خلافات أوروبية بشأن هيئة الرقابة المصرفية

نشر في 17-09-2012 | 00:01
آخر تحديث 17-09-2012 | 00:01
No Image Caption
الإسبان يحتشدون ضد «هدم دولة الرفاهية»... والبرتغاليون يرشقون «النقد الدولي» بالطماطم

تعد إقامة هيئة رقابية مصرفية شرطا لتمكين صندوق الإنقاذ الأوروبي الدائم من التمويل المباشر لعمليات إعادة هيكلة المصارف المتعثرة دون المرور عبر الميزانيات الوطنية، وذلك للتخفيف عنها وعدم زيادة حجم الديون السيادية، لضخ الدول أموالا كبيرة لإنقاذ مصارفها المحلية.

فشل وزراء مالية أوروبا في الاتفاق على تفاصيل عمل هيئة الرقابة المصرفية الأوروبية خلال اجتماع لهم أمس الأول في العاصمة القبرصية نيقوسيا، وتعد هذه الهيئة المشتركة إحدى ركائز مخطط لتقوية النظام المالي الأوروبي، ووضع حد لأزمة ديون سيادية مستمرة منذ ثلاث سنوات. ففي حين تريد فرنسا وإسبانيا بدء عمل هذه الهيئة مع مطلع العام المقبل، استبعد وزير المالية الألماني فولفغانغ شويبله أن تباشر هذه الهيئة عملها في ذلك التوقيت، «لأن الأمر لن يكون ممكنا» على حد قوله، غير أنه نفى أن يكون قد حدث خلاف بينه وبين نظيره الفرنسي بيير موسكوفيسكي حول مسألة الجدول الزمني لتطبيق هذه الرقابة، فقد دعا الوزير الفرنسي إلى عدم إضاعة الوقت والعمل على أن تشرع الهيئة في عملها مع بداية العام المقبل. ووصف وزير مالية السويد أندرياس بورغ مقترح المفوضية الأوروبية بوضع البنوك الأوروبية كلها تحت رقابة البنك المركزي الأوروبي بغير المقبول، وقال بورغ خلال مناقشاته مع نظرائه الأوروبيين ورؤساء المصارف المركزية، إن «مقترحات المفوضية ستحتاج إلى نقاشات طويلة وصعبة قبل التوصل إلى اتفاق». وأضاف بورغ ان «العديد من الدول الأوروبية غير الأعضاء بمنطقة اليورو ترى في مشروع الهيئة أمرا غير مقبول»، مشددا على أن بلاده «لن تسمح بأن تذهب أموال دافعي الضرائب الأوروبيين لإنقاذ مصارف أجنبية».

رقابة مصرفية

في المقابل يرغب المفوض الأوروبي لشؤون السوق الداخلية ميشيل بارنيه في أن يتم استصدار القانون الخاص بهيئة الرقابة خلال العام الجاري ليتسنى تطبيقه مطلع 2013، وسبق لدول الاتحاد الأوروبي وعددها 27 أن اتفقت على أن يسري نفوذ هيئة الرقابة المصرفية على دول منطقة اليورو -وعددها 17 دولة- أولا، وتترك حرية الانضمام إلى الهيئة للدول الأوروبية غير الأعضاء بالمنطقة. ومن النقاط الخلافية المطروحة أن المفوضية الأوروبية تريد أن يكون لهذه الهيئة سلطات رقابة على ستة آلاف مصرف بمنطقة اليورو، في حين يرى وزير مالية ألمانيا أن الأجدى أن يتولى البنك المركزي الأوروبي مراقبة المصارف الكبرى التي قيل في السابق إنها أكبر من أن تنهار، والتي يتسبب انهيارها في تدمير النظام المالي برمته. وتعد إقامة هيئة رقابية مصرفية شرطاً لتمكين صندوق الإنقاذ الأوروبي الدائم من التمويل المباشر لعمليات إعادة هيكلة المصارف المتعثرة دون المرور عبر الميزانيات الوطنية، وذلك للتخفيف عنها وعدم زيادة حجم الديون السيادية، لضخ الدول أموالا كبيرة لإنقاذ مصارفها المحلية.

