سويدان: الحرية قبل "الشريعة"... ولو انحرف التيار الإسلامي فسنكون أول الثائرين عليه
واصل ملتقى النهضة الذي تحتضنه جمعية الخريجين فعالياته لليوم الثاني على التوالي بثلاث محاضرات تناولت مفاهيم المجتمع المدني، والمواطنة، والحريات، وتمكين المرأة في المجتمعات الخليجية.
-ملتقى النهضة يواصل فعالياته بثلاث محاضرات عن المواطنة والحريات وتمكين المرأة -الدوسري: المساواة بين المرأة والرجل أمر أصيل في النصوص الإسلامية
-السيف: المجتمع المدني وسيلة لإغناء مفهوم المواطنة وتجديد الدماء في النظام السياسيرأى الداعية الإسلامي د. طارق سويدان أن "الحرية يجب أن تسود المجتمعات العربية قبل تطبيق الشريعة الإسلامية"، مشيرا إلى أنه "في أجواء الحرية ينتشر الإسلام ويسود وليس في أجواء المنع والكبت"، لافتا إلى أن "الحرية تتحقق حينما يتم إطلاق حرية الإعلام وتنتشر الثقافة".وأكد سويدان في محاضرة ألقاها مساء أمس في فعاليات اليوم الثاني لملتقى النهضة الذي تحتضنه جمعية الخريجين بعنوان "الحرية طريق الريادة" أنه "إذا استبد الإسلاميون بالحكم في الدول العربية فسوف نثور عليهم كما ثرنا على الأنظمة المستبدة السابقة"، مشددا على "حق الناس في تشكيل أحزاب حتى ولو كانت هذه الأحزاب على أسس (كفرية)".وحول حديث البعض عن انه "لا يجتمع دينان في جزيرة العرب"، أوضح سويدان أن كبار علماء المسلمين أكدوا أن هذا الحديث يعني السيادة الدينية أي لا يجوز سياسيا الحكم من دون الإسلام، ولا يُعنى به هدم الكنائس أو عدم بناء كنائس جديدة، مستنكرا ممن يتعامل مع "الشيعة وكأنهم من دين آخر"، معتبرا أن ذلك منهج يشوبه خلل كبير، فهم مسلمون"، مؤكدا أنه حينما مات الرسول صلى الله عليه وسلم كانت جزيرة العرب تعج باليهود والنصارى، بل أنه صلى الله عليه وسلم جعل اليهود والنصارى يصلون في المسجد النبوي.وأشار إلى أن "عقلية المنع والإجبار والإقصاء ليست في الإسلام"، مشددا على أن "عدم السماح ببناء الحسينيات أو الكنائس يخالف السنة والدين".حرية العقيدةوأضاف أن "الحرية حق مقدس ومبدأ من مبادئ الفكر الإسلامي وتعني القول والعمل الذي لا يضر بأدب"، لافتا إلى أنه "إذا انعدمت الحرية انعدم العطاء والإبداع، فلا إبداع من دون حرية" مشيرا إلى أن "قول لا الله إلا الله هو الشعار الأول للحرية"، مضيفا أن "الإنسان حر في ما لا يقيده الله تعالي وهو حر في عقيدته وعبادته، لافتا إلى أن القرآن الكريم فيه 200 آية تتحدث عن الحرية العقائدية، مستغربا من إلغاء جميع هذه الآيات والاستناد فقط وطرح آية حد الردة والذي يجبر الناس على عقيدة معينة، فالنبي عليه الصلاة والسلام لم يقتل شخصا واحدا بحد الردة في وقت شهد كثير من الناس أن بعضهم كفروا وارتدوا عن الإسلام.حملات تبشيريةوأوضح د. طارق سويدان أن الإنسان حر في تعبيره ورأيه حتى ولو كان كفرا، مشيرا إلى أنه لا يرى مشكلة في أي حملات تبشيرية يقوم بها غير المسلمين في الكويت أو الخليج وإلا لماذا يسمح لنا بالتبشير بالإسلام في بلادهم ونمنع عنهم ذلك في بلادنا؟، مشددا على أن حرية التعبير والرأي مكفولة في الإسلام، لافتا إلى أن الإنسان حر في إعلامه، مؤكدا أن إنشاء الفضائيات والصحف يجب أن يتم بدون الحاجة إلى ترخيص.وقال إن لا ديمقراطية حقيقية من دون إعلام حر، لافتا إلى أن الرق لم ينته على يد المسلمين بل انتهى على يد الغرب الليبراليين، مضيفا أن الإنسان حر في عمله وفي تربية أولاده واختيار زوجته وحر في فنه، مؤكدا أن الفن والتماثيل والمسرح حلال، وأن التماثيل حرمت في الإسلام قديما لأنها كانت تعبد من قبل البعض، لافتا إلى أن الإنسان حر في اختيار حاكمه ونظامه وكذلك حر في حفظ خصوصياته، مؤكدا أن الحرية تنمو حينما يكون النظام الديمقراطي تعدديا وتتحقق فيه الرقابة الشعبية.أحزاب سياسيةمن جهته، أكد المفكر والكاتب السعودي د. توفيق السيف ان عدم وجود معارضة حقيقية في منطقة الخليج وعدم القبول بالأحزاب السياسية يجعل الناس بحاجة إلى طائفتهم أو قبيلتهم أو عائلتهم حينما تتأزم أوضاعهم، مشيرا إلى أن المجتمع المدني وسيلة لإغناء مفهوم المواطنة وتجديد الدماء في النظام السياسي الحديث.