السبب الرجل أو المرأة  النتيجة واحدة هي «الطلاق».

كيف نتجنب الطلاق؟

 ثمة أمر أساسي أدعو إليه دائماً لتجنب الطلاق وهو الحوار، فمفردات الحياة بحاجة إلى حوار والمجتمع الذي لا حوار فيه يتأزم وضعه وتختل أولوياته ويخسر استقراره ويتدهور، هذا ما يحدث في العلاقة الزوجية أيضاً. يفسح الحوار في المجال ليعبّر كل فرد في الأسرة عن نفسه بشكل طبيعي وسليم، وغياب الحوار يخنق هذه الحاجة الطبيعية داخل الأسرة ويحوّلها إلى بؤر نفسية محتقنة.

ما أهم أسباب الطلاق برأيك؟

ثمة أسباب عامة تشترك فيها المجتمعات كافة، أهمها: سوء الاختيار مثل زواج الفتيات برجال أكبر منهن سناً طمعاً بالثراء، الفارق الاجتماعي والمستوى التعليمي بين الزوجين، ما يصعب التفاهم حول المشكلات التي تواجه الأسرة، عجز الزوج عن الإنفاق ورغبة الزوجة وتطلعها إلى مستوى معيشة أعلى، الزواج من الأجنبيات وما يرافقه من اختلاف في الطباع، المستوى الفكري واختلاف العادات بما يفسد الحياة بين الزوجين، عدم تحمل كلا الطرفين المسؤولية، ذلك أن الزواج تترتب عليه مسؤولية تصاعدية مع مرور الزمن، وكلما زادت سنوات الزواج زادت المسؤولية.

من واقع عملك كمحامية، ما أبرز القضايا التي مرّت عليك؟

عاصرت بحسب تجربتي قضايا كثيرة واطلعت عليها، من أبرز الحالات المؤدية إلى الطلاق: صعوبة التفاهم بين الزوجين، حب السيطرة والعصبية التي تولد الشحناء والكراهية المؤدية إلى الصياح والسباب والعنف، التحقير غير اللفظي، عدم المبالاة، عدم الاكتراث بالطرف الآخر. ويعتبر التحقير غير اللفظي أكثر تأثيرا من التحقير اللفظي، فثمة فرق بين النقد البناء والنقد غير البناء، إذ يتسم النقد البناء بالاعتدال والتركيز على الفعل وعدم التهجم أو تحقير الآخر، وقد يزيد التهرّب من مواجهة المشكلات من حدتها ويطيل مدتها ويعوق فرص احتوائها.

كذلك أشير هنا إلى أن البدايات الحادة والساخنة أثناء الخلاف بين الزوجين والتصعيد بينهما قد لا يستحقان ذلك القدر من التشنج والانفعال تجاه بعضهما البعض وتجاه الموضوع ذاته.

على من تقع  مسؤولية هدم الأسرة؟

على الرجل، باعتبار أن تكوينه السيكولوجي وتجاربه في معترك الحياة يمنحانه قدرة أكبر على تحمل المشكلات التي تنشأ داخل الأسرة، بالإضافة إلى أنه هو  المتحكم في تربية أولاده.

من الواجب على الزوج أن يكون أكثر حرصاً على تكوين أسرة قوية يفخر بها، خصوصاً إذا كان المصدر الوحيد لدخلها، ولا يمنع أن تكون المرأة هي السبب في الطلاق إذا كان الزواج مبنياً على سوء الاختيار أو تتحدّر المرأة من مجتمع يختلف في عاداته وتقاليده عن المجتمع الكويتي المسلم.

ما التأثيرات السلبية التي تنتج من الطلاق؟

لا يدمّر الطلاق الأسرة وحدها بل يفكّك مجتمعاً بأكمله، ولا يمس شخصين فحسب كما يظن البعض، بل أفراد الأسرة كلهم، والأبناء هم الضحايا دائماً. قد يلجأ بعضهم إلى طرق سلبية مختلفة نتيجة ضياع القدوة وانشغال كل من الأبوين بحياته الجديدة، وطبعاً تتأثر أسرتا الزوجين.

