الابن سر أبيه!

نشر في 16-06-2012
آخر تحديث 16-06-2012 | 00:01
No Image Caption
 محمد واني يسير الطاغية الأسد "الابن" على نفس نهج أبيه المقبور في قمع الانتفاضة الشعبية في سورية بوسائل عسكرية متطرفة، ويتتبع آثاره شبراً شبراً وخطوة خطوة على نفس نزعته الطائفية رغم أنه طبيب وليس له صلة بالعلوم العسكرية، ولا يعرف شيئاً عن خططها التكتيكية ولا عن نظرياتها الاستراتيجية، ولكنه ينتمي إلى نظام جاء عن طريق القوة العسكرية الغاشمة، وإلى ذات المنظومة الثورية "المحورالإيراني الروسي" السوفياتي السابق والتي دعمت وساندت نظام الأب في وأد الثورة الشعبية في مدينة"حماة" عام 1981.

هو نفس المحور الذي يتلقى بشار الدعم منه الآن في مواجهته لإرادة الشعب، وما فعله "الأب" بالآباء يفعله "الابن" بـ"الأبناء" بنفس الدقة والوحشية وربما أكثر!

وعلى الرغم من مرور اثني عشر عاماً على تولي بشار الحكم خلفاً لأبيه، فإنه لم يستطع أن يغير شيئاً من أساسيات النظام الثابتة ليوائم المتغيرات السياسية التي طرأت على العالم والمنطقة بعد الربيع العربي، بل ظل يطور من آلته القمعية ويتحدى رياح التغيير ويقطع كل علاقة له مع الشعب، وإن وجدت أي علاقة بين الطرفين، فإنها علاقة السيد بالعبد مبنية أساسا على الأوامر.

ومن الطبيعي في ظل الصراع من أجل البقاء ألا يستمد النظام قوته من الشعب، بل من وسائله القمعية التي لا تتأثر بالتطورات السياسية العالمية، لذلك لا توجد لدى بشار وزبانيته أي حلول أخرى للقضية السورية سوى الحلول العسكرية القمعية، وأي حل آخر يعني موت النظام نفسه. أما دعواته المتكررة إلى "الإصلاح" و"الديمقراطية"، فإنها لا تعدو عن كونها خدعاً سياسية لإعادة ترتيب الوضع العسكري من جديد والبدء بجولة أخرى من القمع. وقد دأب النظام والمحور المساند له منذ بدء الانتفاضة الشعبية في التعاطي مع القضية الأهم في المنطقة باستراتيجية ذات شقين؛ الأول، يتمثل بالدعوة "زيفاً" إلى نبذ العنف والقتال والاحتكام إلى الوسائل السلمية والحوار بهدف تهدئة الرأي العام العالمي والمنظمات الدولية المعنية بشؤون الحقوق الإنسانية والسياسية وكسب الوقت. والشق الثاني، يقوم على استراتيجية ثابتة وهي مواصلة عمليات القتل اليومية المنظمة، فسار الشقان بالتوازي، فكلما تصاعدت وتيرة القمع، تصاعدت معها الدعوة إلى الإصلاح والسلام والحوار، والعكس بالعكس.

مهما كانت طبيعة المبادرة السلمية التي حملها مبعوث الأمم المتحدة "كوفي عنان" فإنها محكوم عليها بالفشل، لأن النظام السوري نظام بوليسي، بني أساسا على قيم عسكرية صارمة، يعتبر الشعب مجرد قطيع يقوده، سواء رضي بذلك أم لم يرض، وهو الكفيل بتحديد مستقبله وتحقيق أحلامه ضمن مقرراته وتوجيهاته، فليس من المعقول أن يتنازل النظام عن هذه المكانة "الأبوية" المقدسة التي ظل يتمتع بها لمدة أربعين عاماً ويهبط إلى مستوى الند للـ"قطيع"، وإن أقدم على ذلك، فإنه سيقرر بذلك نهايته، ويسعى إلى حتفه، وهو ما لا يفعله أبداً!

* كاتب عراقي

back to top