امرأة الأرق ميرال الطحاوي... سيرة روح مؤرقة بالحبر الناقد حسام عقل: تجربة ميرال وأدونيس ولدت من مشكاة واحدة
الأديبة ميرال الطحاوي امرأة تشبه أبطالها كثيراً، تحمل خبراتهم، وعندما تكتب عنهم كأنما تكتب سيرتها الإنسانية، لذا تعيش دوماً في قلق...هذا الوصف أطلقه عدد من النقاد على الطحاوي خلال مناقشتهم روايتها الأخيرة «امرأة القلق» في ندوة عقدتها جمعية محبي الفنون الجميلة في القاهرة أخيراً.
«تمثل الحياة عند الكاتبةد. ميرال الطحاوي كفاحاً مستمراً، وتمرداً على كسر العادات والتقاليد»، قال الناقد شريف الجيار في معرض حديثه عن رواية ميرال الطحاوي «امراة القلق»، وتابع: «في روايتها الصادرة أخيراً حيث نجحت في تحويل خبرتها وتجاربها الحياتية والأدبية بما يعرف بالموروث الثقافي إلى عمل أدبي مميز}.وأضاف الجيار أن الكتاب من بدايته إلى نهايته يرصد كيف تشكلت خبرة صاحبته، وثقافتها الأولى في بيت الأب الذي فرض عليها بعض القيود الناتجة من قيود المجتمع، ويوضح كيف تجاوزت الكاتبة هذه الحواجز والقيود في مرحلة متقدمة من عمرها وتعاملها مع الثقافة العربية والعالمية.وأشار إلى أن الطحاوي تعرضت في الكتاب إلى ثقافات عالمية كثيرة، فمن اليابانية أحضرت تجارب متعددة واقعية شكلت جزءاً من ثقافتها وتسردها في كتابها كاستشهاد لها، وفي الوقت نفسه تجارب حية تفيد القارئ بمعلومات جديدة. كذلك تناولت الكاتبة وضع المرأة والعادات والتقاليد التي تشكل الأنثى العربية والتي تأتي في المرتبة الثانية بعد الرجل. وأوضح الجيار أن الكاتبة طرحت فكرة أن الثقافة العربية «قمع لحرية المرأة».ذكر الجيار أن الأسطورة لها الحظ الأكبر في تركيب شخصية الكاتبة ميرال الطحاوي، التي لم تستطع أن تخفي طريقة السرد الرائعة التي استخدمتها لأنها كاتبة متميزة، إضافة إلى مكونها الشعري الذي أثر على لغة كتابتها.كتابة أنثويةالناقد د. حسام عقل أشار بدوره إلى أن تجربة الكاتبة تمثل تحدياً في الكتابة الأنثوية في الأدب المعاصر، خصوصاً في أدب السيرة الذاتية، مشيراً إلى أن الطريقة التي استخدمها أدونيس في كتابة أدب السيرة الذاتية وتجربة ميرال الطحاوي يصدران عن مشكلة واحدة. وأوضح عقل أن اختلاف طريقة تطوير المشاهد في «امرأة الأرق» مختلف تماماً عن الأعمال الأدبية كافة التي قدمتها الطحاوي سابقاً، فسرد السيرة الذاتية يحتاج إلى طريقة هي أقرب من النحت أي جزء كبير من المقارنة الحرفية، مشيراً إلى أن كثرة الاستشهاد بالأحداث أدت إلى تعطيل تدفق الكتابة من وحي الكاتبة، وأن تمرد القالب النوعي المضاد جزء من تعرية الذات وأن الأرق ليس حالة خاصة إنما حالة كونية مجتمعية.من جانبها وصفت الأديبة ميرال الطحاوي روايتها بأنها سيرة إنسانية لها، وقالت: «إنها محاولة مني للتغلب على حدود النوع الروائي، هو سرد مباشر وبلا أقنعة، سرد يكشف الكثير عني كإنسانة وكاتبة، سيرة أرق الكاتب لأن يكتب وماذا تعني له الكتابة، فالعمل وصفة إنسانية للأرق... سيرة روح مؤرقة بالحبر راغبة أن تبوح ولا تعرف هل البوح يكفي».وتعد رواية «أرق امرأة» رحلة وجدانية وإبداعية جديدة تطوف بها الأديبة على محطات وعوالم عدة من مسيرتها الحياتية والأدبية، وتكشف من خلالها جانباً كبيراً من سيرتها الإنسانية. واتخذت الكتابة شكلاً من الفضفضة من خلال المزج بين أبطال الحكايات والتجارب الحياتية للكاتبة التي يغلب عليها الحزن والشجن والوحدة.تسرد ميرال سيرتها الثقافية بين الكتب والأساطير وحكايات العشق وتحكي عن حبها اللون الأبيض المحايد. وتهدي الرواية إلى والدتها وهي مقسمة إلى ثلاثة فصول: أول حكايات الغرام، العاشقة، وقبور العاشقين.صدرت لها قبل «امرأة القلق» روايتها «بروكلين هايتس» التي رُشحت للقائمة القصيرة لجائزة «البوكر العربية» العام قبل الماضي، ونالت جائزة نجيب محفوظ التي تمنحها الجامعة الأميركية في القاهرة.حظيت «بروكلين هايتس» باحتفاء كبير منذ صدورها عام 2010، وهي تتناول قصة «هند» امرأة مطلقة وأم وحيدة مع طفلها البالغ من العمر سبع سنوات، تترك مصر إلى الولايات المتحدة، في رحلة أقرب إلى أن تكون بحثاً عن الذات. وتتداخل وتتشابك فيها تفاصيل الذكريات وخباياها مع واقع مدينة نيويورك وأروقة بروكلين.نبذةميرال الطحاوي كاتبة وروائية مصرية ولدت في مدينة الحسينية في محافظة الشرقية، وهي ابنة لقبيلة الطحاوية التي تعد من أهم وأكبر القبائل البدوية المصرية. حصلت على ليسانس الآداب من جامعة الزقازيق، ثم واصلت دراستها الأكاديمية الماجستير والدكتوراه.صدرت لها مجموعة قصصية بعنوان «ريم البراري المستحيلة» وهي على مقاعد الدراسة الجامعية، تبعتها ثلاث روايات صنفت كأهم الروايات الصادرةخلال التسعينيات: «الخباء»، «الباذنجانة الزرقاء»، و{نقرات الظباء».ترجمت أعمالها إلى كثير من اللغات، خصوصاً الإنكليزية والألمانية.