«الأنوثة الإسلامية»... وجه المرأة الخفي

نشر في 25-11-2012 | 00:01
آخر تحديث 25-11-2012 | 00:01
No Image Caption
صدر عن «جداول» كتاب «الأنوثة الإسلامية» للصحافية الأسترالية جيرالدين بروكس، التي عملت كمراسلة في المشرق العربي لصحف أوروبية شهيرة عدة، من بينها «وول ستريت جورنال». ترجمت الكتاب براعم سلمان، وقسمته بروكس إلى مقدمة و12 فصلاً، في كل منها تركّز على قضية تتعلق بالنساء في العالم الإسلامي.
يتمحور كتاب «الأنوثة الإسلامية» حول سؤال طرحته جيرالدين بروكس حول واقع المرأة المسلمة، وحاولت الإجابة عنه من خلال جولات ميدانية في عدد من دول الشرق الأوسط، بعدما أمضت سنوات تطرق الأبواب الموصدة لهذا الشرق. عبر تنقلاتها الكثيرة، تأخذنا الصحافية الأسترالية إلى بيوت النساء في كل زاوية في الشرق الأوسط: المملكة العربية السعودية، إيران، لبنان، العراق، الإمارات، الأردن، قطاع غزة، ومصر، التي فتحت لها النافذة كي تلج إلى هذا العالم وأجوائه، فقدمت كشوفات صريحة وفاتنة ومؤلمة! ولم تكتف الكاتبة بمقابلة خديجة، زوجة الخميني، وابنته زهراء، لمعرفة واقع المرأة المسلمة في إيران، ولا بالجلوس إلى جوار الملك حسين حينما أخذها في جولة في طائرته الهليوكوبتر فوق أجواء عمّان، إنما توغلت في التفاصيل، ودخلت إلى أعماق نجد، وجلست على مقاعد كلية الشريعة في قطاع غزة، محاولةً الإجابة عن سؤالها المهم: «لم يقصد الإسلام أبداً أن يضطهد المرأة، فعلام تُضطهد أغلبية نساء المسلمين؟».

في الفصل الأول المعنون «الحجاب المقدس»، تعتبر بروكس أن الحجاب هو العلامة الأوضح على النهوض الإسلامي، بدأ ذلك في عام 1967 بعد خسارة مصر المأساوية أمام إسرائيل في حرب الأيام الستة. ولتبرير الهزيمة توجه الفلاسفة المسلمون بإصبع الاتهام إلى علمانية حكومة جمال عبد الناصر، وحثوا المصريين على العودة إلى الشرائع الإسلامية التي تخلوا عنها، وشيئاً فشيئاً أخذ عدد المتحجبات يتزايد. وتضيف بروكس أن البلاء الحقيقي جاء مع الثورة «الثيوقراطية» الإسلامية الإيرانية، حين أصبح الحجاب فعلاً دينياً علاوة على كونه فعلاً سياسياً. ففي عام 1935 حرم والد الشاه الشادور، إذ كان يريد لبلاده أن تظهر بمظهر عصري واعتبر أن العباءة السوداء القديمة لا توحي بذلك. ولكن النساء المتدينات، خصوصاً الكبيرات منهن، لم يستطعن التأقلم مع هذا التغيير المفاجئ. وأصبح ما سمي بحركة التحرير شكلاً من أشكال السجن، فالرجال الذين راحوا يبيحون لبناتهم الذهاب إلى المدارس تراجعوا عن رأيهم عندما أصبح الأمر يعني أن عليهن المشي إلى الصف سافرات. والنساء اللائي عصين أمر الشاه وخاطرن بالنزول إلى الشارع محجبات كن عرضة لتمزيق أغطيتهن وقصها من الجنود. كذلك حظر عليهن استخدام وسائل النقل العامة ودخول المخازن. وتجنباً لهذه الإهانات، فضلت كثيرات منهن البقاء في البيوت. وحين تصاعد الضغط الثوري في نهاية السبعينيات أصبح ارتداء الشادور رمز الاحتجاج على الشاه ومسانديه الغربيين.

ثلاثة بلدان إسلامية

تفيد جيرالدين بروكس بأنه في عام 1994، قادت النساء ثلاثة بلدان إسلامية. مع ذلك، كان لوجودهن في قمة السلطة تأثير طفيف في حياة نساء القاع، ففيما كانت تانسو تشيللر تركز اهتمامها على إعادة صياغة الاقتصاد التركي، كانت الشابات التركيات اللائي يضبطن مع الرجال في المناطق الريفية يجبرن على الخضوع لفحص العذرية في مخافر الشرطة المحلية. وفي حين أصبحت بيجوم خالدة زيا البنغلادشية أول امرأة مسلمة رئيسة دولة تلقي خطاباً في الجمعية العامة للأمم المتحدة في عام 1993، كان المتطرفون يستخدمون التهديد بالموت في محاولة لإسكات كاتبة بنغلادشية انتقدت بعض جوانب الإسلام. وفي دورتها في الحكم، أبقت الباكستانية بنازير بوتو قوانين الاغتصاب التي تعاقب الضحية بوصفها زانية وتترك المغتصب حراً طليقاً. وعند عودتها إلى السلطة عام 1993، تهيأ لبعضهم أنها قد تكون أفضل، واعدة بإنشاء مخافر شرطة نسائية بكاملها وبتعيين قاضيات.

تتابع بروكس، أن جانباً من الصعوبة التي تواجهها القياديات في البلدان الإسلامية هي أن مناصبهن غالباً ما تكون غير واضحة المعالم ودائماً تتهددها مخاطر العودة إلى الوراء. ففي تركيا، طفت على السطح دلالات الاستياء من جنس تشيللر، حيث بدأ مندوبو رئيس الوزراء الأسبق مسعود يلماظ في أحد المؤتمرات يهتفون: «ليعد مسعود إلى السلطة ولتعد تانسو إلى المطبخ».

في الأردن نالت النساء حق الاقتراع عام 1973، لكن لسوء حظهن، لم تتح لهن فرصة ممارسة هذا الحق، لأن البرلمان كان معلقاً منذ عام 1967، حتى دعا الملك حسين إلى الانتخابات عام 1989. ظنت توجان الفيصل، وهي مقدمة برامج تلفزيونية، أن أمامها فرصة طيبة للفوز بمقعد. فهي، قبل عام من ذلك، كانت تعدّ برنامجاً جديداً يدعى «قضايا نسائية»، يخوض كل أسبوع في موضوع يهم النساء. وسرعان ما أصبح أكثر العروض التلفزيونية إثارة للجدل في تاريخ الأردن. وإحدى حلقاته التي استهجنت كانت عن ضرب الزوجة والذي جر مئات الرسائل من الرجال الحانقين، الذين أصروا على أن ضرب الزوجات حق إلهي. وعندما ألغت محطة التلفزيون برنامجها بعد عام من التهديدات تقريباً، قررت توجان أن تتقدم للانتخابات. وكان جزءاً من برنامجها إصلاح قانون الأسرة لإعطاء مزيد من الحقوق للنساء. فرد الأصوليون على عضويتها في البرلمان بتوجيه التهم إليها في المحكمة الدينية، خصوصاً اتهامها بالردة. ومع أن القرآن يحكم بالموت على المرتدين، إلى أن الأردن لم يصادق على تنفيذ مثل هذه العقوبة. مع ذلك، فإن توجان ستواجه، إذا أدينت، دمار زواجها، وحرمانها من الوصاية على أطفالها. ولم يكتفوا بذلك، بل طالب متهموها بدفع المكافأة لأي مسلم يتطوع لقتلها.

back to top