الأديبة بثينة خضر مكي: الثقافة في معظم الدول العربية آخر الهموم

نشر في 03-12-2012 | 00:02
آخر تحديث 03-12-2012 | 00:02
No Image Caption
أكدت الأديبة السودانية بثينة خضر مكي أنها متفائلة بما أفرزته الثورات العربية، وأن حقبة الربيع العربي ستحمل مزيداً من المشاريع التنويرية للأمة، مضيفةً أن أزهار الحرية ستواصل ازدهارها خلال الأيام المقبلة.
«الجريدة» التقت بثينة خضر مكي في الحوار التالي الذي تناول رؤيتها للواقع الثقافي العربي الراهن وأعمالها ومسيرتها الإبداعية.
يترقب العالم العربي راهناً نتائج ثورات الربيع العربي، فهل ترين أن ثمة مشروعاً تنويرياً للأمة؟

بالتأكيد، وثمة نوع من التنوير نلاحظه الآن في الشارع يعتبر أمراً مدهشاً رغم وجود بعض السلبيات، حيث نلاحظ نوعاً من الانضباط وستعود الأمور إلى نصابها الطبيعي. أعتقد أن الأحداث في الشارع العربي جاءت كنوع من الانتفاضة ولم تكن مفاجأه لأنها نتيجة ضغوط كثيرة، وهذه الانتفاضة هي التي ستقود إلى عملية التنوير.

يتخوَّف البعض من التيارات الإسلامية في بعض دول الثورات العربية ومن تأثيرها على حرية الأدب، ما رأيكِ؟

لا أوافقهم الرأي. للتجربة الإسلامية بعض الإرهاصات، وبعض الأفعال نفسها ليست غير صحيحة. عموماً الثورة في الشارع المصري إيجابية وجميلة وقدوة للشعوب الأخرى، لكن ثمة دائماً سلبيات قليلة تصاحب العمل الإيجابي.

كيف ترين مكانة الرواية العربية مقارنة بالرواية العالمية؟

الرواية العربية مؤثرة في العالم، وفوز نجيب محفوظ بجائزة «نوبل» أعطاها دفعة قوية إلى الأمام وإلى العالمية، وحركة الترجمة العالمية ساعدت على ذلك منذ صدر الإسلام وفي العهد العباسي. عموماً، غالبية الفنون الجميلة والمتطورة مأخوذة من العرب.

كيف ترين مقولة إننا نعيش عصر الرواية الآن؟

حقاً نحن في زمن الرواية، لأن الرواية تحمل التفاصيل الدقيقة لأزمان كثيرة وأماكن مختلفة، وهي أفضل صورة أدبية لنقل الأحداث.

ماذا عن الأدب السوداني ومكانة المرأة السودانية فيه؟

يعاني الأدب السوداني ضائقة اقتصادية، فالنشر مثلاً تراجع. في المقابل، ثمة أدباء سودانيون أخذوا دورهم مثل الطيب صالح أمير تاج السر وأحمد مكي. لا ننسى أن الأدب السوداني لا يقل كفاءة عن غيره من الأدب العربي، لكن عدم الانتشار هو المشكلة. بالنسبة إلى المرأة السودانية فهي حاضرة في هذا المشهد الأدبي، لكن بصورة غير مناسبة لها.

تأثر سردك الروائي بالتراث العربي، فما تعليقك؟

بالتأكيد، فأنا منذ الطفولة مغرمة بالسرد العربي بمعطياته كافة، وزاد تأثيرها عليّ في مرحلة الجامعة. فضلاً عن أن مكوثي لفترة طويلة في دول الخليج، لا سيما السعودية، أثر جداً في حياتي.

تتميز أعمالك باقتحام التابوهات، هل توافقين هذا الرأي؟

أرى أن الاقتحام السياسي سهل أمام اقتحام التابوهات الأخرى، وثمة حدود فاصلة بين المباح في مجتمع عربي والمباح في مجتمع عربي آخر، فما يعتبر مثلاً جرأة في السودان يكون نوعاً من الحرية المتاحة في لبنان ومصر. عموماً، الحرية في المعتقدات الاجتماعية كلمة مطاطة ومرنة، لا يمكن أن تحدها حدود. في السودان مثلاً، الأمور التي كانت معيبة في زمن جدتي وأمي هي راهناً شؤون عادية. أما مسألة الدين فيصعب جداً تخطيها، إلا في لحظات بسيطة.

بمن تأثرت في كتاباتك الأدبية؟

تأثرت بأمور كثيرة وكتاب كثر. تأثرت ببعض الكتاب الغربيين، فضلاً عن أني درست أكاديمياً شكسبير وعدداً من الكتاب والترجمة والتراث، ودبلومي كان في دور الحكاية الشعبية في التعليم وكيفية إدخال هذه الحكايات في الدراسات والمناهج الدراسية. جذبني أيضاً التراث الإسلامي والأدب القديم. ثم جاءت حكاية الأدب العربي ومصر هي أقرب الدول إلينا في السودان، وكنت دائماً مسكونة بالأستاذ نجيب محفوظ وأعجبتني كثيراً تعبيراته عن الحارة المصرية والإنسان البسيط المهمش، ولفتني فيه حفاظه على محليته ومكانة القيم والحارة، ما جعله أحد أفضل الكتاب المحليين، والمحلية التي عاش فيها قادته إلى العالمية. أتمني أن أصف وأنقل الحارة السودانية كما فعل محفوظ في الثلاثينيات من القرن الماضي، وألا يكون الأديب مؤرخاً بل ناقداً اجتماعياً للشخصيات والأحداث.

ما هي أهم المحطات في حياتك الثقافية والأدبية؟

الحياة في السودان، خصوصاً القرية السودانية والبيئة التي عشت فيها، الأمومة المبكرة فقد تزوجت ولم أكن قد بلغت 17 عاماً، العيش خارج السودان لفترات طويلة، معايشتي أموراً كثيرة في الأسفار، ومقابلتي أشخاصاً سودانيين عايشت تجربتهم... ذلك كله يعطيني المادة التي أكتب بها، والابتعاد عن الوطن يحتم عليَّ نوعاً من الحنين والحكم بصورة مختلفة على الأمور.

كيف يمكن النهوض بالثقافة العربية حالياً؟

راهناً لا يتوافر الوقت للثقافة والأدب العربي، والكل مشغول بالسياسة والضائقة الاقتصادية وتوفير لقمة العيش. للأسف، الثقافة في معظم الدول العربية آخر الهموم وآخر بند في الاقتصاد.

ماذا عن جديدك؟

أكتب رواية شارفت على الانتهاء منها بعنوان «بيت المأمور»، ولدي مجموعة قصصية جاهزة للنشر، علماً أن عملي في المجلس الوطني (البرلمان السوداني) حدَّ من نشاطي الأدبي، لذا أتمنى أن أنتهي منه قريباً.

back to top