«أزهار ذابلة وقصائد مجهولة وروائع»... رومانسية بدر شاكر السياب وواقعيته

نشر في 21-12-2012 | 00:01
آخر تحديث 21-12-2012 | 00:01
الشاعر العربي الذي واجه الواقع بجرأة

«أزهار ذابلة وقصائد مجهولة وروائع»... عنوان أحدث كتاب أصدره «المجلس الأعلى للثقافة» في مصر للشاعر بدر شاكر السياب، متضمناً دراسة مهمة مستفيضة عن السياب كتبها الشاعر حسن توفيق.
يتضمن كتاب «أزهار ذابلة وقصائد مجهولة وروائع» قسمين، يضم الأول الديوان الذي أصدره الشاعر بدر شاكر السياب في مصر عام 1947، وهو يشكل أول أعماله الشعرية «أزهار ذابلة». أما القسم الثاني فيتضمن قصائد لم تنشر في دواوينه، وهي 10 قصائد تمثل مرحلة الرومانسية المبكرة التي مر بها الشاعر في مقتبل حياته الفنية والمعيشية، ومن بينها قصيدة تمثل مرحلة الارتداد إلى الرومانسية خلال فترة مرض الشاعر في أواخر أيامه.

السياب أحد أخصب الشعراء، وأشدهم فيضاً شعرياً وتقصياً للتجربة الحياتيّة، ومن أغناهم تعبيراً عن خلجات النفس ونبضات الوجدان. أصدر أعمالاً مهمة عدة، من بينها: «أساطير، المومس العمياء، الأسلحة والأطفال، حفّار القبور، أنشودة المطر، المعبد الغريق، منزل الأقنان، شناشيل ابنة الجلبي، إقبال»... وغيرها.

يلقب السياب بأنه شاعر التحرر وشاعر الحياة والعنفوان، وقال الشاعر حسن توفيق في دراسته إن السياب يقف من الشعر الحديث موقف الثائر الذي يعمل على قلب الأوضاع الشعرية ونقل الشعر من ذهنية التقليد وتقديس الأنظمة القديمة إلى ذهنية الحياة الجديدة التي تنطق بلغة جيدة، وتعبر عن حقائق جديدة. وساعدت السياب في عمله الجرأة في طبيعته، فضلاً عن تحركه الاجتماعي والسياسي الثوري.

موروث شعري

يمثل شعر السياب أهم الاتجاهات الشعرية التي عرفها عصره، وكانت له حصيلة واسعة من الموروث الشعري الكلاسيكي، بالإضافة إلى ترجمته مختارات من الشعر العالمي إلى العربية حيث بدا كلاسيكياً، ثم تأثر برومانسية أبي شبكة من لبنان وبودلير من فرنسا، لكن إضافاته الشعرية وإنجازاته بدأت بشعره الواقعي، لا سيما قصائد: حفار القبور، المومس العمياء، الأسلحة والأطفال، وأنشودة المطر، التي يظهر فيها صوته الشعري الصافي وقدرته الإبداعية العميقة، يقول في مطلعها:   

عيناك غابتا نخيل ساعة السحر

أو شُرْفَتَان راح ينأى عنهما القمر

عيناك حين تبسمان تورق الكروم

وترقص الأضواء كالأقمار في نهر

يَرُجّه الجذّاف وَهْناً ساعةَ السحر

أتعلمين أي حزن يبعث المطر

وكيف تنشج المزاريب إذا انهمر

وكيف يشعر الوحيد فيه بالضياع

بلا انتهاء- كالدم المراق، كالجياع

كالحب، كالأطفال كالموتى- هو المطر       

شعر الغربة والألم

واصطبغ شعره بصبغة الأطوار التي تقلّبت فيها حياته المعيشية والاجتماعية والفكرية، عصره الألم في شبابه، وشعر بالغربة القاسية وهو في بيئته، ولم يجد قلبه الشديد الحساسية من يخرجه من أتون آلامه، إلا ميله إلى حركة الرومانطيقية التي شاعت في أوروبا والتي ازدهرت في بعض الأقطار العربية، لا سيما لبنان. فاندفع في تلك الحركة، وراح في قصائده الأولى يداعب شجونه في جو من الضبابية اليائسة، أما المرحلة الثانية فهي مرحلة الخروج من الذاتية الفردية إلى الذاتية الاجتماعية، وقد انطلق الشاعر، في نزعته الاشتراكية ورومنطيقيّته الحادة، يتحدث عن آلام المجتمع، ويهاجم الظلم في أصحابه، ويصوره في «حفار القبور» مارداً جشعاً يرقص على جثث الموتى ويتغذى جشعه بأرواحهم.

