الملائكة نزلت مرة واحدة

نشر في 23-11-2012
آخر تحديث 23-11-2012 | 00:01
 بدر سلطان العيسى إذا كان الكويتيون ينتظرون نزول الملائكة من السماء لتحل مشاكلهم وتحاول وقف الفساد الإداري والمالي والتلاعب الحاصل من قبل بعض منافقي السلطة فهم واهمون، فالملائكة نزلت مرة واحدة قبل ألف وأربعمئة سنة في "معركة بدر" وقاتلت مع المسلمين، وبعدها لم تنزل حتى في "معركة أحد"، التي هزم فيها المسلمون، وكان أكثرهم شجاعة واعتقاداً بالنصر ونزول الملائكة للقتال معهم، قد ابتعد عن أرض المعركة.

أقول للكويتيين الذين ينتظرون أمراً من السماء بالقضاء على الفساد الذي عمّ جميع نواحي الحياة، والتسوس والركود والشلل الذي نخر جسم الاقتصاد الكويتي، أقول إنكم واهمون حتى إن كان الحق بجانبكم، وأقول إذا كنتم تنتظرون معجزة من السماء لوقف التلاعب بمقدرات الشعب الكويتي، فإن الفئة الباقية لها من الإمكانات ما قد يقود الكويت إلى الدمار وضياع الأوطان.

لقد استأثرت هذه المجموعة الفاسدة بمقدرات الكويت في السنوات الأخيرة، وأقول إذا كنتم تنتظرون معجزة من السماء مرة أخرى فإنكم تحلمون بواقع غير متاح في هذا البلد، فالكلمة ليست للشعب، وإنما الأمور تدار بنفس المجموعة الفاسدة، التي يعلم الكبير قبل الصغير، أنها لا تقيم أي اعتبار لحياة ديمقراطية حقيقية وحكم دستوري يكون فيه لدستور 1962 الكلمة الأخيرة.

غير هذا، فالكويت إلى اختفاء من الخريطة، وقتها لن يفيد البكاء على ضياع الأوطان، والتاريخ مليء بمثل هذه الحوادث وبالذات في الدول التي تحكم بحكم استبدادي. ليس في الأمر مبالغة، فقد دار هذا الحديث بيني وبين أحد السفراء قبل الغزو وبعده في جلسة هادئة. أبدى ذلك السفير خوفه مما قد تجده الكويت في السنوات القادمة من مصير مظلم قد يؤدي إلى تفككها واختفائها من الخريطة السياسية في مستقبل ليس ببعيد، وقتها لن يفيد البكاء على ضياع الأوطان.

الوضع السياسي والاقتصادي في الكويت قبل الغزو وبعده يسير في طريق لا يقود إلى ازدهار اقتصادي وسياسي ومعيشي للكويت وأهلها، وقتها لن يفيد خطباء المساجد والكلام الشاعري ومواعظ يوم الجمعة من رد كل هذه المصائب والنكسات المتوقعة.

ليس في الأمر مبالغة، فقد شاهدنا مثل هذه الحالة أثناء الغزو العراقي وبعده بسنوات، حيث خلت خزينة الدولة من الأموال وصرفت ما كان لديها من استثمارات في الخارج على تمويل حرب التحرير.

أقول هذا الكلام للمرة الأخيرة من قلب مواطن مؤمن بوطنه، على بعض المسؤولين الكف عن التلاعب بمقدرات الكويت والدفع إلى تحويل الحكم الدستوري والديمقراطي إلى حكم عائلي ليس فيه أي اعتبار لمصلحة البلد ولحرية الرأي والديمقراطية.

تستطيع الحكومة شراء رضا الكويتيين بالاستمرار في صرف الهبات والامتيازات، إلا أنه على من فكّر في هذا السلوك لمراضاة الناس أن يعلم أنه لن يستطيع الاستمرار في سياسة البذخ وترضية الكل بالمال والمناصب، فالأصل الذي تعتمد عليه الكويت هو النفط، وهو زائل ومصيره إلى النفاد.

back to top