سليم الترك: مجتمعنا ضائع بين الانفتاح والانغلاق

نشر في 14-12-2012 | 00:02
آخر تحديث 14-12-2012 | 00:02
رافقت عرض فيلم my last valentine in Beirut في الصالات اللبنانية ردود فعل سلبية لجرأته وأفكاره الغريبة، ففي حين تضامن البعض معه اعترض البعض الآخر عليه باعتبار أنه يسيء إلى صورة الممرضة، إلا أن مخرج الفيلم سليم الترك المتسلح بقرار الأمن العام اللبناني باستمرار عرضه يعتبر أنه حقق إنجازًا سينمائيًا بتقديم أول فيلم سينمائي عربي بتقنية ثلاثية الأبعاد.
عن الضجة المثارة حول فيلمه ومشاريعه للمرحلة المقبلة يتحدث الترك إلى «الجريدة».
ما مصير my last valentine in Beirut؟

يستمر عرضه في سينما «غالاكسي» فقط، وأظنّ أن صالة واحدة تكفي لمن يريد مشاهدته.

هل استمرار الفيلم في صالة واحدة بمثابة حلّ وسط بينك وبين نقابة الممرضين في لبنان؟

لا علاقة بين مكان عرض الفيلم وموقف نقابة الممرضين، كما أنني أتوقع خسارة النقابة للقضية، وإلا سنعتصم، إذ لا يمكن أن تقرر أي مؤسسة أو فرد في المجتمع إيقاف عمل فنيّ قيّم صُرفت عليه أموال طائلة بقرار رسمي.

يتردّد أن الجمهور الذي حضر الفيلم أصيب بالملل وخرج خائباً وأنك أوقفته لانتفاء جماهريته، ما صحة ذلك؟

لو كنت أسعى إلى رفع الفيلم من الصالات لما قدمته من الأساس، ثم ردود الفعل حول أي عمل فنيّ تتراوح بين الإعجاب والرفض، فإذا أحب %1 من المجتمع عملي لا يعني ذلك أن هؤلاء أغبياء، بل حاكى الفيلم ذوقهم وبالتالي يجب احترام رأيهم.

ألم يكن الأجدى حذف المشاهد المعترض عليها بدل إثارة مشاكل؟

لست في وارد اقتطاع كل مشهد يعترض عليه المشاهدون، خصوصًا إذا أُعجب غيرهم بالعمل واستمتعوا بمشاهدته، وأنا أتوجه إلى هؤلاء.

هل تشعر بتحدٍ تجاه من يحاربك؟

أبدًا، لأنني غير مكترث بهذا التحدي ولا آبه به.

ما رأيك بكيفية تعاطي القضاء اللبناني مع الأفلام السينمائية اللبنانية، خصوصًا أن أفلامًا أخرى أوقف عرضها رغم موافقة الأمن العام اللبناني المسبقة عليها؟

لكلّ من الأفلام الأخرى ظروفه الخاصة، لذا يجب عدم التوقف حول ما يثار في الإعلام فحسب. أما بالنسبة إلى فيلمي فقد دعمني الأمن العام اللبناني ومنحني إذناً بعرضه ولم يصدر منه لاحقًا أي قرار بتوقيفه، إذ لا يجوز أن يتراجع عن أي قرار يتخذه لأنه يعرّض مصداقيته للتشكيك.

مزجت مأساة البطلة بنوع من الكوميديا، لماذا قدمت هذا المزيج رغم أن القصة مأساوية؟

شعرت بأن تقديمه في هذا الإطار أكثر متعة للمشاهدين، فضلاً عن أنني أرى الحياة متعددة الألوان، ففيما يعاني البعض يعيش البعض الآخر سعيداً غير آبه بمصيبة غيره.

