الملحّن غنام الديكان... أنامل مبدعة تُخلّد الأغنية الوطنية (1-2)

نشر في 23-07-2012 | 00:01
آخر تحديث 23-07-2012 | 00:01
مسيرة الفنان القدير غنام الديكان مليئة بالعطاء الفني المتميز، قدم خلالها ألحاناً أصيلة ممزوجة بالتراث الكويتي القديم، غناها نجوم الأغنية الكويتية.

أدى دوراً مهماً في الحركة الموسيقية والغنائية الكويتية والخليجية، بخاصة في الأغنية الوطنية النابضة بحسّ وطني مستلهم من روح الكويت وتاريخها، وأثرى المكتبة التلفزيونية والإذاعية بأعمال رائعة وخالدة.

اسمه الثلاثي غنام سليمان الديكان من مواليد الكويت 1940 في منطقة المرقاب الجزء الشمالي، شارع الشهداء حالياً قرب مسجد الحمود. التحق بمدرسة ملا مرشد وتعلم قراءة القرآن الكريم. عندما افتتحت مدرسة المرقاب انتقل إليها، وكان ناظر المدرسة آنذاك عبد العزيز الدوسري.

أحب الديكان في تلك الفترة فن السامري ورغب في تعلم العزف على آلة العود، وقد حفّزه على ذلك رؤية ابن عمه يصلح آلة العود في البيت، فكان يدندن على هذه الآلة الجميلة برفقة شقيقيه إبراهيم ومحمد.

عام 1956 انتقلت أسرته إلى منطقة السالمية فدخل المدرسة فيها، لكنه لم يستمر طويلاً وترك الدراسة واتجه إلى العمل. حاول الالتحاق بالدراسة مجدداً لكنه لم يفلح لأن فكره مشغول بالوظيفة، إلا أنه لم ينقطع عن القراءة والمطالعة واتجه إلى قراءة الكتب الأدبية والقصص.

عزف على العود

خلال متابعته دروساً مسائية في مدرسة السالمية أعجبته فكرة تعلم العزف على آلة العود، وكان فيها نشاط موسيقي، فالتحق به مع عشرين طالباً من بينهم: محمد النصار وسليمان العثمان وعبد الحميد الهواري، وكان غنام الديكان من المتميزين في العزف وقراءة النوتة الموسيقية، واستمر في التدريب والتعليم والتعلم.

بعد سنتين بدأ يقرأ النوتة من دون معلم، وراح يشتري كتباً موسيقية لأغاني أم كلثوم من ألحان السنباطي وغيرها... فكان لهذه الكتب والمجلات الموسيقية دور في التوسع في تعلم النوتة وكتابتها.

العام 1964 طلب منه بعض الرياضيين والإداريين في نادي السالمية الرياضي أن يعلّم منتسبي النادي الموسيقى، وافق وباشر تعليمهم الموسيقى، وتواصل في الوقت نفسه مع الموسيقيين للاطلاع على جديدهم.

عرّفه شباب نادي السالمية إلى الشاعرين بدر الجاسر وخالد العياف الذي أعطاه كلمات أغنية أعجب بها غنام الديكان فكتب اللحن على النوتة وقدمها للإذاعة، وقد استمع الموسيقار الراحل أحمد علي إلى اللحن وقال له: «لحن جميل وكلمات جميلة»، ثم قدمه إلى لجنة النصوص في الإذاعة وكان رئيسها المرحوم الفنان سعود الراشد ونائبه الفنان عثمان السيد، فأجازته كملحن في الإذاعة الكويتية.

أول أغنية

«يا قلبي أنسى» أول أغنية لحنها غنام الديكان من كلمات خالد العياف وغناها المطرب يحيى أحمد إلا أنها لم تسجل، «يا بحر وين الحبيب» أول أغنية سجلها مع فرقة الإذاعة الموسيقية من كلمات خالد العياف وغناها المطرب يحيى أحمد (1964)، يقول مطلعها:

يا بحر وين الحبيب اللي أشوفه كل يوم

زادني شوقي لهيب بالحشا زاد الهموم

لونك النيلي عجيب

بالدجى يحاكي النجوم

رملك الباهي الرطب

يالهوى دايم يدوم

كذلك سجل أغنية «جيت يا شهر الصيام» بصوت المطرب غازي العطار. في العام 1965 انتسب إلى جمعية الفنانين الكويتيين كعضو عامل فيها وكان رئيسها آنذاك المرحوم عبد الله فضالة، وشارك في لجانها العاملة ومن ثم مجلس الإدارة ولا يزال.

مع ملحنين وشعراء

قابل الفنان غنام الديكان في تلك المرحلة مجموعة من الفنانين والملحنين والمؤلفين من بينهم مبارك الحديبي، وبدأ يستمع إلى: الفنان الراحل سعود الراشد، أحمد باقر، حمد الرجيب، أحمد الزنجباري، وكان ثمرة هذه اللقاءات تلحين نص غنائي كتبه خالد العياف في عنوان «حكاية بحار». أثناء انشغاله بالتلحين زار «فرقة العميري للفنون البحرية» وتعرف إلى الفنان نجم العميري وأفراد الفرقة، بعد ذلك زار «فرقة أولاد بن حسين البحرية». وكان أثناء استماعه إلى الأغاني التي يقدمونها يستعين بشرح وتبسيط من الفنان نجم العميري.

