«موسيقى السرد» تثير أسئلة عن أساليب القص وتقنياته الفنية

نشر في 21-12-2012 | 00:02
آخر تحديث 21-12-2012 | 00:02
No Image Caption
المشاركون قرأوا حكايات منوعة

نظمت رابطة الأدباء الكويتيين أمسية أدبية بعنوان «موسيقى السرد»، شارك فيها ثلاثة قاصين ينتمون إلى اتجاهات سردية منوعة.
أثارت محاضرة «موسيقى السرد» أسئلة متعددة تتعلق بمكونات المشهد الثقافي، لاسيما العناصر المتعلقة بأساليب السرد والتقنيات الفنية التي يستخدمها جيل الشباب.

جاء ذلك ضمن ندوة أدبية نظمتها رابطة الأدباء الكويتيين في مقرها بمنطقة العديلية، امتزج فيها السرد مع الموسيقى، مستعرضة ملامح من تجربة ثلاثة قاصين هم: د. أميرة عامر وسعد جاسر وعبدالوهاب سليمان، وأدار الجلسة القاص حميدي حمود.

بداية، قرأت القاصة أميرة عامر نصاً بعنوان «إعلان»، سلطت الضوء فيه على قضايا المرأة بكل تفاصيلها، مركزة على مشكلة سوء اختيار شريك العمر: «بدأت خلافاتنا تكبر وغضب أمي يتصاعد... زوجة فاشلة، كما تقول أمي، لكن لم أكن تافهة وتكرر السيناريو نفسه في الزيجات اللاحقة، الاختلاف الوحيد ارتباطي برجال يكبرونني بما لا يقل عن عشرين عاما، بدأت أعي حاجتي لأب وزوج في رجل واحد، حياتي الزوجية أثبتت أن الرجل لا يمكن أن يرى في زوجته إلا أنثى أو زوجة مطيعة، وكان قرار الانفصال عن آخر أزواجي، لانني أغار وأحسد بناته».

ثم قرأت نصين: الأول بعنوان «الصراصير» والآخر بعنوان «الضرة»، وتنهل في الثاني من هموم بنات حواء، ويلخص المقطع التالي مضمون الحكاية ومحتواها: «خبث الأنثى ودهاؤها. خيّل لي أن أمسح ذكريات أمينة من حولي، وأن أستأثر بقلب وعقل زوجي، فتوهمت أنني استطعت. تذكرت قول أمي حين فوجئت بآلام المخاض لطفلي، في أول أيام عيد الفطر، ليطلب مني خالد أن اصطحب إحدى أخواتي للمستشفى: فاليوم يا حبيبتي أول أيام عيد الفطر، ولابد من الذهاب مع الأطفال لزيارة قبر المرحومة وقراءة الفاتحة».

صوت الشعر

بدوره، قرأ القاص سعد جاسر ثلاثة نصوص اتسمت بالصوت الشعري واللغة الوصفية، ومن أجواء نص أوقف هذا القطار: «ثم راح يتوغل في التفكير... تُرى كيف تلتقي لحظة هذيان الأسير في الحرية ولحظة جلوسي محتضنا الشمس في الساحة الفسيحة الملآ بالأطفال والألوان؟ تُرى هل تقول روح الأسير... أنا عشر سنين داخل هذا الجسد، داخل هذا الزي البرتقالي الثقيل، داخل هذا القفص، داخل هذا المعتقل، داخل هذه الجزيرة، آه كم أنا داخل هذا الجسد، تُرى ماذا يفعل أسير السنين العشر هذه اللحظة؟». يتناول السارد خلال هذا النص قضية واقعية، متسائلاً عن مصير هذه الفئة التي أمضت عشرة أعوام مكبلة بالقيود ومحاطة بالأسوار.

ثم تكرر مشهد الحبس في قراءات سعد من خلال نص «أسوار الأثير»: كنت أحبس الحقيقة في صدري لأنفذ بالجنة، لأنفذ من هذا اليوم الذي تبقت لي به شجرة خبيثة، وحقيقة- بثمن هذا الرماد- تحت لساني. نلت كفايتي كبتا، وضقت صبرا، ما انفكت الأغلال عن مشاعري حتى تعطلت، واستقرت الكلمات في جوفي طويلاً حتى فقدتها، ضمرت روحي داخل هذا الجسد، الا أظل هنا أجلس القرفصاء ودقات الساعة تدق رأسي، وما إن تكمل دورتين حتى تغادرني روحي... تشتمني وتنزل في قبر ضاق بأرواح معذبة– تعلن جمودي-، بينما بمقدوري الخروج بأقل خسارة، والبحث عن مدينة بتول أمضي إليها... وابدأ من جديد». أما القاص عبدالوهاب سليمان فقرأ ثلاثة نصوص هي: «هذا المساء» و»سريرة» و«قلب هواء»، ومن أجواء النص الأخير: «يسيل حبر القلم كالدماء على الورق، رافضا حتى فرصة الحياة. ما أراه الآن، لو نجوت منه، ليس لي أمل عيش حياة عادية من بعده. يشتد القصف علينا، سقطت قذيفة بجانب موقعنا، يتناهى إلى سمعي صوت الضابط وهو يناديني. قبل خروجي إلى مصيري أكتب سائلا: أين كانت عقولنا، عندما ساقنا الزعيم في قافلة أوهامه؟».

نقد

ثم فتح باب النقاش، وأثارت النصوص المقروءة الحضور، مستفسرين عن مكونات السرد، والتكنيك المستخدم في القص، منتقدين بعض مفاصل العمل الإبداعي، وبدوره، امتدح الأديب إسماعيل الفهد تجربة المشاركين في الندوة، متوقعاً إصدار مجاميع أخرى أكثر جمالا.

أما الناقد فهد الهندال فقد أشار إلى سيطرة الوصف على السرد في أعمال سعد جاسر، منتقداً عدم تجانس الحكايات وتآلفها ضمن المجموعة القصصية للدكتورة أميرة عامر، ويلفت الهندال إلى غياب المباغتة في السرد لدى القاص عبدالوهاب سليمان، كما انتقد الكاتب سليم الشيخلي ترهل أسلوب القاص عبدالوهاب سليمان وافتقاره للتكثيف.

يذكر أن عازف البيانو عبدالله البلوشي قدّم مقطوعات موسيقية تخللت القراءات السردية.

back to top