Red Dawn... ذكرى حلوة ومرّة
الفيلم الدرامي Red Dawn لا يخلو من مشاهد الحركة، وهو يتناول قصة مجموعة من المراهقين يخوضون حربا، مع غزاة خارجيين، يداهمون حيّهم في إحدى مقاطعات واشنطن، ومدنا أخرى.
قبل تقديم عرض تجريبي أولي لفيلم Red Dawn في 4 نوفمبر الجاري، طلب أحد نجوم الفيلم، جوش بيك، من الممثلين الموجودين وأعضاء فريق العمل الوقوف. قال الممثل المعروف بدوره في مسلسل Drake and Josh على قناة «نيكلوديون»: «أرجوكم صفقوا لهم بحرارة». ثم تحدث أمام فريق العمل الذي قدم من خارج الولاية وشكر الحضور قائلاً: «نحن نقدّر دعمكم لأنكم سمحتم لنا بالقدوم إلى مدينتكم وصناعة هذا الفيلم».عُرض الفيلم الدرامي الذي لا يخلو من مشاهد الحركة (مدته 90 دقيقة تقريباً) Red Dawn وهو يتناول قصة مجموعة من المراهقين، على رأسهم نجم فيلم The Avengers كريس هيمسوورث الذي يحارب غزاة كوريين شماليين يستولون على حيّهم في مقاطعة سبوكان، واشنطن، ومعظم المناطق الأميركية الأخرى.
Red Dawn نسخة مستحدثة من الفيلم الأصلي الذي شارك فيه باتريك سوايزي في عام 1984، ويشمل طاقماً من الممثلين الشباب والوسيمين ويعرض قصة تمرد ضد عدو شرير. تكثر فيه الانفجارات التي صُوّرت في معظمها في وسط مدينة ديترويت والمنطقة المحيطة بها.سيكون الفيلم خياراً بديلاً عن الأفلام الجدية التي تطبع موسم الأعياد. فهو يستهدف المراهقين، تحديداً لأن الممثلين يشملون هيمسوورث الذي شارك في فيلم Thor وجوش هاتشرسون الذي شارك في فيلم Hunger Games. يعني ذلك وجود نجمين وسيمين كانا قد مثّلا في فيلمين حققا نجاحاً ساحقاً على شباك التذاكر واحتلا المراتب الثلاث الأولى هذه السنة.لكن بالنسبة إلى قطاع تصوير الأفلام في ديترويت، يُعتبر Red Dawn مناسبة احتفالية حلوة ومرّة في آن. فقد صُوّر الفيلم في هذه الولاية في عام 2009. بعد ثلاث سنوات على ذلك، لم يُصوَّر في هذه المدينة أي فيلم بميزانية كبيرة كتلك المشاريع التي تدفقت إليها خلال الفترة التي شهدت محاولات لجعل ميشيغان امتداداً لهوليوود.كان تيد ديمسكي (27 عاماً) أحد المساعدين في إنتاج فيلم Red Dawn في ديترويت وقد علّق على هذا الموضوع قائلاً: «لا تتوافر حركة ناشطة في الوقت الراهن. إذا بقي مناخ تصوير الأفلام بطيئاً بهذا الشكل، سأنتقل من هنا على الأرجح».صحيح أن تصوير الأفلام في مختلف المواقع يتباطأ في فصل الشتاء، لكن تواجه ميشيغان عائقاً إضافياً يجب أن تتجاوزه: إقناع أبرز شركات الإنتاج باستئناف نشاطها في الولاية حيث بلغ سقف حوافز تصوير الأفلام 25 مليون دولار لعام 2012، ثم رفعت الولاية ذلك السقف ليبلغ 58 مليون دولار خلال السنة المالية 2013 التي بدأت في الشهر الماضي.ميزانية كبيرةكانت ميزانية فيلم Red Dawn كبيرة نسبياً وقد استهلكت حوالى نصف الحوافز المالية المحددة لعام 2012. تمت المصادقة على حوافز مالية بقيمة 16،7 مليون دولار ضمن مجموع إنفاق ولاية ميشيغان الذي يبلغ 44 مليون دولار تقريباً.