وجهة نظر: خصخصة الكويتية... كيف ومتى؟

نشر في 17-11-2012
آخر تحديث 17-11-2012 | 00:01
 د. عباس المجرن بعد مخاض عسير وطويل امتد أربع سنوات، صدر مرسوم تحويل مؤسسة الخطوط الجوية الكويتية الى شركة مساهمة. وبموجب أحكام القانون رقم 21 لسنة 1965 ستتولى الحكومة تغطية الخسائر الكبيرة والمتراكمة للمؤسسة. وقد أكد المرسوم الخيارات الثلاثة لموظفي المؤسسة من المواطنين، والتي كانت قد طرحت للتنفيذ التدريجي منذ عام 2008، أي مواصلة العمل في الشركة أو الانتقال الى وظيفة بديلة في القطاع الحكومي أو التخلي عن الوظيفة في مقابل الراتب التقاعدي ومكافأة نهاية خدمة تعادل المرتب الشامل عن ثلاث سنوات. وتقدر كلفة المكافآت هذه بنحو 135 مليون دينار كويتي.

مهمة ثقيلة

ويفتح مرسوم تحويل المؤسسة الى شركة مساهمة الطريق أمام الادارة الجديدة للمؤسسة من أجل النهوض بها وتحويلها من حالتها الراهنة أي من مؤسسة بيروقراطية مترهلة، ذات كفاءة متدنية وتكلفة باهظة الى شركة طيران عصرية ذات قدرات تنافسية اقليمية عالية، وكما عبر سامي النصف الرئيس الجديد للمؤسسة الذي ألقيت على عاتقه هذه المهمة الثقيلة والصعبة فإن ذلك لا يمكن أن يتحقق دون اعادة بناء لهيكل المؤسسة ودون تطوير لأسطول طائراتها الذي يعاني تكلفة تشغيل وصيانة مرتفعة، وهو الأسطول المتقادم الذي توقف تحديثه وتدنت كفاءته منذ زمن طويل بسبب التعقيدات السياسية والقانونية والادارية التي شلت قدرة المؤسسة على التطوير والتحديث.

ولعل الصورة المخيفة لحالة أسطول «الكويتية» التي عرضتها المذكرة الايضاحية لمرسوم الضرورة كافية للدلالة على ما تقود اليه بيروقراطية العمل الحكومي من كوارث، وعلى ثقل المسؤولية الملقاة على عاتق فريق سامي النصف، حيث أشارت المذكرة الى أن كثرة الأعطال الفنية في أسطول طائرات المؤسسة وتردد شركات التأمين في توفير التغطية اللازمة لهذا الأسطول، تسبب في وقف تشغيل الطائرات، بل ان عدة شركات امتنعت عن تقديم خدمات الصيانة والفحوص الفنية لطائرات المؤسسة في عدد من مطارات أوروبا.  

كيف ومتى ؟

وبدون تحقيق نتائج باهرة على مسار تحديث ادارة الشركة وأسطول طائراتها فلن يتمكن الفريق المكلف بهذه المهمة، رغم ما يتمتع به من خبرات طويلة وكفاءة عالية، من تحويل الكويتية الى أصول مادية ومعنوية مغرية للمستثمر الخاص. ولا يمكن تحقيق نتائج طموحة وملموسة دون الغاء فعلي لكافة القيود السياسية والادارية التي أعاقت ليس حركة المؤسسة فحسب بل قرار تخصيصها أيضا على مدى العقدين الماضيين. كما ينبغي التنبه جيدا الى ما أورده التقرير الأسبوعي الأخير لشركة «الشال» وهو عدم وجود أفق زمني محدد لخصخصة المؤسسة، وفي حالة الكويت فان غياب الأفق الزمني الواضح والملزم قد يقود الى دخول عملية خصخصة الكويتية هذه الى نفق لا نهاية له. ولعل أول مهمة يجدر أن يتصدى لها مجلس ادارة الكويتية الجديد من أجل تفعيل مرسوم خصخصتها هي التقدم ببرنامج زمني شفاف ومفصل يحدد الخطوات العملية التي يزمع تنفيذها من أجل ضمان نقل مرسوم الضرورة من اطاره القانوني العام الى مساره التنفيذي على الأرض، على أن يكون هذا البرنامج الزمني ملزما وذا قوة قانونية مستمدة من المرسوم ذاته.

* أستاذ الاقتصاد – جامعة الكويت

back to top