قدّمت أول فيلم سينمائي عربي بتقنية ثلاثية الأبعاد، كيف تقيّم هذه التجربة؟

يتضمن هذا الفيلم الكثير من الإخراج المسرحي، وما دام المشاهد يشعر في المسرح بأنه يشارك في مجريات الأحداث، وجدت أن هذه التقنية مناسبة لهذا الفيلم، فضلاً عن سعيي إلى تقديم تقنية متقدمة غير متوافرة في العالم العربي.

هل يعني ذلك أنك أوليت اهتمامًا بالصورة على حساب السيناريو؟

أبدًا، لا علاقة لهذه التقنية بالسيناريو، فحين كنا نحضّر النص ركزّنا على تركيبة القصة، وحين بدأنا التحضير للتصوير اهتممنا بالصورة. الجمهور اللبناني غير المعتاد على هذا النوع من الصورة والنص، وجد العمل غريبًا فنفر منه وتردد في قبوله، لذلك وجهت انتقادات كثيرة إليه كونه جديدًا أولاً وقورن بأعمال معروضة سابقًا ثانيًا.

ألا ترى أن الأفلام اللبنانية التي تثير جدلاً في لبنان تحظى بجوائز وثناء في المهرجانات الدولية؟

تفتش المهرجانات الدولية عن الجديد في المشاريع المعروضة سواء على صعيد التقنيات المستخدمة أو كتابة السيناريو.

 

كيف ستواجه المرحلة المقبلة؟

سأقدم فيلمًا جديدًا، لأن العمل الفني لا يتعلق بردات فعل الجمهور الآنية، بل بعرض التجارب التي قمنا بها. منذ 15 عامًا عندما قدمنا كليبًا في إطار جديد صُدم الجمهور، لكن أصبحت هذه الأعمال تدريجًا كلاسيكية وشائعة.

ألا تُعرض في الكليبات مشاهد تتجاوز في جرأتها مشاهد فيلمك؟

يعترض البعض على شتى الأمور. في الماضي كانت قرارات الرقابة باجتزاء المشاهد الجريئة تواجه باستنفار باعتبار أننا بلد منفتح، أما اليوم فثمة انتفاضة في وجه الرقابة لأنها سمحت بعرض المشاهد المحذوفة سابقًا باعتبار أننا مجتمع شرقي. في مطلق الأحوال، لعبة الموالاة والمعارضة الرائجة في البلد مسلية في المجتمع الفني، إلا أنها مؤذية في السياسة لأنها تضرّ بالمواطنين.

أين يحاكي الفيلم الواقع وأين يتداخل مع الخيال؟

يسير الواقع والخيال في خطٍ متوازٍ، لأن القصة مبنية على أحداث واقعية إنما طريقة المعالجة تجنح صوب الخيال.

هل قطفت ثلاث سنوات من التحضير لهذا الفيلم وسجلت من خلاله إنجازًا سينمائيًا؟

طبعًا. صحيح أنني تعلمت من بعض الأخطاء ومن هذه التجربة، لكنني استمتعت أيضًا. باختصار، ما أقوم به هو تقديم عمل جديد على الصعيدين التقني والفني غير متعارف عليه في العالم العربي.

ما سبب اختيارك للممثلة لورين قديح وهل ستدفع ثمن بطولتها لهذا الفيلم برأيك؟

حققت لورين انتشارًا بفضل هذا الفيلم. اخترتها لأنها ممثلة مناسبة لهذا الدور الصعب لناحية تركيبته وليس لناحية جرأته فحسب.

ألم تستفد من هذه الضجة المثارة لتحقيق انتشار أكبر للفيلم؟

لا، فمن يقصد صالة السينما لمشاهدة الفيلم لا يكترث بالقصة والتقنيات المستخدمة، بل يفتشّ عن مشهد الممرضات الذي أثار ضجة وهذا أمر سلبي. ثم لا يجوز تقويم العمل الفني إلا بعد مرور فترة من الزمن، وبعد هدوء الأقاويل المثارة حوله، لنتمكن من النظر إليه بالمطلق ومن دون أحكام مسبقة.

