تحقيق برلماني: جلسات خاصة للاستجوابات... لتجنب تعطيل الإنجازات أم لإفقاد الأقلية أداتها؟
بعد استجواب النائب صالح عاشور لرئيس مجلس الوزراء سمو الشيخ جابر المبارك واستجواب النائب حسين القلاف لوزير الاعلام الشيخ محمد العبدالله، ترى الأغلبية النيابية ضرورة أن تجري الاستجوابات المقدمة في هذا الدور في جلسات خاصة دون الجلسات العادية، كما ان هذه الاغلبية لا تمانع بالتنسيق مع الحكومة.وترى الاغلبية أن هدف استجوابات الأقلية هو تعطيل عمل المجلس وتأخير انجازاته وخوض معركة استنزاف مع الحكومة، كما ترى ضرورة أن تكون الاستجوابات المقدمة من الاغلبية في جلسات خاصة ايضا، ولكنها تسعى الى عدم تقديم استجواباتها في هذا الدور.ويعتقد بعض النواب بصعوبة تطبيق هذه الفكرة، نظراً لصعوبة التنسيق مع الحكومة حول عقد الجلسات الخاصة وصعوبة وجود توافق بالاجماع بين الأعضاء بسبب ظروف عمل اللجان البرلمانية، وسفر الأعضاء بين الحين والآخر."الجريدة" استطلعت بعض الآراء النيابية حول هذه الفكرة، وكيفية تطبيقها.استجوابات الأغلبية مستحقةكانت البداية مع النائب فلاح الصواغ الذي قال: إذا استمر نواب الاقلية في الاستجوابات فسنحاول، نحن الاغلبية، جاهدين أن نجعل استجواباتهم في جلسات خاصة، في غير مواعيد الجلسات العادية، حفاظاً على اقرار المشاريع التي نتحرك لانجازها قبل نهاية هذا الصيف، مؤكدا ان استجوابات الاغلبية واضحة ومستحقة وأن الشعب الكويتي يعرف محاور تلك الاستجوابات وهو مؤيد لها ومدافع عنها.واوضح الصواغ أن استجوابات اليوم، وكما يراها الشارع الكويتي، غير واقعية والقصد منها تعطيل المجلس فقط، ولو كان هناك استجواب مستحق كالاستجواب الذي سيقدم لوزير المالية مصطفى الشمالي فليقدم أحد من الاقلية استجواباً له، فالاستجواب قد يحتوي على امور هامشية بغرض تعطيل الجلسات.وأضاف ان جعل الاستجوابات في الجلسات الخاصة ينطبق على استجوابات الاغلبية أيضاً، "ونحن نحاول عدم تقديم استجوابات الآن، حتى يتم اقرار المشاريع والقوانين، فكما يرانا المواطنون فإننا في حال اعلان أي نائب من الاغلبية عن استجواب فاننا نطلب منه ان يعرضه على الاغلبية حتى نتأكد من ان هذا الاستجواب مستحق أم لا".واشار إلى "أننا حاولنا ان نحل استجواب وزير الاوقاف جمال شهاب بطريقة تحقق الاهداف منه دون استجواب وكذلك استجواب وزير الداخلية الشيخ احمد الحمود، وقد اقتنعنا بإحالته إلى النيابة العامة مع توجيه الوزير الى انجاز قوانين لمصلحة الشعب الكويتي".وفي ما يتعلق بصعوبة التنسيق مع الحكومة لجعل الاستجواب في جلسات خاصة، قال "اننا نعرف أن الاستجوابات التي تقدم الآن هي تعطيل للجان التحقيق وتسعى لحل مجلس الامة وهذا الأمر ندركه ونحاول تجنب فكرة حل المجلس والابتعاد عن التأزيم، ونحن في الاغلبية لا نريد استجوابات إلا بهدف الوصول الى ما يسعى اليه الشعب وينتظره بعد أن تعهدنا أمامه بمتابعة "القبيضة" وسراق المال العام والراشي والمرتشي والحوالات الخارجية وتهريب الديزل".