اهتمام بالفنون الشعبية

في العام 1967 تعرّف إلى الفنان حسين جاسم، فاستهوته الفنون الشعبية، وقدم له لحناً لكلمات «حكايات بحار» من تأليف خالد العياف يقول فيها:

يا بوم يا سفار

ما جبت لي أخبار

بعد ذلك قدم لحناً سامرياً غناه المطرب مصطفى أحمد من كلمات بدر الجاسر يقول فيه:

يا قلبي مالك كل يوم اتدانه

من ناس ما يبغون منك التداني

ومن ثم قدم أغنية «يا معيريس» من كلمات مبارك الحديبي يقول في مطلعها:

يا معيريس عين الله تراك

القمر والنجوم تمشي وراك

ويتغنى القمر

والنجوم تبكي عليك

ثقافة موسيقية

لم يتوقف الفنان غنام الديكان عن تثقيف نفسه بكل ما هو جديد وعلمي، فاطلع على مناهج الموسيقى التي زوده بها الفنان ابراهيم الصولة في أوائل السبعينيات، وكان يدرس آنذاك في المعهد العالي للموسيقى العربية في جمهورية مصر العربية، وحصل بنتيجتها على دبلوم انتساب من المعهد.

كذلك حصل على شهادة مناهج موسيقية من الفنان الراحل مرزوق المرزوق الذي كان يدرّس في المعهد العالي للموسيقى بحلوان في مصر، وتعلم منه التوزيع الموسيقي والعزف على البيانو.

شارك غنام الديكان في مهرجانات ومؤتمرات موسيقية في دول مختلفة وألقى محاضرات فيها، كان آخرها مهرجان الإسماعيلية، ثم مهرجان جرش. كذلك شارك في الأسابيع الثقافية الكويتية التي نظمها المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب في دول عربية.

أصدر كتابين عن الغناء والفنون الشعبية، الأول في عنوان: «الإيقاعات الكويتية في الأغنية الشعبية» - الجزء الأول عن السامري والخماري والعرضات، الثاني عن الغناء الشعبي والردحات والأصوات، ولديه أكثر من كتاب جاهز للطبع ، لكن غنام الديكان من الباحثين الذين يتريثون في مشاريعهم الكتابية واللحنية، لذلك تجده دائم البحث والتدقيق. نال جائزة الدولة التشجيعية لعام 1989.

مع الفنان مصطفى أحمد

غنى الفنان مصطفى أحمد أكثر من 15 لحناً عاطفياً ودينياً ووطنياً لغنام الديكان من بينها: «واحد يحبك»، «أعاند قليبي، «اليوم الضحى»، «أطق طاري»، «يا عين ماليه»، «تو الناس» جميعها من كلمات مبارك الحديبي، يقول مطلع «تو الناس»:

تو الناس يا راعي الهوى.. أهلا

تو الناس قعدتنا بدت تحلى

يا راعي الهوى أهلا..

تجينا شوي.. ولما تجينا تتبعد..

حرام الفجر يجيب الشمس ويتبدد..

كذلك غنى له مصطفى أحمد «كل يوم ترانا» من كلمات بدر الجاسر، «أمان الله»، «يا قلبي أنسى وليس أحبك» وهما من كلمات خالد العياف، «طال عمري» من كلمات فايق عبدالجليل، «شللي ينسيني» من كلمات سالم ثاني وأغنيات من كلمات عبد الله الدويش وبدر بورسلي وآخرين...

أيضاً تعاون غنام الديكان مع الفنان عبد الكريم عبد القادر، ففي بداية السبعينيات لحن له «يا ليل تدانه» من كلمات الشاعر الغنائي مبارك الحديبي يقول مطلعها:

يا ليل تدانه تدان

يا ليلي يا الله توبة

من تولع ما ينام

يبات ليله يتمنى

وبعد أكثر من عشر سنوات التقى الفنانان الكبيران غنام الديكان وعبد الكريم عبد القادر مرة أخرى في أغنية «سامحني» يقول فيها:

سامحني أخطيت ... خاني التعبير

سامحني والغلطة بعد ما تصير

عاتبني وبالعتاب أرتاح

عاتبني وريحني سامحني على التقصير

أعمال مسرحية

يقول الفنان غنام الديكان: «سبق وأن تعاملت مع مخرجين في أعمال مسرحية، من بينهم: النجم الفنان الراحل صقر الرشود في مسرحية «على جناح التبريزي وتابعه قفة» ، المخرج المصري سعد أردش في مسرحية «قاضي أشبيلية»، فؤاد الشطي وأحمد عبد الحليم وحسين الصالح».