هل عكس الفيلم وجهة نظرك تجاه بائعات الهوى وممارسة الدعارة؟

ما يزعجني هو أن قلة من المشاهدين تابعت الفيلم بهدف تقويمه فنيًا على صعد التنفيذ والكتابة والموسيقى والإدارة الفنية. مجتمعنا معقّد وضائع بين كونه شرقيًا أو غربيًا، منفتحًا أو منغلقًا على نفسه.

 يحوي هذا الفيلم بعض الأخطاء أسوة بأي عمل فنيّ آخر، لكنه يتضمن أمورًا جديدة من نوعها وتجارب فريدة لم يكترث لها أحد. شخصيًا، أفتشّ عن الذين أعجبوا حقيقة بهذا الفيلم لأسمع رأيهم السلبي والإيجابي، ولا يهمني رأي من شاهد عشر دقائق منه وخرج قبل نهايته.

لماذا يتقبّل المشاهد العربي فيلمًا جريئًا بصناعة أجنبية ويرفضه بصناعة محلية؟

إما يقبل المشاهد الأعمال الجريئة أو يرفضها بالمطلق. أما من يقبل هذه الأعمال بتوقيع أجنبي ويرفضها بتوقيع عربي، فهو معقد.

لكن مضمون هذا الفيلم حال دون عرضه في صالات عربية؟

هذا خيار تلك الصالات وهي خاسرة برأيي. في المرحلة المقبلة سأقدم نوعًا آخر يحاكي أذواقًا فنية أخرى.

ما موقف الفنانين والسينمائيين؟

اقتنع البعض بأفكاري فتضامن معي، فيما البعض الآخر تضامن معي سعيًا  إلى الشهرة على حسابي من دون أن يشاهد الفيلم ليحكم عليه، وثمة فئة ثالثة  تضامنت مع نقابة الممرضين من دون مشاهدة الفيلم.

علام تتركز مسؤوليتك في برنامج «بحلم بيك» على شاشة «أم بي سي»؟

يتميّز البرنامج المعروض على الهواء مباشرة بتقنيات حديثة ويتضمن ثلاث فقرات، واحدة تقدم كليبات وثانية تقدم ديو غنائياً بين فنان راحل وفنان معاصر من خلال تنفيذ كليب لأغاني العمالقة بتقنيات حديثة يبدو فيها الفنان المعاصر كأنه يغني ديو مع هذا الفنان أو ذاك من الزمن الجميل، وثالثة مقابلة حوارية. فيما يتولى المخرج باسم كريستو فقرتي الديو والمقابلات الحوارية والرؤية الإخراجية للبرنامج، أتولى أنا إخراج كليبات خاصة عبر استخدام أرشيف الأغاني الكلاسيكية بأصوات جميلة لتقديمها بصورة لائقة.  

ماذا تحضر من أعمال أخرى جديدة؟

كليب أغنية «أسعد واحدة» لإليسا، فضلاً عن مشاريع على صعد الأفلام والكليبات والإعلانات والدراما.

كيف ستقدم إليسا؟

بإطلالة جديدة لجهة الأداء والتقنية المستخدمة في الاخراج. أسعى دائمًا إلى ابتكار صورة جديدة للفنانين بالتوافق معهم ومع الجهة المنتجة، لأن الكليب عمل تجاري.

ما جديدك على صعيد الدراما؟

 مسلسل لبناني سيكون فريدًا من نوعه، لكن أتحفظ عن التفاصيل في انتظار أن تعلن عنه الجهة المنتجة.

كيف تنظر إلى الدراما اللبنانية التي ستصبح جزءًا من مخرجيها؟

المشكلة في التلفزيون أنه بريء في التعاطي مع القصص، فلا يمكن معالجة مسلسل درامي أسوة بالطريقة التي عالجنا فيها فيلمي السينمائي الأول، لأن المسلسل يدخل إلى منزل المشاهدين وبالتالي يجب أن يكون ألطف من العمل السينمائي.

 

back to top