مصر تودع البابا شنودة في جنازة مهيبة
الصراع على رأس الكنيسة ينحصر بين بوخميوس وأرميا
شيعت مصر أمس، جثمان البابا شنودة الثالث بابا الأقباط الأرثوذكس، الذي وافته المنية السبت الماضي، وسط منافسة حامية بين كبار الأساقفة الذين يستعدون لخلافته، في أجواء يراها الأقباط صعبة بعد صعود الإسلاميين سياسياً في أعقاب ثورة «25 يناير». وبدا للمراقبين انحصار الصراع على خلافة شنودة بين الأساقفة أرميا سكرتير البابا، وبوخميوس قائم مقام البابا الذي يدير شؤون الكنيسة الآن، في حين تصدر أرميا مشهد صلاة الجنازة ودفن بابا الأقباط الـ117. وغلب البكاء الهستيري على مشيعي البابا في حفل الجنازة المهيب الذي حضره ممثلون عن جميع كنائس مصر والعالم علاوة على السفراء العرب والأجانب على رأسهم السفيرة الأميركية والسفير البريطاني وسفير الاتحاد الأوروبي وعدد من كبار رجال الدولة والشخصيات العامة ورموز المجتمع. ونُقل البابا من مقر الكاتدرائية في العباسية إلى مطار ألماظة (شرق القاهرة) لنقله إلى دير الأنبا بيشوي في وادي النطرون الذي أوصى بالدفن فيه، بطائرة عسكرية خصصها المجلس العسكري لذلك، في رحلة رافقته خلالها «الجريدة». وادي النطرونوبعد نحو 25 دقيقة حلق فيها جثمان البابا في سماء القاهرة منذ تحرك الطائرة، وصل إلى وادي النطرون، الذي يبعد نحو 115 كيلو مترا من العاصمة ليرقد في مثواه الأخير. واصطف محبو البابا وسط إجراءات تأمينية مشددة من القوات المسلحة والشرطة المدنية على جانبي الطريق المؤدي إلى وادي النطرون، وقد تم تجهيز جانبي الطريق الذي يصل إلى الدير مباشرة ليستوعب الأعداد الكبيرة التي احتشدت لتوديعه بعد 72 ساعة منذ وفاته مساء الأحد الماضي بمشفاه. وأعد مدفن البابا من الرخام الفاخر وتم تزيينه بالأيقونات المسيحية المحببة إلى قلب الأقباط إلى جانب الصلبان المذهبة، داخل التابوت الذي صنع خصوصا في إيطاليا بوزن بلغ نحو 102 كيلوغرام، وتبلغ مساحة المقبرة نحو 250 متراً في 160 متراً. ووصل جثمان البابا شنودة إلى مقر دير الأنبا بيشوي، لتبدأ مراسم الدفن بقيام الأباء والأساقفة الضيوف مع الرهبان من الدير والأديرة الأخرى بحمل الجثمان على الأكتاف والطواف به داخل الدير على أنغام الكنيسة الجنائزية، لتبدأ رحلته الأخيرة ليوارى في القبر الذي أعد خصوصاً لذلك، والذي يقع على مسافة 40 مترا من الكنيسة الأثرية، ويظل الدير يتلقى التعازي مدة 3 أيام فور الانتهاء من دفن الجثمان. ويعتبر دير الأنبا بيشوي هو المكان المفضل للبابا شنودة، ففي هذا الدير تم إخباره بنبأ انتخابه بطريركا للكنيسة القبطية في نوفمبر 1971، وفيه أيضا قضى أكثر من سنتين رهنا للإقامة الجبرية بعد قيام الرئيس الراحل أنور السادات بالتحفظ عليه وتحديد إقامته به على خلفية أحداث الفتنة الطائفية بالزاوية الحمراء، وكان يقيم ثلاثة أيام في الأسبوع بهذا الدير طوال السنوات الماضية حتى وفاته. ويعد دير الأنبا بيشوي من أهم المناطق الأثرية بمصر، ويرجع تاريخ إنشائه إلى القرن الرابع عشر، وهو أكبر أديرة وادي النطرون، وتبلغ مساحته نحو فدانين، ويضم خمس كنائس أكبرها كنيسة «الأنبا بيشوي».