قد يسبب بعض حالات الطلاق قطيعة رحم لدى المجتمعات الصغيرة التي تتميز بالترابط، فخلافات الأسر تنعكس على هذه المجتمعات وتؤدي إلى تفككها، كذلك يرسّخ هذا الطلاق لدى بعض الأبناء فكرة عدم احترام مفهوم الزواج، وينظر هؤلاء إلى تجربة الزواج في المستقبل بعين والديهما وتجربتهما، ما يؤدي إلى تكرار قصة الطلاق.

كيف نعرّف الخُلع، متى تلجأ الزوجة إليه؟

الخُلع هو إزالة الزوجية بلفظ الخلع أو في معناه في مقابل عوض مالي تدفعه الزوجة لزوجها، وهو مأخوذ من خلع الثوب أي إزالته. وتنصّ المادة 111 من قانون الأحوال الشخصية الكويتي رقم 51 لسنة 1984 على أن الخلع هو طلاق الزوج زوجته نظير عوض تراضياً عليه بلفظ الخلع أو الطلاق أو المبارأة أو ما في معناها، ولا يملك الخلع غير الزوجين أو من يوكلانه. فقد شرّع للزوجة أن تفتدي نفسها من عصمة زوجها بعوض تبذله له ويخلعها به، ولا حرج عليها في ما أعطت ولا حرج عليه أن يأخذ، والافتداء يحتاج إلى تراضٍ بين الطرفين لأن الخلع يقوم على أساس تعاقدي، فلا يستطيع الرجل مراجعة المرأة ولا تعود إليه إلا في زواج جديد بجميع شرائطه.

وهل ثمة شروط للمخالعة؟

يشترط الزوج في المخالعة إمساك الولد عنده مدة الحضانة. في هذه الحالة، يصحّ الخلع ويبطل الشرط فلا يسقط حقّ الأم في حضانة ابنها لأن للولد الحق في الحضانة، فلا تملك الأم تنازلاً عنه مقابل الخلع بناء على المادة 118 إذ نصّت على أنه إذا اشترط الأب في المخالفة إمساك الولد عنده مدة الحضانة صحّ الخلع وبطل الشرط، وكان للحاضنة أخذ الولد ويُلزم أبوه بنفقته وأجر حضانته.

وماذا عن الحكم بطلاق السكران؟

اختلف الفقهاء حول صحة طلاق السكران إذا كان سكره بتناول ما يحرّم عليه من الخمر، وقد اتجه مذهب أبو حنيفة ومالك على أن طلاق السكر يقع بحجة أن عقله زال بسبب ارتكابه للمعصية، فيقع طلاقه عقوبة عليه وجزاء له لارتكابه المعصية.

 أما مذهب الشافعي فذهب إلى عدم وقوع الطلاق، فقد استدلوا عليه بعد أدلة من بينها قوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ. وقد اعتبر مفقود الإرادة وزائل العقل أشبه بالمجنون والنائم، ولأن العقل شرط التكليف ولا يتوجه التكليف إلى من لا يفهمه، فالطلاق في هذه الحالة يضره ويضر غيره فلا يؤخذ به.

أخذ المشرّع الكويتي بالمذهب الشافعي لعدم صحة طلاق السكران لفقدان أهليته، فقد اعتبر فاقد العقل كالمجنون وذلك طبقاً لما نص في المادة 102 من قانون الأحوال الشخصية. وأما المجنون والمعتوه فلا يقع طلاقهما لأن إرادتهما معدومة وهذا بإجماع من الفقهاء.

هل ثمة حالات أخرى لا يقع الطلاق فيها؟

المكرَه وهو حمل الإنسان على عمل أو تركه بغير رضاه فلا يقع طلاقه، لأنه لا يعبر عن إرادته واختياره بل عن إرادة مكرهة، أما الغضبان فهو أن يبلغ به الغضب نهايته فيزيل عقله فلا يعلم ما يقول، وهذا أيضاً لا يقع طلاقه طبقاً للقانون الكويتي. أخيراً طلاق المدهوش، وهو من ذهب عقله من شدة الصدمة والذهول لخبر مؤلم أو سار وتركت خللاً أو أثراً في توازن أقواله وأفعاله، وقد قرر المشرع الكويتي عدم وقوع طلاقه.

back to top