مصر تتأرجح بين النماذج

نشر في 05-07-2012 | 00:01
آخر تحديث 05-07-2012 | 00:01
No Image Caption
 مسعود محمد كتبت صحيفة "الشرق الأوسط" في عددها الصادر يوم السبت 30 يونيو: "الرئيس المصري المنتخب الدكتور محمد مرسي، يحلف اليمين في ساحة التحرير بوسط الجماهير ويعد بالعمل على إطلاق الشيخ عمر عبدالرحمن الذي يقضي عقوبة السجن المؤبد في الولايات المتحدة، بعد إدانته في قضية التفجير الأول لمركز التجارة العالمي في نيويورك العام 1993".

صحيفة "الحياة" في عددها الأحد أول يوليو عنونت "يوم مأساوي لتراث مالي بتدمير حلفاء القاعدة أضرحة". دمّر إسلاميو "حركة أنصار الدين" ثلاثة أضرحة على الأقل مصنفة على لائحة التراث العالمي لمدينة تمبكتو شمال مالي.

الداعية الإسلامي صفوت حجازي يقبّل يد الرئيس المصري المنتخب ورأسه في مشهد لم يعتده المصريون من قبل.

في جلسة اجتمع فيها بعض المثقفين المنتمين إلى أقليات دينية غير إسلامية منهم اليزيدي، والشركسي، والأرمني، والدرزي، والمسيحي، وكردي فيلي (شيعي)... طرح سؤال مهم له علاقة بمستقبل تلك الأقليات: هل سنكون أهل ذمة في ظل خروج المارد الإسلامي من القمقم؟

سؤال مشروع للمجموعة المجتمعة كل الحق في طرحه، حيث يأتي على خلفية استلام الإسلاميين للحكم في تونس بداية، ومصر، كما ليس خافياً سيطرة الإسلاميين على الثورة الليبية التي أطاحت بنظام العقيد القذافي.

التجربة الأولى لـ"الإخوان" في الحكم كانت بوصول جناحهم الفلسطيني للحكم في غزة "حماس"، وهي تجربة كانت دموية بالكامل أُقصيت فيها حتى الفصائل الإسلامية التي لم تكن على وفاق مع حركة "حماس".

الأنظار كلها تتجه نحو مصر اليوم مترقبة تجربة "الإخوان"، وفي هذا الإطار هناك مجموعة أسئلة مثارة أهمها؛ هل سيطبق "الإخوان" الشريعة في مصر؟ أم سيأخذون منحىً علمانياً براغماتياً شبيهاً بالتجربة الإسلامية التركية؟ هل سيغير "الإخوان" النمط المديني للشعب المصري ويحولون الحياة إلى مسار يؤدي إلى تقديس شخص الرئيس بأن يصنعوا منه فرعوناً جديداً عبر تكريس تقبيل يده بما لا يوحي بفهم موقع الرئيس كموظف عام، كما قال الناشط المصري وائل غنيم؟

خير تعبير عن هذا القلق من تغيير نمط الحياة المصرية جاء عبر نكتة تم تداولها أخيراً، وهي أنه في ظل الرئيس الجديد مرسي سيتم تغيير اسم شارع الهرم بما هو معروف برمزيته، كشارع يضم كل أماكن اللهو الليلي غير المقبولة من التيارات الإسلامية إلى شارع الحرم، كدلالة على أن القادم سيكون تحريم الخمر وإقفال أماكن اللهو، وهو ما بدأ مؤسس حركة "الإخوان" المسلمين حسن البنا تاريخه به.

أما في السياسة، فيبرز السؤال الأكبر: ما مستقبل العلاقة مع إسرائيل وإيران؟ وليس سراً أن العلاقة فيما بين "إخوان" مصر وإيران علاقات جيدة، وهناك مزاعم بوجود حركة تشيع في الشارع المصري تحتاج إلى موقف صريح من "الإخوان"، هل سيشجعونها ويعيدون العلاقات مع إيران ويطلقون اسم الخميني على إحدى ساحات مصر كرد جميل على إطلاق اسم الإسلامبولي على أحد شوارع طهران؟!

هل سنشهد اجتماعاً للرئيس المصري مع قيادات الكيان الإسرائيلي المغتصب أم سنشهد استنفاراً للجيش المصري لخوض معركة الدفاع عن فلسطين؟ الجواب عن هذه الأسئلة سيشكل المشهد المصري الجديد.

أسئلة كثيرة تطرح نفسها: خوف الأقليات شرعي، الصوت العالي المعارض لـ"الإخوان المسلمين" صدر من الإمارات العربية المتحدة الذي عبر عنه بشكل شخصي قائد شرطة دبي ضاحي خلفان عبر حسابه الشخصي على "تويتر"، رافضاً "النموذج الإخواني" ومشدداً على رفض تصدير الثورة "الإخوانية" إلى بقية الدول العربية.

مما لا شك فيه أن الإمارات العربية المتحدة قدمت نموذجاً انفتاحياً يزاوج فيما بين المدنية والانفتاح والإسلام المعتدل، وتلخص تلك الحالة بتعبيرات عفوية تواجهك عندما تطأ قدماك الإمارات، فإذا أردت ممارسة عباداتك الدينية فلك كل الحق بذلك، فالمسلمون لهم مساجدهم والمسيحيون لهم كنائسهم، أما إذا كنت تبحث عن المتعة والسهر والسمر فهناك شبكة من الفنادق والمطاعم العريقة والمتطورة تقدم خدماتها بمستويات عالمية، فنجحت الإمارات بذلك في تقديم النموذج العربي المنفتح على حضارات وثقافات مختلفة يتعايش فيها الغربي والهندي والعربي باختلافات ثقافاتهم ودياناتهم.

سيكون "الإخوان" في مصر والمنطقة تحت المراقبة في المرحلة القادمة، والخيارات ستتراوح بين إنشاء وزارة للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، أو تبني النموذج التركي، أو المزج فيما بين المدنية والإسلام السمح على غرار التجربة الإماراتية. وكما يقول المثل الشعبي المصري... "يا خبر بفلوس بكره ببلاش".

*كاتب كردي

back to top