تحليل سياسي: محور "زين" من 2011 إلى 2012... تشابه الاسم واختلاف المسؤولية

نشر في 19-05-2012 | 23:00
آخر تحديث 19-05-2012 | 23:00
No Image Caption
قد تكون المصادفة وحدها هي التي جعلت الاستجوابين المشتركين بين كتلة العمل الشعبي والنائب عبدالرحمن العنجري يقدمان في مايو هذا العام والذي سبقه، إذ كان استجوابهم الأول في مايو من العام الماضي، والثاني في الشهر الجاري، ورغم اختلاف الوزيرين المستجوَبين – الأول رئيس الوزراء السابق سمو الشيخ ناصر المحمد، والآخر وزير المالية مصطفى الشمالي – فإن الاستجوابين حمل عاملاً مشتركاً هو محور شركة "زين" للاتصالات.

ففي استجواب "السعدون– العنجري" حل محور "زين" في البند الثالث من الصحيفة تحت عنوان "تهاون الحكومة عن القيام بمسؤوليتها في حماية مصالح الدولة وتفريطها في المال العام في شركة زين باعتبار الدولة المساهم الأكبر بنسبة بلغت 27.618 في المئة"، وفي استجواب "البراك- العنجري- الطاحوس" جاء محور "زين" أيضاً في البند الثالث، تحت عنوان "تهاون ممثلي الهيئة العامة للاستثمار في الجمعية العمومية لشركة الاتصالات المتنقلة".

توجيه الاتهام

ومن عنوانَي المحورين، يلاحظ تحول كبير في توجيه الاتهام، إذ انتقل "التهاون" من مسؤولية الحكومة في الاستجواب الأول ليتم حصره في ممثلي الهيئة العامة للاستثمار في الاستجواب الثاني، علماً أن التهمة واحدة، وهذا التحول يعطي مثالاً واضحاً لآلية تكييف الاتهامات لأي وزير؛ ففي مايو 2011 كان الهدف من الاستجواب إسقاط رئيس الوزراء السابق سمو الشيخ ناصر المحمد، فتم تحميله مسؤولية ما أسماه المستجوبون "مخالفات الحكومة"، وفي مايو 2012 تغير الهدف المراد إسقاطه إلى وزير المالية مصطفى الشمالي، ليتم تحميله ذات المسؤولية، ولكن عبر هيئة الاستثمار التابعة لوزير المالية.

وفي تفاصيل المحورين – المتشابهين اسماً والمختلفين فعلاً - تبدأ سلسلة من التغييرات في التأسيس القانوني للمخالفات التي ارتكبتها الحكومة أو هيئة الاستثمار في شركة زين للاتصالات، ففي حين استند الاستجواب الأول (السعدون- العنجري) إلى قواعد قانون حماية الأموال العامة وسلطة ديوان المحاسبة في الرقابة على الشركات التي تساهم فيها الحكومة بما يزيد على 25 في المئة من رأسمالها بالتفصيل المدعم بالنصوص القانونية مع الإشارة التفصيلية إلى تكليف ديوان المحاسبة بالتحقيق في ما إذا كانت شركة "زين" التزمت بأحكام القانون ونتائج التكليف، نرى أن الاستجواب الثاني خلا تماماً من الإشارة إلى سلطة ديوان المحاسبة على الشركات التي تتملك فيها الحكومة ومؤسساتها التابعة ما نسبته 25 في المئة فما فوق، بل إن كلمة ديوان المحاسبة لم ترد بتاتاً في الاستجواب الثاني (محور زين)، بينما وردت في الاستجواب الأول تسع مرات.

وكما خلا الاستجواب الثاني من ذكر ديوان المحاسبة، غابت عنه تماماً كذلك الإشارة إلى قانون حماية الأموال العامة الذي ورد سبع مرات في الاستجواب الأول.

الشركات المشابهة

التفصيل في سلطة ديوان المحاسبة وملكية الحكومة في الشركات المساهمة وقانون حماية الأموال العامة في الاستجواب الأول فتح باباً واسعاً حول الشركات الأخرى المشابهة لـ"زين"، وعلى رأسها بيت التمويل الكويتي (بيتك)، الذي تتملك فيه الدولة ما تفوق نسبته 47 في المئة، وشكل ضغطاً سياسياً وإعلامياً حينئذ على المستجوِبين "السعدون والعنجري"، ما دعا السعدون قبل تقديم استجوابه إلى أن يؤكد بشكل قاطع أنه سيتخذ الإجراءات القانونية لتطبيق أحكام قانون حماية الأموال العامة على شركتي "بيتك" و"الكويتية للاستثمار"، إلا أن أيا من الشركتين لم يرد في استجوابه مكتفياً بشركة "زين".

وهذا ما يمكن أن يفسر غياب الاستدلال على سلطة ديوان المحاسبة وقانون حماية الأموال العامة في الاستجواب الثاني، حتى لا يعاد فتح باب الشركات المساهمة الأخرى التي تتملك فيها الحكومة وعلى رأسها "بيتك"، إذ تعتبر تلك الشركة الواجهة المصرفية الإسلامية، وهي باب سيبعد النواب الإسلاميين عن الاستجواب.

تحول المسؤولية

وبناء على ما تأسس من تحول المسؤولية السياسية من الحكومة ورئيسها في الاستجواب الأول إلى وزير المالية في الاستجواب الثاني، وغياب سلطة ديوان المحاسبة وقانون حماية الأموال العامة، تحولت الاتهامات بشكل لافت، إذ انتهى محور "زين" في الاستجواب الأول إلى أن "الحكومة تتحمل المسؤولية السياسية والقانونية عن هدر الأموال العامة والعبث بها" وأنها "تهاونت في أن يكون تمثيلها في مجلس إدارة الشركة (زين) حماية لمصالح الدولة وباعتبارها المساهم الأكبر متناسباً مع نسبة ملكيتها"، بينما كان المحور ذاته في الاستجواب الثاني يحمل اتهاماً يتيماً لم يشر بأي شكل من الأشكال إلى الهدر في المال العام بأن "الهيئة العامة للاستثمار فوتت فرصة أن تُحكِم سيطرتها على الشركة".

الاختلافات الجذرية بشأن محور "زين" في الاستجوابين، رغم أن الطرف المستجوِب واحد (الشعبي- العنجري) تترك علامات استفهام كبيرة... لماذا ولمصلحة مَن تغير الاتهام الجنائي إلى اتهام إداري؟ بالتأكيد ليس لمصلحة "زين"... فهناك شركات ستتضرر لو فتح باب الشركات المساهمة.

 

back to top