«سورية الحرة» تواجه وقتاً عصيباً

نشر في 08-12-2012 | 00:01
آخر تحديث 08-12-2012 | 00:01
No Image Caption
من المستبعد أن توفر الدول الغربية كميات مهمة من الأسلحة للجيش السوري الحر مباشرةً، إلى أن يتم الاعتراف صراحةً بالائتلاف الوطني السوري كحكومة في المنفى، وإلى أن يصبح الجيش السوري الحر تحت سلطة قيادته.
 Shelly Kittleson مع وصول حصيلة القتلى في سورية إلى 40 ألف شخص وهروب نحو 400 ألف لاجئ إلى ما وراء الحدود السورية، قد يؤدي نقص التمويل للمشاريع المدنية في المناطق التي تخضع لسيطرة الجيش السوري الحر إلى إضعاف الجهود الرامية إلى الحفاظ على وحدة السكان وفاعلية خطوط الاتصال المحدودة أصلاً.

يتنقل عدد من الناشطين السوريين الشباب بين اسطنبول والمدن التي يسيطر عليها الجيش السوري الحر لإنشاء مجالس إدارة محلية، وهم يتسابقون لتوفير الخدمات الأساسية إلى الشعب قبل وصول موسم شتاء جديد وسط انقطاع الكهرباء وصعوبة الوصول إلى الضروريات الأساسية واستمرار قصف المناطق المدنية. تنسّق هذه الجماعات نشاطاتها مع العاملين في الخدمات الطبية في المنطقة الحدودية وعناصر الجيش السوري الحر، وهي تحرص على متابعة تواصلها مع السفارات والجهات المانحة الفردية والسكان المحليين.

عبدالله لبواني (27 عاماً) هو نسيب المنشقّ والطبيب كمال لبواني، وهو يعمل مع مجالس الإدارة المدنية التابعة للمنظمات غير الحكومية الناشطة من اسطنبول. في "حياة أخرى" (إنها العبارة التي يستعملها لبواني للتحدث عن الفترة التي سبقت الثورة)، كان يعمل كمهندس ويعلّم في جامعة دمشق. هو يتابع التواصل مع الموجودين داخل سورية من اسطنبول، ويحاول في الوقت نفسه إقناع الممثلين الدبلوماسيين الغربيين بإرسال الأموال لتوفير الحاجات الطبية والغذائية ومعدات الاتصال التي تديرها المجالس.

سافر مراسل وكالة الأنباء العالمية "إنتر برس سرفيس" (IPS) مع لبواني إلى سرمين في شمال غرب محافظة إدلب السورية في شهر نوفمبر. بعد أن كانت تلك البلدة تضم حوالي 20 ألف مقيم قبل الانتفاضة، هرب الآلاف من هناك وسط استمرار الصراع في المنطقة. في شهر مارس من هذه السنة، تدمّر 318 منزلاً و87 متجراً وعدد من المستودعات والصيدليات والمساجد خلال عمليات القوات النظامية السورية على البلدة.

اكتشفت منظمة "هيومن رايتس ووتش" أن قوات النظام قتلت 95 مدنياً على الأقل خلال اعتداء على الأجزاء الشرقية والجنوبية من المحافظة، وقد أُعدم بعضهم من دون محاكمة في بعض الحالات. على سبيل المثال، جُرّ ثلاثة أشقاء من عائلة الحاج حسين من منزلهم في سرمين وتكبّلت أياديهم وقُتلوا وأُحرقوا أمام والدتهم لتلقين "درس" لسكان البلدة.

أصبحت بلدة سرمين تحت سيطرة الجيش السوري الحر منذ شهر مارس الفائت، لكن يمكن سماع صوت القصف بالقرب من البلدة في مناسبات متكررة حتى الآن. خلال الأيام التي أمضيناها هناك، رُصدت مروحيات كانت تحلّق في الأجواء في بعض المرات. قيل إن النظام عمد إلى إسقاط قنابل وذخائر عنقودية على البلدات في تلك المحافظة.

يستعمل السكان المشاعل والشموع والمصابيح والمولّدات، ويكونون محظوظين إذا حصلوا على الكهرباء لساعة أو ساعتين يومياً (خلال تلك الساعة، يسارع الناس إلى تشغيل التلفزيون لمشاهدة الأخبار وإعادة شحن بطاريات هواتفهم).

