سمير حبشي: الرقابة قاسية في الصالات العربية

نشر في 21-12-2012 | 00:02
آخر تحديث 21-12-2012 | 00:02
بعد مسلسلات «سارة» و{لونا» و{باب ادريس»، يستعدّ المخرج سمير حبشي لتصوير مسلسل «أماليا» مطلع العام الجديد، لينضم إلى سلسلة أعماله التي كانت جواز مروره إلى عقل المشاهد العربي وقلبه حاصدًا منه تقديرًا كبيرًا. أما فيلمه الجديد «العقرب» فينتظر هدوء العاصفة الثورية في مصر للبدء بتصويره كون منتجه مصريًا.
عن أعماله ومشاريعه المقبلة تحدث المخرج سمير حبشي إلى «الجريدة».
ما أبرز اهتماماتك راهناً؟

أستعدّ لورشة المسلسل الجديد «أماليا»، كتابة طارق سويد وإنتاج «مروى غروب». سنبدأ تصويره في 4 يناير المقبل ليعرض مبدئيًا في أبريل عبر المؤسسة اللبنانية للإرسال.

كيف تقيّم نص الممثل طارق سويد في أول تعاون معه ككاتب درامي؟

بعد مسلسل «باب ادريس» عُرضت عليّ نصوص كثيرة، لكني لم أقتنع بها حتى قرأت نص طارق سويد «أماليا» فأعجبت به. أنا سعيد بوجود شاب موهوب مثله في بداية عمله كسيناريست وسيستمر إن شاء الله بهذا النشاط.

ما أبرز محاور المسلسل؟

يتحدث عن زوجين، امرأة مسيحية ورجل مسلم، أنكرتهما أسرتاهما بعد الزواج، وعندما يتوفى الزوج تضطر الأرملة إلى أن تصارع المجتمع وتعمل في المنازل لتربية ولديها اليتيمين وإعالتهما لتحقيق مستقبلهما. المسلسل من بطولة نادين الراسي ورودني حداد.

 

اعتدنا على القصور والفخامة في المسلسلات اللبنانية، فماذا سنشاهد في هذا العمل؟

على مدى 25 حلقة تقريبًا، لن نشاهد أي فيلا أو قصر. في الأساس طلبت من المنتج مروان حداد ألا يعرض عليّ إخراج أي عمل يتضمن قصة تدور أحداثها في فيلات أو قصور.

نلاحظ أن النصوص التي ترفضها أكثر من تلك التي تقبل بها، لماذا؟

النص أساس ومن دونه لا يمكن للإنتاج والإخراج والممثلين تقديم عمل جيد. للأسف، تكمن مشكلة الدراما اللبنانية في نصوصها.

إلى أي مدى يمكن لعين المخرج أن تعدّل في النص؟

يُفترض بالنص أن يدخل إلى عين المخرج وقلبه وعقله فيتم تكريره ليخرج جاهزًا. إذًا السيناريو هو المادة الخام التي يصقلها المخرج لتصبح جاهزة للاستهلاك.

هل يقبل الكتّاب أن يعدّل المخرج في نصهم؟

يجب أن ينتهي دور الكاتب عند تسليم نصه إلى المنتج، من المهم أن يكون مهنيًا ومدركًا الأصول وغير معتدٍ على دور الآخرين، فالكاتب المهني يفضّل مناقشة نصه مع المخرج قبل التصوير.

على رغم ضيق السوق الدرامية في لبنان نلاحظ وفرة في الإنتاج، كيف تفسّر ذلك؟

هي إنتاجات صغيرة تناسب حجم الإنتاج المحلي، لذلك لا تجوز المقارنة بين مسلسلات تركية ولبنانية مثلاً، لأن الجمهور التركي يفوق جمهورنا المحلي، فيما الإنتاج اللبناني يلائم نسبة المشاهدين المحليين وهو بطيء  لعدم توافر الإمكانات.

بالنسبة إلى مستوى الأعمال اللبنانية، أيهم الأفضل: الكتاب أم المخرجون أم الممثلون؟

يمكن القول إنها حلقة مترابطة لأننا نرى أحيانًا مستوى سيئًا على صعد النص والإخراج والتمثيل، إلا أن هذا العمل يجد من يشتريه في السوق اللبنانية. في الحقيقة، يُسجَّل مستوى جيّد في المسلسلات التي تجد طريقها إلى السوق العربية مثل «باب ادريس» الذي تم الاعتراف بملاءمته الشاشات العربية لا اللبنانية فحسب.