دامت رحلة إنتاج الفيلم ثلاث سنوات قبل وصوله إلى الشاشة الكبيرة وقد واجه هذا المشروع بعض الأحداث الدرامية التي تشبه أحداث الفيلم نفسه. أنتجت شركة «إم جي إم» (MGM) الفيلم ثم وضعته جانباً لأن مشاكل الشركة المالية دفعتها إلى إعلان الإفلاس.حين تجاوزت «إم جي إم» مشكلة الإفلاس في أواخر 2010، حاولت بيع Red Dawn، لكن ترددت شركات التوزيع في شرائه لأنه يصوّر الصينيين على أنهم غزاة ولم تشأ الشركات الإساءة إلى سوق الترفيه المتنامية في الصين وفق صحيفة «لوس أنجليس تايمز».لتسهيل تسويق الفيلم، اتُّخذ قرار بتحويل الأشرار الصينيين إلى كوريين شماليين في مرحلة ما بعد الإنتاج. هكذا أُزيل بعض المراجع البصرية مثل الأعلام الصينية عبر تقنيات رقمية وحصل تعديل في الحوارات لتحويل الجهة الشريرة إلى بلد معزول لا أهمية فيه لإيرادات شباك التذاكر. في خريف عام 2011، كتبت مجلة «فاريتي» (Variety) أن شركة «فيلم ديستريكت» التي قررت في نهاية المطاف توزيع Red Dawn كانت تتفاوض مع «إم جي إم» لإصدار الفيلم.ساد جدل أيضاً حول قدرة الفيلم على جذب الجماهير المعاصرة كونه يعكس أجواء الحرب الباردة والغزو المسلح (من الروس حينها) في عهد رايغن. قال المعجبون خلال العرض التجريبي الذي حضره رواد سينما عاديون في 4 نوفمبر إن Red Dawn يستعمل مقاربة ذكية لتحديث القصة عبر التشديد على أن الاعتداءات التكنولوجية هي جزء من الغزو.قال بول ناش (37 عاماً) قبل بدء العرض التجريبي: «الأمر الذي أعجبني هو أنهم استحدثوا العمل بالطريقة المناسبة». في الفترة الأخيرة، أقنع ناش ابنه البالغ 14 عاماً بمشاهدة النسخة الأصلية من الفيلم على القنوات الفضائية.حين وصل فريق إنتاج Red Dawn إلى ديترويت في سبتمبر 2009، كان الأمر يرمز إلى ازدهار قطاع التصوير في ديترويت. إذا كان فيلم Gran Torino لكلينت إيستوود قد وضع ميشيغان على خارطة مواقع تصوير الأفلام، فقد أثبت Red Dawn أن فِرَق العمل في هذه الولاية قد تنتج أضخم أفلام الحركة، وهي أهم فئة في هوليوود. قال مارك أدلر، رئيس «مجموعة ميشيغان للإنتاج» (منظمة تجارية) وقد ساعد أيضاً في تصوير الفيلم: «كان أكبر مشروع شهدناه حتى تلك المرحلة. ترافق الأمر مع تدفق الأرباح إلى ميشيغان وحصول تدريبات مكثفة للأشخاص الذين أردوا تطوير مهاراتهم في مواقع التصوير».حصل طاقم العمل الذي زار الولاية على فرصة التكيف مع الموقع الجديد أيضاً. قال جون ديموناكو، عضو في الفريق المسؤول عن هندسة الصوت: «في أول يوم تصوير، كنا نصور في مكان داخلي في ماونت كليمنز. كانت الحرارة تبلغ 90 درجة داخل المبنى. طلبنا من أصدقائنا القادمين من خارج الولاية ألا يتذمروا من الطقس، ثم انخفضت الحرارة بعشرين درجة في مواقع التصوير في هارتلاند. لم يدركوا مدى تغيّر الطقس هنا».ديترويتصُوّرت مشاهد الفيلم في برايتون، هايلاند، ميلفورد، هاربر وودز، ماونت كليمنز، بونتياك، رويال أوك، تروي، وغراند ليدج. لكن بقيت ديترويت الأبرز بين المواقع نظراً إلى تنوّع هندستها وتصميم مدنها وقد كانت تحل مكان مقاطعة سبوكان في بعض المناسبات.