وأوضح أن الفرد لا يشكل كيانا في المجتمعات الخليجية، وهناك ثقافة تجعل الفرد مجرد رقم ضمن قائمة أو قبيلة، مؤكدا أن هناك مشكلة في المملكة العربية السعودية تكمن في السعوديين من أصل إفريقي، وهي مشكلة موجودة، وحلها يكون بتطبيق المجتمع المدني، وتمكين هذه الكيانات بالتعبير عن وجودهم بشكل قانوني، وأضاف إنه على الرغم من أن المواطنة مطروحة في المجتمع، وتدرس في مؤسساته التعليمية، إلا أنها غير ناضجة بالقدر الكافي في مجتمعاتنا، بسبب انعدام قيمة الفرد، مشددا على ضرورة عدم النظر إلى انتماءات الأفراد القبلية والطائفية وغيرها.وأضاف أنه منذ بداية تأسيس الدولة، ظهرت فكرة كيف ننشئ دولة قوية لا تقهر الأفراد، مؤكدا أن المجتمع المدني الكويتي ناضج وفعال، وأهل الكويت مصرون على ممارسة حرياتهم التي كفلها لهم الدستور. أهمية الفردوشدد د. توفيق السيف على أهمية النظر للفرد كمواطن وليس كابن قبيلة، والتصنيف يجب أن يكون فردا، لافتا إلى أن من التنظيمات القائمة هي الطائفة أو القبيلة ككيان منظم له مصالح، غير أنهم في حديثهم السياسي يكسرون وجود تسمياتهم. وأضاف أنه إذا قام مجتمع في إطار قانوني، فإنه لا يهضم حق أي فرد في المجتمع، مستغربا من تخوف البعض من حديث الأقليات أو الكيانات أو الأفراد.وقال إن مفهوم المجتمع المدني مر عبر الزمن بعدة تعريفات، وتطور الأمر إلى أن وصل إلى ما هو عليه حاليا، لافتا إلى أنه منذ تأسيس الدولة كان هناك خوف من قهر الدولة للأفراد، متسائلا: كيف ننشئ دولة قوية لا تقهر الأفراد؟ موضحا أن من الفلاسفة من يقول إن الدولة المطلقة تميل إلى الفساد المطلق، والرابط بينها الاستبداد.وأشار إلى أن المجتمع المدني ابتكره الإنسان للحد من ميل السلطة إلى الاستبداد، والقانون يمنع هذا الميل، بيد أن القانون أداة في يد الدولة، لذلك نحتاج إلى عنصر ثالث بين الدولة والفرد، ألا وهو المجتمع المدني.وأوضح أن فكرة المواطنة والمجتمع المدني رغم أنها تدرس كثيرا، إلا أنها غير ناضجة بالقدر الكافي في مجتمعاتنا، وذلك بسبب انعدام قيمة الفرد، ولنظرة الثقافة في المجتمع العربي إلى أن الفرد ليس الخلية الرئيسية، وهو بذلك يعرف بجماعته وليس بذاته، مشيرا إلى أن المجتمع المدني هو الأداة التي يعبر فيها الأفراد عن هويتهم الوطنية، موضحا أن الذي يحمل هوية قبلية أو طائفية لو شعر بأن الهوية الوطنية تحميه بطبيعة الحال لن يتخلى عنها، وبذلك لا يستطيع الأفراد أن يقصوا دور الدولة.وأكد أن المجتمع المدني يعمل على امتصاص عناصر التوتر عندما تظهر الخلافات بين الهويات الكبرى والهوية الصغرى، مبينا أن المجتمع المدني هو ضرورة لحماية النظام السياسي للدولة، مشيرا إلى أن المجتمعات في الخليج مجتمعات حديثة، مقارنة بالدول الأوروبية فهي مجتمعات سياسية جديدة، يجب أن يشارك فيها كل مواطن بصناعة الوطن حسب مجالات اهتماماته ودراسته، مضيفا أن المجتمع المدني هو وسيلة لتجديد الدماء في مواقع اتخاذ القرار والتنمية.تمكين المرأةبدورها قالت الناشطة السعودية في مجال تمكين المرأة والمرشحة لنيل الدكتوراه في علم الوبائيات هالة الدوسري إن المساواة بين المرأة والرجل أمر أصيل في النصوص الإسلامية.وأوضحت في كلمة لها عبر "الفيديو كونفيرنس" أن المشاركة السياسية تعني اختيار المرأة في المناصب العليا والسماح لها باختيار من يمثلها، لافتة إلى أن المرأة في المجتمعات الخليجية تواجه مشكلة عدم وجود حريات سياسية، معتبرة إن الكويت أكثر دولة مكنت المرأة في هذا الشأن.وأوصت في ختام كلمتها بالتركيز على الشراكة المجتمعية وإبراز النماذج النسوية والمبادرات الريادية وتفعيل وسائل المساءلة الرسمية والشعبية. عقلية المنعتقدم المفكر الإسلامي د. طارق سويدان بالشكر إلى جمعية الخريجين التي تحتضن فعاليات ملتقى المجتمع المدني، مؤكدا أن الجمعية لها الفضل في إظهار الصورة المشرقة للكويت، بعدما أراد البعض وأد الفكر.وقال "إن الإسلام يتعامل مع الفكر بالفكر أما عقلية المنع فهي عقلية رجال الأمن وأصحاب الحجج الضعيفة.وأضاف أن "الإسلاميين يلتقون اليوم من على منبر جمعية الخريجين منذ زمن بعيد"، متمنيا ألا تمتد هذه النظرة السلبية للفكر حتى تصل إلى جامعة الكويت، فكثير من الموجودين اليوم في هذه المحاضرة هم أساتذة في الجامعة".وأوضح أن الربيع العربي خطأ فهو الخريف العربي حيث سقطت فيه أنظمة مستبدة، آملا في أن يتمم الله بالنصر لأهل سورية.