احتياجات إسبانيا

وفي سياق متصل، رجحت رئاسة الاتحاد الأوروبي أن تقل حاجة البنوك الإسبانية المتعثرة إلى دعم مالي عن مستوى مئة مليار يورو (131 مليار دولار)، التي تعهدت دول منطقة اليورو في يونيو الماضي تقديمها لمدريد لإنقاذ البنوك المأزومة. وأوضح وزير المالية القبرصي فاسوس شيارلي عقب استضافته اجتماعا لوزراء المالية في نيقوسيا أمس، أن المراجعات المتخصصة التي أجريت مؤخرا على وضع البنوك المتعثرة بإسبانيا تشير إلى أن حاجة البنوك الإسبانية ستقل عن المستوى الذي تم الاتفاق عليه سابقا. من جانبه، ذكر وزير الاقتصاد الإسباني لويس دي غويندوز بعد اجتماع قبرص إنه يتوقع أن تكشف شركة المحاسبة «أوليفر وايمان» عما تحتاج إليه البنوك الإسبانية في غضون أيام. وتشير التقديرات غير الرسمية إلى أن البنوك الإسبانية المتعثرة ستكون بحاجة إلى حزمة إنقاذ بقيمة تتراوح بين أربعين وستين مليار يورو. وكان وزراء مالية منطقة اليورو منحوا مدريد حزمة إنقاذ مصرفية بنحو مئة مليار يورو، مع توافر ثلاثين مليارا فوراً في أي حالة طوارئ مصرفية.

تظاهرة ضخمة

وشهدت العاصمة الإسبانية مدريد أمس الأول تظاهرة ضخمة ضمت عشرات الآلاف احتجاجاً على السياسة التقشفية لحكومة ماريانو راخوي. وشارك بالتظاهرة التي أطلق عليها «الزحف على مدريد» وافدون من كل أقاليم البلاد الذين تجمعوا بميدان كولمبوس للتعبير عن غضبهم من الاقتطاعات الاجتماعية. وكان نحو 150 منظمة دعت إلى تنظيم المسيرة التي حملت شعار «إنهم يريدون تدميرنا وعلينا منع ذلك»، حيث طالب المشاركون بالاستفتاء الشعبي على الإجراءات التقشفية التي تم اتخاذها الأشهر الأخيرة. واتهم المشاركون بالمسيرة الحكومة المحافظة بزعامة حزب الشعب بأنها بهذه الإجراءات قد أخلت بكل وعودها الانتخابية التي قطعتها العام الماضي. من جانبه، اتهم إيغانسيو فيرنانديز توكسو الأمين العام لنقابة «سي سي أو أو» العمالية الحكومة بالسعي إلى محو دولة الرفاهية في إسبانيا. أما زعيم حزب «آي يو» اليساري كارلوس لارا فقد وصف المظاهرة بأنها تصويت اجتماعي بعدم الثقة بسياسة الحكومة قائلا «إنهم لن يسمحوا بأن يفرض عليهم تكاليف إصلاح البنوك المتعثرة». كما نظم اكثر من 150 الف برتغالي مسيرة ضد الزيادات المزمعة في الضرائب، مما يهدد الإجماع وراء اجراءات التقشف التي فرضتها خطة الإنقاذ التي وضعها الاتحاد الأوروبي وصندوق النقد الدولي. وجمعت هذه التجمعات التي نظمت عن طريق الانترنت برتغاليين من كل مشارب الحياة. وهتف المحتجون «اخرج من هنا. صندوق النقد الدولي هو الجوع والبؤس»، وطالبوا باستقالة حكومة يمين الوسط. وكتب على إحدى اللافتات في العاصمة لشبونة «اوقفوا هذه الحكومة قبل ان توقف البلد». وتجمع أكثر من 100 الف شخص في طريق ريبابليكا الرئيسي والشوارع القريبة وساروا أمام مكاتب صندوق النقد الدولي الذي طوقته شرطة مكافحة الشغب. ورشق البعض المبنى بالطماطم (البندورة) والزجاجات. وانتهى التجمع الحاشد عند ميدان اسبانيا الفسيح قرب السفارة الإسبانية لإبداء التضامن مع المحتجين في اسبانيا، بعد ان تجمع عشرات الالاف في العاصمة مدريد في وقت سابق يوم السبت احتجاجا على تخفيضات الإنفاق والزيادات الضريبية. ونظم تجمع ضخم في مدينة بورتو وتجمعات اصغر في مدن وبلدات اخرى بالبرتغال. وكان الحزب الاشتراكي، وهو حزب المعارضة الرئيسي في البرتغال قد هدد يوم الخميس بإنهاء دعم خطة الانقاذ التي يبلغ حجمها 78 مليار يورو بالتصويت ضد مسودة ميزانية 2013، اذا لم تتخل الحكومة عن زيادتها المزمعة في رسوم التأمين الاجتماعي على كل العاملين من 11 في المئة إلى 18 في المئة.

back to top