استُعملت ساحة تضم مبانٍ من المدينة لتصوير المشاهد الخارجية مثل اعتداء المتمردين الذين حملوا اسم «وولفرين» (لقب فريق المدرسة الثانوية لا جامعة ميشيغان)، وتدور أحداث ذلك المشهد خلال اجتماع خارجي يجمع أهم الشخصيات المنتمية إلى الجهة المعتدية. صُوّر المشهد في وسط المدينة بين المباني المحيطة بغريسوالد وجادة ميشيغان.قال بيك الذي يؤدي دور شقيق هيمسوورث في المدرسة الثانوية: «صورنا بعض مشاهد الفيلم في محيط جزيرة «لافاييت كوني أيلاند». كان التقاطع الذي يشمل خمسة اتجاهات مختلفة مغلقاً بالكامل. كنا نركض في الشارع ونحن نحمل الأسلحة ونتعرض لإطلاق النار، وكانت السيارات تنفجر وتواجد مئات الممثلين البدلاء وكنا نقول لأنفسنا: «إنه حلم كل شاب وقد بدأ يتحقق هنا».بعد إنهاء Red Dawn في شهر ديسمبر، توالت مشاريع كبرى مثل دراما الملاكمة بين الرجال الآليين Real Steel من بطولة هيو جاكمان، والفيلم الضخم Oz: The Great and Powerful الذي سيصدر في عام 2013. تمت الموافقة عليه مقابل حوافز مالية بقيمة 40 مليون دولار، أي ما يوازي تقريباً نفقات فيلم Red Dawn في ميشيغان.لكن تباطأت وتيرة تصوير المشاهد بشكل ملحوظ بسبب تخفيض سقف الحوافز المالية الذي اقتصر على 25 مليون دولار في عام 2012، ويخشى البعض مما سيحصل في عام 2013 (رغم توافر أكثر من ضعف تلك القيمة).قالت كاثي موني من منطقة فارمنغتون هيلز (تعمل في وكالة «باوند أند موني» لاختيار الممثلين وقد اختارت ممثلي Red Dawn في ميشيغان): «أخشى أن تُعطى الموافقة للأعمال المنخفضة الميزانية حصراً». لطالما كانت الأفلام المستقلة الأصغر حجماً جزءاً من هذا القطاع، وكانت المشاريع العالية الميزانية تشمل تكاليف الفنادق والمطاعم والتسوق التي يعتبرها الممولون عاملاً إيجابياً مهماً بالنسبة إلى الجماعات المحلية.تحدثت موني عن تراجع الإنفاق في بعض المشاريع في ميشيغان فقالت: «قابلنا لتونا وفداً من إحدى شركات الإنتاج واضطررنا إلى شراء قهوتنا بأنفسنا».يعتبر «مكتب أفلام ميشيغان» أن تخصيص مبلغ 58 مليون دولار هو أكثر من كافٍ لجذب فيلم حركة آخر مثل Red Dawn، فضلاً عن تحقيق أهداف أخرى مثل دعم الإنتاجات المحلية وتحسين مراحل ما بعد الإنتاج وصناعة أفلام متوسطة المستوى وصغيرة الحجم. يتناقش ممثلو «مكتب أفلام ميشيغان» مع شركات الإنتاج عن مشاريع محتملة ويشعرون بالتفاؤل في شأن الأعمال التي يمكن إنتاجها في السنة المقبلة.قالت المتحدثة باسم «مكتب أفلام ميشيغان» ميشيل بونيوش: «ما زلنا ضمن المنافسة حتماً!».حتى الآن، تشير المعطيات كافة إلى ضرورة الاتكال على الذات بحسب شون روبرتسون (39 عاماً)، أحد العاملين في Red Dawn وقد أنتج بنفسه المسلسل الدرامي Great Lake State.صحيح أن Red Dawn يدفع الممثلين وفِرَق الإنتاج في ديترويت إلى التفكير بالمستقبل، لكنه يهدف في الحقيقة إلى التفاعل مع عواطف محبي السينما.قال بيك في يوم العرض التجريبي: «يتناول الفيلم تلك المخاوف الفطرية: ماذا لو أصبحت المعركة في عقر دارنا؟ سواء تعلقت المعركة بظروف خيالية كتلك التي تظهر في هذا الفيلم أو بكارثة طبيعية كتلك التي شهدناها أخيراً، نضطر أحياناً إلى التماسك وتوحيد صفوفنا».