لقد هرمنا!

نشر في 28-05-2012
آخر تحديث 28-05-2012 | 00:01
 بدرية البشر الشرطي الذي قَبض على السيدة منال الشريف وهي تقود سيارتها في الخبر، لم يستطع أن يقول إنها خالفت النظام، لأن النظام المروري نسي أن يضع فقرة تمنع المرأة من القيادة، فخالفها بحجة أنها خالفت العرف، فاكتشفنا ذلك اليوم أن مهام شرطي المرور تعدت إلى حماية العرف.

منال التي قَبض عليها المرور وأخذ عليها تعهداً ثم أطلقها، اعتُقِلت مرة ثانية بعد ساعات من خروجها في منتصف الليل من جهة أمنية أخرى، لأنها روجت فكرة قيادة السيارة تحت حملة «سأقود سيارتي بنفسي»، رغم أن منال لم تَدعُ إلى مظاهرة كما يزعم البعض، ولم تخرج في أي تجمُّع ولو لشخصين، فكل ما قالته إنها تحتاج أن تقود سيارتها بنفسها وحثت النساء أن يعتمدن على أنفسهن في قضاء حوائجهن، ويقدن سياراتهن المكتوبة بأسمائهن إذا توفرت لديهن رخصة دولية. فأين هي الفكرة التي تتعدى على النظام مادام النظام لم يمنع، والدين لا يمنع؟!

منال حتى كتابة هذا المقال رهن الاعتقال، بينما فكرتها تجول بكل حريتها في المجتمع السعودي الذي اشتعل مجدداً بفتح ملف قيادة المرأة للسيارة بنفسها، حتى أن البعض أطلق عليها اسم منال البوعزيزي.

ملف «سواقة المرأة» فتح لأول مرة عام ١٩٩٠، حين خرجت سيدات يقدن السيارات في مطالبة بهذا الحق، لكنهن رُدِعْن وعوقبن بشدة. ثم عرض على مجلس الشورى عام ٢٠٠٥ ورفض مناقشته، ثم قدمت النساء اقتراحاً وشكوى إلى مجلس الشورى في ديسمبر ٢٠١٠ ورُفِض استلامهما. عشرون عاماً مضت، و لم يُحرَز أي تقدم بشأن هذه القضية. أصبحت قنبلة موقوتة يخاف أي مسؤول أن تنفجر في وجهه، فيتفادى معارضتها ويتفادى الموافقة عليها، لهذا بقيت القضية في الوسط المعطل.

بعض شيوخ الدين، ممن يثق المجتمع برأيهم، يقفون مع حق قيادة المرأة السيارة، والحكومة التي لم تفلح في خلق البدائل بإيجاد مواصلات عامة وآمنة ومريحة سهلت أن يقف معها الكثيرون، فلا يجد المعارضون سوى الدوران حول مسألة التوقيت، وإشعال الرأي العام ضدها.

لا يجرؤ أحد اليوم أن يقول إن قيادة المرأة للسيارة ممنوعة نظامياً أو إنها حرام شرعاً، لأنهم يعرفون أن الزمن قد تجاوز هذه الأطروحات، فماذا تكون إذن؟ أصبحت مسألة وقت، وعلى النساء الصبر. لكن النساء مللن هذا الانتظار الذي لا يحمل أي تاريخ للبدء أو تلويحة بالعمل والأمل، وقد كان جديراً لشعار حملتهن أن يكون: «لقد هرمنا، لقد هرمنا في انتظار هذه اللحظة التاريخية».

 

كتاب الجريدة يردون على تعليقات القراء

يمكنك متابعة الكاتب عبر الـ RSS عن طريق الرابط على الجانب الايمن أعلى المقالات السابقة

back to top