القرقيعان... من تقليد شعبي بسيط إلى موسم وصناعة حالياً

نشر في 05-08-2012 | 00:01
آخر تحديث 05-08-2012 | 00:01
No Image Caption
المناسبة فقدت أصالتها وأصبحت وسيلة للمفاخرة ولفت الأنظار

أكد مواطنون أن الاحتفال بالقرقيعان حاليا فقد أصالته المعروفة منذ سنوات، إذ تحول من تقليد شعبي وتراث كويتي بسيط إلى صناعة قائمة بذاتها، لاسيما مع التنافس المحموم بين الأسر لابتكار طقوس غريبة للاحتفال بهذه المناسبة.

أجمع مواطنون كويتيون على أن الاحتفال بالقرقيعان لم يعد تقليدا شعبيا وتراثيا كويتيا، بل تحول حاليا الى موسم وصناعة قائمين بذاتهما، بكل ما يعنيه ذلك من مبالغة، سواء لناحية التصميم أو المكونات، وحتى طريقة الاحتفال.

ورأوا في تصريحات متفرقة لـ"كونا" أن ما طرأ على الاحتفال بالقرقيعان من تطور وتغيير ابتعد كثيرا عن البساطة والعفوية اللتين لطالما تميز بهما هذا التقليد الشعبي المحبب، لدرجة أنه بات يستهلك جزءا كبيرا من ميزانيات بعض الاسر حاليا، وتحول في شكل من الاشكال الى وسيلة للمفاخرة ولفت الانظار.

وقال هاشم الموسوي إن "عادة القرقيعان فقدت أصالتها وبساطتها بعد أن أصبحت تمارس بشكل مبالغ فيه، ويعتريها البذخ والتبذير، ما جعلها تنحرف عن مسارها الطبيعي والعفوي والبسيط".

هدايا فاخرة

وذكر الموسوي ان "تكلفة القرقيعان ارتفعت بشكل واضح حتى أصبح الاحتفال به يتم في الصالات والفنادق، وتتم دعوة الاسر والاصدقاء وتقدم خلاله الهدايا الفاخرة والحلويات المصحوبة بصور الابناء والبنات، وربما يمتد الاحتفال لساعات الصباح الاولى مع تقديم وجبات السحور".

واوضح أن "القرقيعان قديما كان يتشكل من الحلوى البسيطة، ويوزع على الاطفال الذين يجوبون الشوارع بفرح مرتدين الازياء الشعبية وحاملين أكياسا من بقايا القماش أو المستعمل، وكانوا ينطلقون على شكل مجموعات يرددون أهازيج القرقيعان".

شروط معينة

من جانبه، شدد محمد عبدالواحد على ان "القرقيعان قديما ورغم بساطته الا ان سعادة الاسر والاطفال به لا يمكن مقارنتها بما هو الحال عليه اليوم رغم مظاهر البذخ التي ترافق الاحتفالات الآن، إذ ان الامر سابقا لم يكن ترافقه أي تجهيزات معينة أو مسبقة من قبل الاهالي، فالأمر عادي وتلقائي ما عدا توفير المكسرات المملوءة بالحلوى وتجهيز الكيس القماشي البسيط".

وبين عبدالواحد أن "مكونات القرقيعان قديما كانت تجمع في سلة كبيرة أو باللهجة المحلية (زبيل)، ويحتوي على المكسرات كالفول السوداني سيبال ونخي ونقل وبيذان وجوز وتين مجفف وبرميت وبعض الحلويات البسيطة، وأحيانا يتم وضع بعض العملات المعدنية المحلية، وكان بسيطا لا يثقل كاهل الأسر".

وأضاف: "القرقيعان اليوم لم يعد يقتصر على الاطفال بل تعداه الى الكبار، وتحول من سكك الفريج والجيران الى الصالات والفنادق الفخمة، ومن الاكياس التراثية البسيطة الى العلب الفاخرة المحفورة والمزخرفة، وأضحى وسيلة للتفاخر والمباهاة والتبذير، ووصل الامر الى ان بعض حفلات القرقيعان تشترط عدم اصطحاب الاطفال".

