قرصنة الأغاني على الإنترنت... تقضّ مضاجع الفنانين

نشر في 14-10-2012 | 00:01
آخر تحديث 14-10-2012 | 00:01
No Image Caption
بينما يبذل المطرب أقصى طاقاته لتقديم أغانٍ ترضي الجمهور، يتربص به لصوص الإنترنت الملقبون بـ «القراصنة»، فيصطادونه بطريقة أو بأخرى ويسرقون الأغنية لتحقيق مكاسب خرافية بسهولة ومن دون بذل أي جهد. فمن المسؤول عن سرقة أغاني المطربين وتسريبها؟ وكيف تتم قرصنتها؟ وما الحلّ لمواجهة هذه المشكلة؟
يؤكد النجم محمد حماقي أنه لم يواجه مشكلة القرصنة في ألبوماته، لأنه يعرف كيف يحافظ على مجهوده، ومن حسن حظه أن العاملين معه لهم الهدف نفسه، فيحرصون على عدم تسريب أغانيه ويلتزمون السرية حتى الانتهاء من التسجيل والطبع.

مع ذلك شنّ حماقي حرباً ضد القرصنة من خلال منح كل من يشتري النسخة الأصلية من ألبومه الجديد «من قلبي بغني»، هدية عبارة عن تصريح بدخول حفلاته لمدة عام مجاناً، وتخصيص أماكن معينة لمعجبيه، كذلك سيطرح قريباً نسخة جديدة من ألبومه يضيف إليها أغنية جديدة وفيديو خاص عن كواليس الألبوم، مبدياً سعادته بحملات «اشتري الأصلي» التي ينظمها معجبوه عبر المواقع الاجتماعية.

يناشد حماقي الناس بالتوقف عن تحميل أغانيه من المواقع المجانية، لأنهم بقدر حبهم له يدمرون مستقبله، داعياً الإعلام إلى توعية الجمهور ضد أضرار القرصنة التي تهدد الصناعة السينمائية والغنائية على السواء، موضحاً أن أحد المتابعين لصفحته على «تويتر» سأله عن موقع يمكنه تحميل ألبومه منه لأنه لم يجده في الأسواق، «ما يعني أنه لا يدرك أن ما يطلبه هو مخالف بدليل أنه يطلبه مني بشكل شخصي».

انفلات وإهمال

يؤكد الفنان حميد الشاعري أن القرصنة ليست مشكلة بالنسبة إليه كمطرب وملحن، بل تساعده على انتشار منتجه الفني أولا بأول، بعدما أضحى الإنترنت لغة العصر واختفى مستمع الكاسيت.

 يضيف: «ما إن يعلم الجمهور بصدور ألبوم جديد لمطربه المفضل حتى يبحث عنه ويحمّله بسهولة ويسر، وهذا مفيد للمطرب، وعلى المنتج المتضرر التفكير في طريقة تمكنه من جني الأرباح من هذه التكنولوجيا وليس منعها».

بدوره يشير الموسيقار هاني مهنا إلى أن مصر تشهد حالة انفلات في حماية حقوق الملكية الفكرية في مجالات عدة من بينها الغناء، «ولعل قرصنة ألبومات المطربين فور إصدارها خير دليل على ذلك، ثم لا يمكننا القول إن ثورات الربيع العربي سببت هذه الحالة لأن العالم يعاني منها منذ سنوات».

يضيف: «يجب إعادة تأهيل العاملين في الرقابة على المصنفات الفنية الذين لا يعرفون قيمة الفن، ولا يتخذون خطوات فعالة للحدّ من سرقة الأغاني بحجة أن لديهم عملاً أكثر أهمية، وهو الوقوف بالمرصاد لأي أغنية إباحية أو سياسية أو دينية».

يلفت إلى أن الإمارات العربية المتحدة هي الدولة العربية الوحيدة التي حجمت القرصنة، فمن الممكن أن يستمع المواطن إلى أي أغنية، لكن أن يتم تحميلها من أي موقع فهذا مستحيل إلا بعد الحصول على إذن بموافقة الداخلية، متمنياً أن تسلك الدول العربية مسلكها.

يرى مهنا أن المسؤول عن تسريب الأغنيات هو اتصال مهندس الصوت بالإنترنت؛ فهو يعمل على الأغاني عبر برامج متصلة بهذه الشبكة، ما يسهل الدخول إليها وسرقتها، بل وبيعها بأسعار متفاوتة.

حق ضائع

يطالب الملحن هاني شنودة بضرورة سن قانون ضد التحميل المجاني للأغاني على الإنترنت، مشيراً إلى أنه ينتظر مع الفنانين طرح هذا القانون على مجلس الشعب، بعد عرضه مرات على نقابة الموسيقيين ولكن «لا حياة لمن تنادي»، فضاع حق المؤلف والملحن والموزع وشركات الإنتاج.

يعتبر شنودة أن العاملين على الأغنية مسؤولون عن هذه القرصنة ما عدا المنتج، لأن ما يحدث ليس في صالحه بل يضره مادياً ويضيّع منه حق الأداء العلني.

 يضيف: «إذا تابعنا عملية السرقة نجد أن بدايتها تنطلق في الأستوديو، تحديداً عند مهندس التسجيلات، وفي بعض الأحيان يسرّب المطرب أغنيته إما للحصول على شهرة أو لاستطلاع رأي الجمهور بشكل مبدئي حولها»، لافتاً إلى أن من الآثار السلبية لهذه القرصنة هروب القيمين على صناعة الأغنية إلى بلدان تحافظ على فنهم.

إشكالية معقدة

ترى الناقدة حنان شومان أن دول العالم وقعت في حيرة إزاء حل هذه الإشكالية التي كادت تنهي صناعة الكاسيت وتهدد صناعة الأغنية  عموماً، «حتى أميركا فشلت، رغم المجد والإنتاج الهائل للأغنية، في التصدي لهذه الظاهرة. من هنا يتطلب الوضع حلولا جادة غير تقليدية لمواكبة التطور التكنولوجي الذي يتبعه هؤلاء القراصنة».

تضيف أن «الحل القائل بسن تشريع أو قانون للقضاء على القرصنة لن يكفي لأنه إذا وُضع من سينفذه؟ فنحن تنقصنا جهات تنفيذية وليست تشريعية، والتصريح بأن ثمة لصوصاً سرقوا أغنية ما هو آخر هموم القضاء لأنه لا يدرك تبعات ذلك على صناعة الغناء».

تذكر شومان أن في السنوات الأولى للألفية الثانية كان الناس سعداء بفكرة أن العالم أصبح قرية صغيرة، «الآن نجني ثماراً سلبية من ورائها، وتكفينا حلول من الخيال لن تنفذ على أرض الواقع، لذا لا بد من حلول مبتكرة ومؤثرة، لا سيما أن النقابات وحدها بمختلف أنواعها لن تستطيع التصدي للقراصنة».

من أبرز الحلول التي تقترحها شومان: تضافر الجهود مع مباحث الإنترنت، تخصيص قسم في الشرطة يمنع تحميل أي أغنية بخلاف الموقع الرسمي الذي يعلن عنه المطرب أو الشركة المنتجة، وهذا يتطلب فريقاً متكاملاً يتميز بمهارات مثل التي يتمتع بها اللصوص، «لكن يحتاج هذا الحلّ إلى إنفاق مادي كبير يقدمه ويرعاه من يؤمن بجدية استمرار الأغنية ومنع سرقتها، وفرض عقوبات، ووضع مراقب لأي منتج غنائي يصدر، وضمانات مادية للحفاظ على أمانة نقل الأغنية».

back to top