للأسف، وجدنا بعده مسلسلات فئوية تُحصر بمشاهدي جبل لبنان مثلا، وهذا لا يجوز. ربما يضطر القيمون في بعض محطات التلفزة إلى شراء أي منتج درامي يُعرض عليهم إمّا لملء الهواء أو لأنهم لا يفهمون في هذا المجال، أو لعدم توافر احتمالات أخرى أمامهم.

هل ستقدمون جزءًا ثانيًا من «باب ادريس»؟

ثمة رغبة لدينا بتقديم جزء ثانٍ، إنما الظروف لم تسمح بعد بسبب انشغالات القيمين عليه بأمور أخرى.

هل يوازي الجزء الثاني من أي عمل أهمية الجزء الأول؟

يمكن أن يكون الجزء الثاني أقوى من الأول. بالنسبة إلى «باب ادريس- 2» سيكون أقوى لأن فكرته مبتكرة ولا تشكل أحداثه امتدادًا لمصير الأبطال، بل امتداد لتاريخ الجزء الأول وزمانه وشعبه وتطور اللبنانيين التاريخي منذ الاستقلال عام 1943.

من يدير راهنًا دفة الدراما اللبنانية؟

شركات إنتاج معدودة، الأقوى بينها هو «مروى غروب» لأنها الأكثر إنتاجًا سنويًا. ثمة شركات إنتاج محترمة أيضًا ولكن إمكاناتها ضيقة لذلك تضطر إلى الاستعانة بمخرج متواضع وبممثلين مبتدئين، فتكون النتيجة مساومات على حساب النوعية، لتكرّ بعدها سبحة أعمال من المستوى نفسه.

لا شك في أن المؤسسة اللبنانية للإرسال تبقى الأقوى على الصعيد الدرامي لأن المسلسل الذي يُعرض على شاشتها يحصد نسبة مشاهدين عالية بغض النظر عن مستواه.

أين أصبح فيلم «العقرب»؟

مؤجل بسبب الأحداث في مصر وبانتظار هدوء الثورة، كون منتجه هو غابي خوري مدير عام شركة «أفلام يوسف شاهين العالمية». إذا سمحت الظروف سنبدأ تصويره بعد الانتهاء من تصوير «أماليا» لأنه لا يجوز أن نتأخر أكثر.

أخبرنا عن أبرز محاوره.

فيلم لبناني صرف، أتوجه من خلاله إلى الناس كافة وأعالج مشكلة أطفال تركوا المدرسة بسبب الفقر، لكنهم يحتفظون بحقهم بأن يحلموا لأن الأحلام ليست حكرًا على من ينعمون بمراكز اجتماعية راقية.

هل نفهم من كلامك أن الفيلم يلائم الصالات العربية أيضًا؟

الرقابة قاسية في الصالات العربية لذلك من الصعب الدخول إليها بينما نحن نتخطى هذه الأمور في لبنان كوننا ننعم بهامشٍ من حرية التعبير، إلى حد ما، غير متوافر في الدول العربية. لذلك عند تحضير فيلم سينمائي لبناني نتكّل أولا على لبنان ومن ثم على أوروبا، لأن السوق العربية مقفلة للأسف، فلكل بلد نظامه الخاص ولا يمكن أن نتقيّد بفكرة تقديم أفلام سينمائية تلائم البلدان الأخرى وإلا سنضطر إلى المساومة.

تُقدَّم مسلسلات لبنانية مطعمّة بممثلين عرب، إلى أي مدى يساهم ذلك في دخولنا إلى الشاشات العربية؟

ستنتهي هذه الموجة التي تسمّى «الدراما الرديئة» عاجلا أم آجلا، ففي الستينيات والسبعينيات، قدّم لبنان 15 فيلمًا سنويًا من هذا النوع، إلا أنه يُشار إلى هذه الأعمال بوصفها زمن «السينما الرديئة»، إذ تم تركيب مواضيع غير حقيقية وغير واقعية لمسايرة الآخرين ما أدى إلى تنازلات لم ترفع العمل الفني لأنها مجرد عملية تجارية.

 بالنسبة إلى الأعمال الدرامية من هذا النوع والتي تُباع راهنًا، ستتم مقارنتها بعد سنوات بالدراما التركية التي رغم عدم تطعيمها بممثلين من دول أخرى، إلا أنها تُسجّل نسبة مشاهدين مرتفعة، كون موضوعاتها معالجة بطريقة جيدة كذلك تنفيذها، ما أكسبها جمهورًا عربيًا من دون الحاجة إلى التطعيم.

 

كيف نستطيع جذب الجمهور العربي إلى أعمالنا؟

أمر صعب. يجب أن تتخطى بمستواها «باب ادريس» على الأقل لتستطيع الدخول إلى العالم العربي.

