الشايجي في حالة عشق

نشر في 08-04-2012
آخر تحديث 08-04-2012 | 00:01
 آدم يوسف أنا من أهوى ومن أهوى أنا

نحن روحان حللنا بدنا

فإذا أبصرتني أبصرته

وإذا أبصرته أبصرتنا

*الحلاج

هل هي حالة عشق وتفان أبدي؟ أم التضحية في أسمى تجلياتها؟، من هو الحبيب، ومن المحبوب، بل وما العشق، وما حدود التضحية؟ أسئلة قد تباغتك حين التأمل في ديوان «عشق» للشاعر حمود الشايجي الصادر مؤخراً عن الدار العربية للعلوم ناشرون، فالكتاب يكاد يكون نصاً واحداً متعدد الأوجه، يصب في حالة شعرية مبهمة، وأقرب إلى التفاني والاندثار، إذ تمعن النصوص في جلد الذات، لإثبات حالة «علوية» واحدة يعيشها الحبيب/ المحبوب، في حين يتبعثر، ويندثر في فنائه العاشق/ المبهم/ اللاشيء، وهنا قد يكون الشاعر ذاته:

«أنا نقطة نور في مجرّتك

يا أيها المغناطيس الأعظم

أولد عند بابك وأغتسل

بمائك

لأتطهّر من ذنوب الأولين

في العشق».

كما هو الحال في قصيدة «المغناطيس الأعظم»، نجد نصوصا أخرى كثيرة، يمعن الشاعر من خلالها في وصف الهالة القدسية للمحبوب، ومدى بهائه، وسطوع نوره لحظة التجلّي، مما يجعلنا أمام حب كوني أعظم وأجل من نزوات الإنسان، لنقرأ مثلا نصوص: «قيامة، أنا موجود، كارما، أنا أنت، تمكن، عن شيخ الحب، خاصرة عقلي، دليل، خرائطي، في لمّة الحب». يختصر نص «أنا موجود» كل تلك الحالة من العشق والتفاني، يقول:

«من لا يعرفك لا يعرفني

من يغفل عنك يتهمني بالجنون

من لا يستطيع وصفك يقتلني

أنت أيها الواقف عند كل باب تصرخ:

أنا الموجود

لا ولد لدي ولا أطمح

ولا عشيقات ولاعبيد

أنا الواحد

أنا موجود

أنا الوجود.

تشتبك الحالة الصوفية مع الشعر الرومانسي، بل وهناك من الباحثين من يخلط بينها وبين الرومانسية بما تملكه من رقة، وعذوبة، وارتهان إلى الخلاء، ومن ثم الوحدة والتأمل، تشتبك هذه الحالة مع النص الصوفي المعروف بمصطلحاته، ومفرداته التي لا يمكن أن تسوق إلى دلالة سواه، فالفناء، والرؤية، والذوق، والكشف، والحلول، كلها قد ترد بألفاظ أخرى مرادفة، ولكنها في نهاية المطاف تجسيد لحالة واحدة تشبه أخراها، أولاها. وبحسب الباحث الدكتور محمد سعيدي، فإن العشق الرومانسي قد يرتبط مع الإحلال الصوفي، إلا أن الحالتين لا يمكن وضعهما في إطار واحد، فالرومانسي «استجابة للذات نحو الذات، أما الصوفي فهو استجابة للسمو نحو السمو، للذات نحو العلو».

ورغم ما يجتاح هذه التعريفات النظرية من غموض في كثير من الأحوال، فإن النص الشعري هو من يحدد إطاره، وحدود التعامل معه، فالشعور الذي يختلج الشاعر لحظة تماهيه مع كيان علوي ساطع، يذوب له، ويندغم معه تماما، ليس هو الشعور ذاته لنص رومانسي لا يتعدى حدود الخلوة مع الطبيعة، بشتى صنوفها وأشكالها.

وبالعودة إلى حالة التماهي اللانهائية نجد الشايجي يقول:

خذ قلبي معك

أغسلك بعشقي وتغسلني

بعشقك

أغادرك إليك وتغادرني

إلى خلاياي

لا أهاب بك أحدا

ولا تهاب

تسافر فيّ

وأسافر في حبلك الشوكي.

وأما في نصه «عن شيخ الحب» فإنه يمعن في وصف فنائه، وذوبان روحه، فهو لا شيء، ومحبوبه الشيء كله.

back to top