وسط صوت المولّدات في خلفية المكان، عُقد اجتماع خلال ليلتي الأولى هناك في قبو، حيث التقى أعضاء محليون تم اختيارهم لتشكيل المجلس. كان الرجال المحليون الذين تراوح عددهم بين 20 و25 شخصاً يشعرون بالحماس تجاه الاحتمال الذي تحدث عنه لبواني عن إرسال عدد منهم إلى اسطنبول لتلقي دورات تدريبية إذا نجحت مجالس الإدارة المدنية في جمع الأموال. كانت أكواب الشاي والمشروبات الغازية المُنتجَة في تركيا تُوزَّع حين يشعر المجتمعون بالتعب ويفقدون تركيزهم.

ارتدى البعض الكوفيّة الحمراء والبيضاء التقليدية، بينما فضّل إمام وطبيب ارتداء ثوب فضفاض طويل. لكن كان معظم الموجودين شباباً وكانوا يلبسون سراويل جينز، في حين ارتدى الأشخاص الأكبر سناً أزياء غربية من سراويل وقمصان رسمية.

تمحورت نقطة الخلاف الأساسية حول إمكانية إشراك عناصر الجيش السوري الحر في مبادرات مماثلة وضمان دورهم في الإدارة المدنية، لأن استعداد السفارات لتوفير الأموال يتوقف على التمييز الواضح بين المبادرات المدنية والمساعدات العسكرية. لكن يشعر قادة الجيش السوري الحر بأنهم يستحقون تولي مناصب في السلطة ضمن إدارة البلدة.

خلال الأيام اللاحقة، زار المراسل بلدة طعوم المجاورة التي لا تقع بعيداً عن قاعدة تافتناز العسكرية. من أصل 7 آلاف مقيم قبل الصراع، يُقال إن أقل من ألفي شخص يلازمون البلدة اليوم. فضّل أعضاء الجيش السوري الحر على الأرجح البقاء في هذه البلدة المليئة بالركام وبقايا الذخائر المتفجرة وغير المتفجرة وبعض القطط المتشردة. يستمر قصف البلدة حتى الآن، ويحصل الأمر نفسه في 60 إلى 200 بلدة أخرى في أنحاء سورية يومياً.

يكرر مقاتلو الجيش السوري الحر مطالبتهم بأسلحة إضافية ويدّعون أنهم إذا حصلوا عليها قريباً فقد "يتجنبون الحاجة إلى كميات كبيرة من المساعدات الغذائية وغيرها" بحسب قول أحد المقاتلين أبوياسر.

لكن نظراً إلى تداعيات نقل الأسلحة إلى جهات غير رسمية في العقود الأخيرة، فمن المستبعد أن توفر الدول الغربية كميات مهمة من الأسلحة للجيش السوري الحر مباشرةً إلى أن يتم الاعتراف صراحةً بالائتلاف الوطني السوري كحكومة في المنفى، وإلى أن يصبح الجيش السوري الحر تحت سلطة قيادته.

تأسس الائتلاف الوطني السوري في الدوحة في 11 نوفمبر ليحل مكان المجلس الوطني السوري، وقد تم الاعتراف به حتى الآن باعتباره "الممثل الشرعي الوحيد" للشعب السوري من جانب مجلس التعاون الخليجي وفرنسا وتركيا وبريطانيا.

لم يتضح بعد ما إذا كان الأشخاص الذين يخوضون القتال مستعدين للتخلي عن السلطة لمصلحة غير المشاركين في القتال. باستثناء القادة، عبّر جميع أعضاء الجيش السوري الحر عن آمال مختلفة للمستقبل: هم يريدون العودة إلى دراستهم وفتح عمل خاص بهم، أو التسجيل في أكاديمية عسكرية "للحصول على تدريب حقيقي" كما قال المقاتل والطالب الجامعي السابق أبويحيى.

في غضون ذلك، يبدو أن مجالس الإدارة المدنية هي واحدة من الوسائل القليلة التي تضمن تنظيم الجماعات وتحرص على استعمال التمويل الخارجي، لتوفير الخدمات الأساسية وإنشاء قناة منظَّمة للتواصل والتنسيق بين من هم داخل منطقة الصراع ومن هم خارجها.

back to top