مصر... من يعيد مكانتها؟

نشر في 24-03-2012
آخر تحديث 24-03-2012 | 00:01
No Image Caption
 يحيى علامو خصوصية مصر جعلتها بأمس الحاجة إلى هذا الربيع، بل إلى أكثر من ربيع لتعود عزيزة إلى شعبها وشامخة إلى عرين عروبتها الذي هجرته طويلاً؛ مما أصابها بالهزال مع ضعف قومي شديد رسمي نتيجة لسياسة التبعية التي اعتمدها العهد المخلوع.

الاختلاف ضرورة حياتية وإنسانية للوصول إلى الأفضل... وعند العرب ثقافة طبيعية تجنح إلى درجة الإلغاء، وقلما اتفق العرب على أمر ما وأجمعوا عليه ولو كان مهماً، مثلما أجمعوا على زعامة مصر عبدالناصر للأمة واعتمادها مرجعية للعرب، بل "بيت العرب" بلا منازع.

وهذا الإجماع يعتبر الاستثناء في الحالة العربية الواسعة الاختلاف، وهذه المكانة لمصر لم تأتِ من فراغ، بل تكاملت فيها عوامل الريادة من جغرافية وتاريخ وكاريزما وبُعد قومي تحرري، مما جعلها تتخطى الحالة العربية لتشغل حيزاً مهما في الحالة الإفريقية، بل في السياسة الدولية عموماً.

وهذا التكامل إن غاب غاب المجد معه مهما كانت البدائل... وكامب ديفيد إحدى هذه البدائل التي قوضت مكانة مصر إلى درجة الاستباحة.

الربيع العربي كان ضرورة وطنية وقومية لكي تعود الشعوب العربية إلى أوطانها بعدما هجرتها قسراً لتساهم ببنائها وصناعة مستقبلها؛ بعدما غيبها الاستبداد عن ساحة الفعل والقرار. وخصوصية مصر جعلتها بأمس الحاجة إلى هذا الربيع، بل إلى أكثر من ربيع لتعود عزيزة إلى شعبها وشامخة إلى عرين عروبتها الذي هجرته طويلاً؛ مما أصابها بالهزال مع ضعف قومي شديد رسمي نتيجة لسياسة التبعية التي اعتمدها العهد المخلوع.

المرحلة الأولى من الربيع فتحت الأجنحة وقلصت الانكسار وقيدت بعض الفساد وحلقت نيابياً، لكن بغير ما تشتهي السفن لاعتماد العاطفة معياراً للاختيار، فالإسلام شرع الله لكن الإسلاميين ساسة وليسوا دعاة حتى ننساق وراءهم بهذا الشكل ونقبل بخياراتهم.

فالعالم الإسلامي ليس خياراً استراتيجياً لمصر إنما هو حزام أمني ومصلحي من الدرجة الثالثة بعد العرب، وإفريقيا استناداً لمفهوم الدولة المدنية ومصالحها المشروعة، ومهما اقتربت منه لن يكون عمقاً فاعلاً لها إنما ستصبح فيه بأحسن الأحوال عضواً مهماً في المؤتمر الإسلامي، وذلك لتعدد الأقطاب فيه كالسعودية وتركيا وإيران... إلخ. إضافة لعدم أهمية الأمن الإسلامي لغيابه تماماً بسبب تعدد الأحلاف والتحالفات في الدول الإسلامية، وأكثرها خارجية ومقيدة للحركة.

والحالة العربية هي تقريباً على هذه الشاكلة نفسها، لكن بعودة الربيع وعودة مصر إلى دفئها القومي يمكن صياغة أشكال من التحالفات العربية اقتصادياً وسياسياً ومائياً تحقق الأمن القومي العربي بعدما قُوض لغياب المركز وتعدد المرجعيات.

ولمزيد من المعلومات يمكن قراءة فترتي محمد علي باشا وجمال عبدالناصر قراءة استراتيجية معمقة بعيداً عن رواسب الماضي وعن النظرة الإيديولوجية الضيقة، آخذين في الاعتبار المصلحة القومية لمصر.

الربيع الأولي كان نيابياً وأوصل من نجد صعوبة في محاسبتهم وطنياً، وذلك لتعدد الفتاوى والاجتهادات إضافة إلى مقدرتهم على ترحيل أي قصور في الأداء إلى مشيئة القدر- لا اعتراض- لكن الأمل في الربيع الثاني رئاسي بأن يتعدل الميزان ويكون الاختيار متبصراً، ومعياره مكانة مصر عربياً ودولياً ودورها في صناعة القرار.

الحرية مسؤولية والاختيار مهمة وطنية، وكلما كان الاختيار دقيقاً كان الوطن حراً عزيزاً.

back to top