عبد السلام النابلسي... الكونت دي نابلوز

نشر في 31-07-2012 | 00:01
آخر تحديث 31-07-2012 | 00:01
No Image Caption
هو أغرب ممثل في سماء الفن المصري، حياته أكثر إثارة وطرافة من أفلامه، عاش بالطول والعرض... في يوم يكسب آلاف الجنيهات وفي آخر لا يجد من يقرضه جنيهين يسدد بهما إيجار غرفة يسكنها في بنسيون متواضع هددته صاحبته بالطرد... إنه عبد السلام النابلسي.

ولد عبد السلام النابلسي عام 1899 في منطقة في شمال طرابلس على الحدود السورية، وكانت أسرته تتوارث المناصب الدينية، إذ كان جده لوالده شيخاً للإسلام وله مؤلفات في الفقه والدين.

سافر عبد السلام إلى فلسطين عندما عين والده قاضيا لمدينة نابلس، وكان الأخير يحرص على أن يعدّ ابنه ليكون عالم دين مثله، وعندما بلغ العشرين من عمره أرسله إلى القاهرة ليلتحق بالأزهر الشريف، وإلى جانب حفظه للقرآن الكريم درس عبد السلام اللغتين الفرنسية والإنكليزية.

أضواء المسرح

في القاهرة جذبته أضواء المسرح وحلم بالوقوف على خشبته، فالتحق بفرقة جورج أبيض وعزيز عيد، وعندما علمت أسرته بخوضه مجال الفن منعت عنه الدعم المالي، فاعتمد على التمثيل لتوفير نفقاته وانضم إلى «فرقة رمسيس»، إلا أن يوسف وهبي طرده بعد أقل من شهرين لعدم حفظه الحوار وخروجه على النص بكلمات وجمل غريبة، فعمل في الصحافة في مجلة «مصر الجديدة» وتنقّل بين صحف مختلفة كمحرر فني ومنها «الأهرام».

خلال عمله في الصحافة التقى المخرج أحمد جلال الذي قدمه إلى الفنانة آسيا فأسندت إليه دور الشرير في فيلم «وخز الضمير»، وحقق نجاحاً دفع المنتجين إلى التهافت عليه، ثم عمل مع إبراهيم لاما وبدر لاما كمساعد مخرج.

أما بدايته الحقيقية مع السينما فكانت في فيلم «العزيمة» (1930) عندما أسند إليه المخرج كمال سليم دور الشاب الارستقراطي العابث، فلفت إليه الأنظار وراح المخرجون يسندون إليه هذه الأدوار إلى أن تمرّد عليها واخترع لنفسه شخصية المتحذلق خفيف الدم ولمع فيها.

سنيد الأبطال

على رغم هذا النجاح كان النابلسي سنيداً لأبطال كبار، قدم مع عبد الحليم حافظ خمسة أفلام بدأت بفيلم «ليالي الحب» وانتهت بفيلم «يوم من عمري» (1961)، كذلك شارك في أفلام فريد الأطرش من بينها: «لحن حبي» و{عفريتة هانم» وكان آخرها «الحب الكبير» (1968 ).

شكل النابلسي مع اسماعيل ياسين ثنائياً في أفلام أبرزها: «اسماعيل ياسين بوليس حربي»، قبل أن يتجه إلى الإنتاج في فيلم «حلاق السيدات»، فكان أول وآخر فيلم ينتجه إذ فشل فشلا ذريعاً، وطالبته مصلحة الضرائب بمبلغ 21 ألف جنيه فوراً، لم يستطع النابلسي دفعها ما أدى إلى تراكم الفوائد عليه ووصلت إلى 65 ألف جنيه، وعرض بيته الذي كان يطلق عليه «بيت العروبة» للبيع في مزاد علني.

إلى بيروت

فيما كان النابلسي يبحث عن حل لأزمته مع مصلحة الضرائب تلقى مكالمة هاتفية من المنتج والمخرج محمد سلمان يطلب منه السفر إلى بيروت لتصوير فيلم من إخراجه، فسافر على الفور ولدى وصوله نصحه سلمان بالبقاء في بيروت حتى لا يتعرض للسجن في مصر بسبب الضرائب، فاستقر في لبنان وتزوج، وهو في الستين من عمره، بعدما كان يطلق عليه لقب أشهر عازب في الوسط الفني، من جورجيت وهي لبنانية أشهرت إسلامها لأجله، وتم الزواج في السر في منزل الملحن اللبناني فيلمون وهبي، لأن عائلة جورجيت لم ترض به، وعندما علمت بالزواج طالبته أن يطلّق ابنتها، وعندما رفض أقامت ضده دعوى قضائية للتفريق بين الزوجين، لكن المحكمة حكمت بصحة الزواج.

كونت وكونتيسة

كان النابلسي دائم السخرية من نفسه ومن حياته وبسبب هذه الفلسفة هرب من الزواج، لأنه كان يراه قيداً. في شبابه أحبته سيدة ثرية وأبدت استعدادها للإنفاق عليه وإعطائه كل ما يحتاج من مال شرط أن يعتزل التمثيل ليتفرغ لها، لكنه رفض وهرب منها.

أطلق النابلسي على نفسه لقب «الكونت دي نابلوز» وزاد عليه «أوف روشة» نسبة إلى منطقة الروشة الساحرة في بيروت التي عشقها وأمضى غالبية وقته فيها وسمى زوجته «الكونتيسة جورجيت».

رحيل

قبل وفاته بأسبوع كان يجلس في مطعم في مطار روما يتناول طبقاً من المعكرونة برفقة محمد سلمان الذي قال له: « إيه يا كونت أنت النهاردة بتأكل على غير عادتك؟»

فرد عليه: « يا سيدي هو العمر فيه كام طبق معكرونة، أمانة عليك تقول للمسؤولين في مصر يتوسطوا لي في مصلحة الضرائب، علشان أرجع مصر وأصفي مشاكلي معاهم أحسن أنا تعبت خالص، والناس هناك وحشتني جدا»، إلا أن النابلسي مات من دون أن يحقق رغبته الأخيرة، إذ تعرّض لأزمة كانت بمثابة ضربة قاضية، إذ وضع أمواله في بنك إنترا في بيروت قبل أن يعلن البنك إفلاسه، ما أثر على قلبه فساءت حالته الصحية، واشتد عليه المرض إلى أن توفي في يوليو 1968.

back to top