وبعد هذه المرحلة نزع  السياب إلى «الواقعية الجديدة» وعمل على تحليل المجتمع تحليلا عميقاً، فيه من الحقائق الحياتية ما يستطيع الشاعر إدراكه بنفاذ بصره وقوة انطباعيته. وقد امتاز بدر في هذه الفترة من حياته بنزعته القومية العربية، ذلك بعدما ترك الحزب الشيوعي وراح يصور واقع بلاده الأليم ويحلم لها بمستقبل تزدهر فيه حرة، متطورة، ينقلب فيها الجهل إلى نور، والجمود إلى حركة، والتزمت إلى انفتاح.

سيرة الطفولة

 

ولد بدر شاكر السياب عام 1926 في قرية جيكور في محافظة البصرة، وبعدما أتم دروسه الابتدائية انتقل إلى البصرة وتابع فيها دروسه الثانوية، ثم انتقل إلى بغداد حيث التحق بدار المعلمين العالية، واختار لتخصصه فرع اللغة العربية وأمضى سنتين في تتبع الأدب العربي. في عام 1945، انتقل إلى فرع اللغة الإنكليزية وتخرج فيه سنة 1948. في تلك الأثناء، عرف بميوله السياسية اليسارية، وبعد أن أُسندت إليه وظيفة تعليم اللغة الإنكليزية وبعد أن مارسها عدة أشهر، ثم فصل منها بسبب ميوله السياسية وأودع السجن. ولما ردت إليه حريته اتجه نحو العمل الحر بين البصرة وبغداد كما عمل في بعض الوظائف الثانوية. واضطر في عام 1952 إلى مغادرة بلاده والتوجه إلى الكويت، عقب تظاهرات شارك فيها.

في عام 1954، رجع الشاعر إلى بغداد ووزع وقته بين العمل الصحافي والوظيفة في مصلحة الموانئ وأنتج أجمل إبداعاته.

مبادرة عربيّة لتخصيص 2014 عام السياب

  يشارك «اتحاد كتاب وأدباء الإمارات» في المؤتمر العام الخامس والعشرين لـ{الاتحاد العام للأدباء والكتاب العرب»، الذي ينعقد في مملكة البحرين في 22 إلى 25 ديسمبر 2012، بوفد يرأسه حبيب الصايغ رئيس مجلس الإدارة.

في تصريح للصايغ، ذكر أن «اتحاد كتاب وأدباء الإمارات» حريص على أن تكون مشاركاته إيجابية في المؤتمرات العامة، وهو صاحب مبادرات ومشاريع مهمة تبناها وتقدم بها وتابعها. وتابع: «لدينا في هذا العام مجموعة مقترحات، من بينها ما يتصل بأداء الاتحاد العام للأدباء والكتاب العرب على المستوى التنظيمي والترشيحات واللجان، ومن بينها ما يتصل بالإبداع عموماً. وسيطرح الاتحاد على المؤتمر مبادرة بتخصيص عام 2014 ليكون عاماً للشاعر العربي بدر شاكر السياب، ذلك بمناسبة ذكراه الخمسين».

تدعو المبادرة الروابط والاتحادات والأسر الأعضاء في الاتحاد العام إلى الالتزام بترتيبات معينة تتناسب مع مكانة هذا الشاعر وأهمية تجربته، كأن تعمل على إعادة إصدار أعماله والدراسات التي كتبت حوله، وأن تسعى إلى إدخال تجربته ضمن مناهج التعليم المعتمدة في بلدانها، وأن تنظم فعاليات كبرى ترصد هذه التجربة. كذلك تقترح وضع صورة الشاعر على منشورات المؤسسات الثقافية المعنية على مدار العام، إضافة إلى إصدار طوابع بريدية وبطاقات تذكارية.

back to top