ماذا أعدت قمة المنامة لعرب الخليج؟

نشر في 22-11-2012
آخر تحديث 22-11-2012 | 00:01
 أ. د. محمد جابر الأنصاري الاتحاد بين دول مجلس التعاون لن يتم إعلانه في قمة المنامة... فالملك عبدالله بن عبدالعزيز هو الذي دعا إليه، وإذا كان ملك البحرين أول المرحبين بدعوة خادم الحرمين الشريفين، إلى الاتحاد، فإن اللياقات الدبلوماسية تقتضى رد الأمر إلى الرياض التي من المنتظر أن تستضيف قمة استثنائية، إذا تم الاتفاق بين دول المجلس على الاتحاد لإعلانه.

إذن فقمة المنامة قمة تمهيدية أو تحضيرية للاتحاد، ولا بد من تمهيد أو تحضير لفكرة جذرية كالاتحاد ظلت دول المجلس مترددة في الإقدام عليه لأسباب عدة، وقد حان الوقت لمواجهة هذا "الاستحقاق" الذي تهفو إليه شعوب المجلس وتستدعيه الظروف الموضوعية التي استجدت منذ أن تم إعلان قيام المجلس قبل عقود في بيئة سياسية مختلفة.

وقد وجدت أن فصلية "التعاون" الصادرة عن الأمانة العامة لمجلس التعاون (العدد 76- يونيو 2012م) قد اهتمت بهذا الموضوع، وأولته العناية المطلوبة. تقول الفصلية المذكورة في ذلك العدد: "يحتوي هذا العدد من المجلة مواضيع عديدة، من أهمها موضوع الاتحاد الخليجي، حيث يكتب الدكتور سعود التمامي من جامعة الملك سعود بحثاً مهماً يناقش فيه الخيارات الموضوعية للصيغ الاتحادية الأكثر ملاءمة لحالة دول المجلس، مبيناً أن مثل هذه الصيغ يجب ألا تكون بالضرورة مطابقة للصيغ التقليدية الخاصة بكل من الاتحاد الفدرالي، أو الاتحاد الكونفدرالي، وموضحاً آليات ومراحل التحول نحو الاتحاد".

"وحول الموضوع نفسه، يكتب الدكتور هلال بن سعود أبوسعيدي بحثاً يستعرض فيه تطور بناء مجلس التعاون منذ إنشائه عام 1981 حتى الوقت الحاضر. ويرى أن الطريق نحو الاتحاد، رغم كونه ضرورة ملحة وليس ترفاً سياسياً، لن يكون سهلاً بل سيواجه الكثير من التحديات، ومنها تحديات ذات طابع هيكلي وأخرى متصلة بالقدرات العسكرية للدول الأعضاء، وثالثة خاصة بمسألة السيادة الوطنية، ويرى أنه إذا توجه زعماء الخليج إلى الاتحاد (سواء في شكله الكونفدرالي، أو الفدرالي)، فإن ذلك يتطلب تعزيز قدرات الأمانة والمؤسسات الخليجية المشتركة بحيث تصبح قادرة على مواجهة التحديات المجتمعية والسياسية والاقتصادية".

"والفكرة الأساس في البحث الأول أن دول المجلس، خاصة الصغيرة منها والواقعة على الشريط الساحلي للخليج العربي تعاني من "انكشاف استراتيجي" يتجلى في حاجة دول المجلس إلى الوجود والدعم العسكري الأجنبي، إما على شكل قواعد أو تسهيلات عسكرية في القواعد الوطنية، أو وجود قطع عسكرية أجنبية مرابطة في الخليج العربي، وبحر العرب...إلخ".

"وفي الآونة الأخيرة شهدت منطقة الخليج عدداً من التطورات التي تهدد بتحويل حالة الانكشاف الاستراتيجي إلى حالة من الاختلال العميق في توازن القوى مع إيران، ويعود هذا إلى إزالة الحواجز أمام التمدد الإيراني في العراق خاصة وبلاد الهلال الخصيب عامة، إضافة إلى تلويحها المستمر بإغلاق مضيق هرمز، والذي يمر من خلاله معظم صادرات نفط دول المجلس، ويتزامن هذا التمدد الإيراني مع حالة التراجع في الدور الأميركي... إلخ"- ص 78.

ولا ينحصر هذا الانكشاف الاستراتيجي في هذا الجانب الدفاعي، بل ينسحب على غياب خطط للتنمية المستدامة، ويأتي الخلل في التوازن السكاني و"هيمنة غير المواطنين على سوق العمل" ليكمل الصورة.

ويتناول الباحث الثاني في بداية بحثه "إيجابيات" قيام مجلس التعاون الخليجي في مايو 1981، "فالبعد السياسي لهذا التجمع أتاح للدول الصغيرة منه إيصال صوتها أمام العالم..."- ص 89.

"أما من الناحية الأمنية ، فنظراً لصغر مساحات معظم دول المجلس وقلة عدد سكانها، فإن اندماجها في مظلة واحدة، مع وجود قوات درع الجزيرة، والاتفاقية الأمنية المشتركة، قد ساهم بشكل كبير في المحافظة على كيان واستقلال هذه الدول، وظهر ذلك جلياً في حرب الخليج الثانية ومحاولة العراق زعزعة استقرار أمن المنطقة باحتلاله دولة الكويت. ولقد استطاعت دول المجلس تشكيل تحالف دولي لتحرير الكويت وإعادة الشرعية لحكومتها...". إلى آخر تلك "الايجابيات".

ويخلص الباحث د. هلال أبو سعيدي، وهو من الأمانة العامة لمجلس التعاون "إلى أن الاتحاد ضرورة لابد منها"، والاتحاد المنطقي الذي يمكن أن تسعى إلى تحقيقه دول المجلس هو الاتحاد الكونفدرالي المشابه للاتحاد الأوروبي، الذي يتميز بحفظ استقلالية وسيادة الدول الداخلية.

والبحثان ينتهيان إلى ضرورة قيام الاتحاد، كل بحث برؤيته الخاصة للظروف الموضوعية المحيطة بدول المجلس، ولكيفية قيام الاتحاد.

وإذا عدنا إلى شهادة التاريخ، فإن منطقة الخليج العربي منذ عهد عيسى بن علي آل خليفة في البحرين، كانت تعيش نوعاً من الوحدة، وكان هذا الحاكم الخليجي يشجعها ويرعاها.

وتأتي دعوة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز إلى الاتحاد، فرصة تاريخية ينبغي ألا  تضيع، لأنه من النادر أن تطلب الكيانات الكبيرة في أي تجمع مشترك التوحد معها.

وإذا كان ملك البحرين حمد بن عيسى آل خليفة قد سارع إلى الترحيب بتلك الدعوة النادرة، فإن ذلك لم ينبع من ظرف سياسي جديد، إنما هو استمرار لإيمان البحرين والبحرينيين بالوحدة، خليجياً وعربيا، منذ زمن بعيد.

* أكاديمي ومفكر من البحرين

back to top