هل سيتخطى مسلسل «أماليا» مستوى «باب ادريس»؟

أتمنى ذلك وسأحاول وفق الظروف الإنتاجية الراهنة تقديمه بمستوى «باب ادريس» و{لونا» و{سارة». إذا استطعنا تقديم مسلسلات بهذا المستوى سندخل حتمًا إلى العالم العربي الذي يميّز جمهوره  بين الأعمال النوعية والأعمال السيئة. من جهة أخرى، فليؤمنوا لنا في البداية إنتاجًا يوازي الإنتاجات التركية مثلا، لنقدم لهم مسلسلاً يصحّ عرضه في هوليوود أيضًا!!

تأخذ الرقابة اللبنانية وجوهًا عدة، أحيانًا تكون سياسية وأحيانًا أخرى دينية واجتماعية، فكيف تفسّر ذلك؟

أي افكار جديدة مطروحة تثير النقاش وهذا مهم وطبيعي، خصوصًا لدى جمهور لم يعتد عليها. يجب أن يقدم الفنان قناعته وإلا كان كاذبًا. أما إذا كانت هذه القناعة ستؤدي إلى صدام مع مؤسسة معينة أو مجموعة ما، فعندها يجب أن يختار.

ما رأيك بالحركة السينمائية اللبنانية ونوعيتها؟

الحركة الإنتاجية جيدة وقد سهّل الفيديو هذا الأمر. أما بالنسبة إلى نوعيتها، فأنا مخرج ولست ناقدًا فنيًا لأبدي رأيي فيها. من جهة أخرى، وحده التاريخ مولج بالحكم على الأعمال لا نسبة مشاهديها، فإما أن تبقى مع مرور الزمن أو تزول، والدليل أن الأفلام اللبنانية التي بقيت مع مرور الزمن معدودة على أصابع اليد.

أي نوع من المسلسلات الدرامية يحافظ على قيمته الفنية عبر التاريخ؟

العمل الحقيقي الذي يسجّل زمنًا ما، لأن العمل الدرامي من دون زمان كجسد من دون روح. يجب أن تكون القصة في زمن ومكان حقيقيين وتعالج موضوعًا واقعيًا وإلا كانت مجرد هرطقة. ليس المسلسل أو الفيلم مجرد سرد قصة لأنها أساسًا وسيلة ليفهم الناس رسالتنا في العمل من دون أن تكون هدفًا بحد ذاتها.

ما مصير الفيلم السينمائي «لأنن أرمن» مع كلوديا مرشليان؟

أظنّ أنه ألغي.

ماذا عن مسلسل «أحمد وكريستينا» للكاتبة مرشليان أيضًا؟

لم يتم تنفيذه عندما حكي عنه لأن الكاتبة أرادت تنقيح النص أكثر، كما أن بطلته سيرين عبد النور انشغلت بتصوير مسلسل آخر، فاضطررنا إلى تأجيله. لا أعرف ما إذا كان سينفذ لاحقًا، خصوصًا أن المعنيين به منشغلون في أعمال أخرى.

قدمت سابقًا السيرة الذاتية للأديب جبران خليل جبران، من هي الشخصيات الأخرى التي ترغب في بتصوير سيرتها الذاتية أيضًا؟

ثمة شخصيات كثيرة تصلح سيرتها الذاتية للمعالجة في رواية معبّرة مثل فخر الدين، الرئيس صدام حسين، الزعيم كمال جنبلاط، الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات، الرئيس بشير الجميل، الرئيس سليمان فرنجية، وغيرهم...

يُصرف على برامج الترفيه الملايين في مقابل شحّ على صعيد الإنتاج الدرامي، ما السبب برأيك؟

يبدو أن الجمهور يفضّل برامج الترفيه والغناء والرقص. في النهاية محطات التلفزة تجارية ويهمّها الاستفادة ماديًا. فضلاً عن أن الإنتاج الدرامي مكلف أكثر من البرامج الترفيهية.

هل ما زلت المستشار الدرامي في شركة «مروى غروب»؟

توليت هذه المهمة لفترة معينة ولكننا لم ننجح في الممارسة، لذلك استغنينا عنها بطريقة عفوية، ربما بسبب انشغالنا مروان حداد وأنا، خصوصًا أن العمل الجدي في هذا الإطار يتطلب عدم تنفيذ أي عمل درامي من دون قراءتي وموافقتي عليه وإن لم أكن شخصيًا مخرجه. إلا أنه تم التحضير لبعض الأعمال من دون موافقتي عليها والتي لا أقبل أساسًا أن تُعرض إذا عاد الخيار إليَّ. أما بالنسبة إلى أعمالي الخاصة، فأنا أقوم بهذا الدور انطلاقًا من كوني المخرج وأناقش الكاتب للتعديل في النص.

back to top