طقوس غريبة

من جهتها، قالت سلوى الأربش ان "للقرقيعان حاليا طقوسا ومبتكرات غريبة عجيبة بعيدة كل البعد عن الموروث الشعبي، ليتواكب حسب وجهة نظر البعض مع تطور الحياة وحراكها المتسارع، ما أدى الى طمس أغلب معالم الاحتفال بالقرقيعان الاصيلة وتغييب العفوية والبساطة عنه".

واوضحت الأربش ان "مساحة الاحتفال بالقرقيعان توسعت حاليا، اذ تقوم بعض السيدات بحجز قاعات في الفنادق الخمس نجوم لاحياء هذه الاحتفالية، مع توجيه الدعوات للضيوف، والحرص على ان يكون نوع الحلويات فاخرا، بل وقد يستقدم من خارج البلاد".

وأشارت الى "وجود مظاهر حديثة على الاحتفال بالقرقيعان، منها الاتفاق مع فنانين لاحياء الحفل واعداد التجهيزات الخاصة والاتفاق مع مصمم خاص لعمل الديكورات للقاعة أو الصالة، بما فيها تنسيق الاكسسوارات الخاصة كالورد والهدايا وتوزيع النظام السمعي والضوئي الليزري، وحجز الفرق الشعبية والمصورين، علاوة على طريقة التوزيع ودخول الاطفال وحجز أماكن لهم، فضلا عن تقديم عروض ومسابقات وتوزيع جوائز".

مظاهر بذخ

أما أسرار الحميدي فأكدت ان "مظاهر البذخ حاليا أفقدت القرقيعان حلاوته، وما تقوم به بعض الاسر من انفاق مبالغ خيالية على حفلاته أمر مرفوض"، مبينة أن "بعض الاسر تستعد وتتجهز للقرقيعان مسبقا، وربما لأشهر مع حرص مبالغ فيه على كل ما هو جديد في هذا الصدد وبلمسات عصرية سواء لناحية نوع العلبة أو التغليف أو الأزياء أو طريقة التقديم".

وقالت الحميدي إن "البعض يسافرون الى الخارج للاطلاع على آخر الصيحات والابتكارات المتعلقة بذلك، من تذييل هدايا القرقيعان بأسماء دول المنشأ أو أنواع الحلويات المستخدمة وأسماء المصنع أو (الشيف) أو المصمم، وحتى اسماء دور الازياء".

وأشارت إلى أن "الامر يتعدى ذلك أحيانا، إذ يتم تصميم ملابس خاصة للاطفال بهذه المناسبة، تكون مماثلة للون أكياس أو صناديق القرقيعان مع الاكسسوارات التي تقدم للضيوف، وربما يصل الامر الى تصميمات خاصة للكبار ايضا".

وأوضحت أن "المبالغة في الاحتفال بالقرقيعان قد تتخطى ذلك لتصل الى طبع صور الاولاد أو المحتفى بهم على الباقات التي يتم توزيعها، اضافة الى بطاقات الدعوات الفاخرة، وحجز البوفيهات لتتحول المناسبة الرمضانية البسيطة الى عادة مكلفة ومرهقة"، لافتة إلى أن "البعض قد يستعين بفرق غنائية أو شخصيات شهيرة محببة للأطفال، وقد يتم الاتفاق مع مطربين لتسجيل أغنية خاصة بالمحتفى بهم في هذه المناسبة".

تنافس محموم

بدوره، أكد سالم الحريص ان "المحال التجارية تتنافس حاليا لاستغلال هذه المناسبة، من خلال عرض ما لديها من طرق لتقديم القرقيعان الحديث المغلف بأجود المواد، وتزيينه بشكل لافت للانتباه، اضافة الى وضع أفخر انواع الحلويات".

وأوضح الحريص أن "بعض محال الحلويات وصل بها الامر الى استخدام صور نجوم السينما والرياضة في العالم وبعض شخصيات الكارتون المحببة للأطفال، علاوة على الهدايا التي تحمل ماركات عالمية"، لافتا إلى أن "هدايا القرقيعان لم تعد تقتصر حاليا على الاطفال، بل أصبح يعنى بها الكبار ايضا، ووصل الامر الى تنافس محموم على تحقيق أفضل (قرقيعان) وأجمل احتفالات به".

back to top