مع عبد المحسن المهنا

«في ليلة الجمعة» إحدى أبرز أغنيات الفنان عبد المحسن المهنا من تأليف خميس بكر وألحان غنام الديكان، يقول مطلعها:

في ليلة الجمعة بعد العشاء والقمرة

تجمعوا الأحباب وطابت لنا السهرة

في وسطهم تزهو محبوبتي السمرة

جودي على الولهان ابسمه أو نظرة

كذلك غنى له المهنا: «يا حبي له» من كلمات الشاعرة «بنت الجزيرة» تقول في مطلعها:

يا حبي له إلى أقبل وسلم

يا حبي له إلى شفته تبسم

يا حبي له وما أدري ليش

أنا ديله ويسمعني ولو إنه بعيد

«شسوي يا حبيبي» من كلمات مبارك الحديبي، «سكواي» من كلمات عبدالله الحبيتر يقول في مطلعها:

سكواي للي يفتهم سكواي

راح الحبيب.. راح.. طول الغيبة

واليوم كنه ما قعد وياي

هذا ولا يرسل.. يرسل مكاتيبه

أغان عاطفية

تعاون الملحن غنام الديكان مع المطرب فيصل عبد الله الذي غنى له أغنيات عاطفية كانت وراء شهرته الفنية من بينها: «يا حلو يا زين» من كلمات الشيخ خليفة العبد الله الخليفة الصباح، يقول في مطلعها:

يا حلو يا زين يا حلو

يا شاغل بالي يا حلو

بالله عليك.. بالله ترحم حالي بالله

أنا قلبي في نار... وفكري أحتار

بالإضافة إلى مجموعة من الأغنيات كتب كلمات الشاعر بدر بورسلي من بينها: «يا نجمة سهيل»، «كذابين»، «غير الوقت حبايبنا»، «خليجية»، «حبيبتي»، «أسمعيني». أيضاً لحن لفيصل عبد الله أغنيات: «وين الهوى» من تأليف أحمد اليتيم، «على خبري» من تأليف الشاعر خالد العياف... وأغنيات أخرى وطنية ودينية

أصوات جديدة

أثناء مسيرته الفنية الطويلة قدم إلى الساحة الغنائية الكويتية والخليجية أصواتاً جديدة من بينها سناء الخراز التي غنت له أغاني كثيرة بالاشتراك مع الفنان القدير شادي الخليج...

أيضاً أعطى فرصة لكل فنان ومطرب متمكن يستحق بصوته وعمله أن يقدم عملاً جديداً. فقد وجد أن ثمة أصواتاً ومواهب لديها إمكانات جيدة تستحق فرصة لتثبيت شهرتها الفنية وانطلاقتها، وتكون مكسباً للأغنية الكويتية الحديثة.

في هذا الإطار لحن للمطربة نوال أغنيات من كلمات الشاعر الغنائي مبارك الحديبي من بينها: «عنينا»، «واشلون شره عليك» و»سولفنا» يقول فيها:

سولفنا.. سولفنا

يا حلو السوالف فيك

سولفنا.. سولفنا

حبنا بالحكي طاريك

زينا الخواطر في ذكرى لياليك

خلينا النواظر تسرح في معانيك

كذلك تعاون مع المطرب نبيل شعيل ولحن له أغنيتين: «تجربة» من كلمات مبارك الحديبي، «سكوتيه» من كلمات بدر بورسلي، ولحن للمطرب أحمد عبد الله، عضو فرقة التلفزيون، أغنية «بالهوى» من كلمات محمد محروس فحققت له نجاحاً وانتشارا جماهيرياً، يقول فيها :

سولفنا.. سولفنا

بالهون لو يهمك تبادلني المودة

أنت على هذا الحال لا تلفت العيون صوبي

ما تعرف لي عذال تحط دوبها ودوبي

وزع غنام الديكان ألحانه على أصوات غنائية من بينها: حمد السليم، غازي العطار، عايشة المرطة، حبيب فاضل، أحمد القطامي، راشد سلطان، غريد الشاطئ.

مع فرقة التلفزيون

منذ إنشائها العام 1978 تحظى فرقة التلفزيون باهتمام وتقدير كل من يشاهد عروضها الفنية. لا شك في أن المستوى الرائع الذي وصلت إليه لم يأت من فراغ، إنما هو نتيجة تدريب مستمر وإشراف واعٍ، بالإضافة إلى بصمات فنية وألحان رائعة منتقاة من روائع شعرية قدمها الفنان القدير غنام الديكان، الذي بذل أقصى ما لديه من جهد لتطوير أداء الفرقة من نواحي الأصوات والإيقاعات والألحان المعبرة عن معنى الحركات الفلكلورية التي تؤديها الفرقة.

ألحان غنام الديكان لـ «فرقة التلفزيون للفنون الشعبية» ممزوجة بماضينا وحاضرنا وتبشر بمستقبل مشرق. ومن أبرز هذه الأغاني: «أنشدوا وتولوا» من كلمات الشاعر محمد التنيب، «غزال في هوى غيه رماني» من كلمات الشاعر الراحل فهد بورسلي ، «فز الخفوق بالسلامات» من كلمات عبدالله العجيل.

back to top