فكرة جيدةومن ناحيته، قال النائب خالد الطاحوس إن جعل الاستجوابات في جلسات خاصة فكرة جيدة حتى نستطيع في الجلسات العادية تحقيق بعض ما هو موجود على جدول الأعمال من مشاريع وقوانين ومقترحات وقضايا ملحة للشعب الكويتي، ولا ضير بأن تكون الاستجوابات في جلسات خاصة حتى لا يكون هناك تعطيل لجلسات مجلس الامة، مؤكدا أننا أمام مرحلة حساسة ودقيقة في تاريخ الكويت، وأن البلد بحاجة الى المزيد من التعاون فيما يتعلق باقرار القوانين والمقترحات وحل القضايا التي يتنظرها الشعب. وفي سؤاله حول ما اذا كان السبب في ذلك يعود الى نظرة الاغلبية بان استجوابات الاقلية معطلة، اجاب الطاحوس: "لا، هذا غير صحيح، فمن حق النائب ان يستجوب ويمارس دوره، ولكن نحن نتحدث عن جلسة خاصة، وهي لا تمنع الحق الدستوري لانها جلسة كالجلسات العادية وللنائب الحق بتقديم استجوابه فيها"، مؤكدا عدم وجود تنسيق مع الحكومة حول هذا الامر حتى الان، ولكن من المؤكد بأن الامر سيكون عبر الاتفاق والتوافق على قضية جعل الاستجوابات في جلسة خاصة.الإنجاز التشريعيمن جانبه، قال مراقب مجلس الأمة النائب فيصل اليحيى "من الواضح أن هناك أطرافا معينة تدفع باستجوابات عديدة لمحاولة خوض معركة استنزاف مع الحكومة"، مضيفاً "حتى لا يتعطل المجلس ولا تتعطل الإنجازات يفضل أن تكون الاستجوابات في جلسة خاصة، بما لا يتعارض مع أعمال المجلس وجدول أعماله"، لافتاً إلى أن الأمر سيشمل استجوابات الأغلبية.وذكر "ليس لدينا أي مشكلة مادام أنها جلسة خاصة بالاستجوابات وستكون للجميع، ولا يوجد لدينا مشكلة في التنسيق مع الحكومة، معتقداً أنه أفضل للحكومة أيضا، وبالنهاية ما نريده هو الإنجاز في الجانب التشريعي ولا نريد إغفال الجانب الرقابي، ولا نريد اسقاط حق أي طرف من الأطراف بأن يمارس دوره من خلال أدواته البرلمانية الدستورية، ولكونها جلسات خاصة يفترض الا يكون هناك اختلاف بين كل الأطراف، ومكتب المجلس بدوره سيبحث كيف من الممكن تخريجها من الناحية اللائحية".فقدان النصابمن ناحيته، قال النائب علي العمير "لا شيء يمنع جعل الاستجوابات في جلسات خاصة"، مستدركاً و"لكن نخشى فقدان النصاب إن لم تكن ضمن الجلسات العادية، وقد لا تناسب بعض الأعضاء، نظراً لظروفهم في حال السفر أو حضوره لجانهم، وتصبح على حساب اللجان والعمل البرلماني وعلى حساب وقت العضو في الفترات التي لا تكون فيها الجلسات"، مضيفا "وكل ما نخشاه أن يفقد النصاب في الاستجواب المنعقد في الجلسات الخاصة، ولا أرى تقييدا للحق الدستوري والاستجواب، لأن ما يسري على الجلسات العادية يسري على الجلسات الخاصة، ولا يوجد فرق من حيث القوة التشريعية".وتابع العمير و"لكن كل ما نخشاه هو عدم المواءمة بين الاعضاء ومن ضمنها الحكومة لعقد الجلسات الخاصة"، مشيراً إلى أنه سيظهر معنا في جلسة الرد على الخطاب الأميري الذي دعا لها رئيس مجلس الأمة النائب أحمد السعدون في يوم الثلاثاء القادم في جلسة خاصة، وما نخشاه ان يفقد النصاب خصوصا أنها تتطلب النصاب الكامل لا نصاب 22 عضوا، وإذا لم يحضر 33 عضوا تلغى الجلسة رغم ترتيب النواب الذين حضروها ولديهم ارتباطات تم تأجيلها من أجل الحضور.وذكر "أنا أؤيدها في حال تم التوافق بين الأعضاء، أما إذا كان هناك اختلاف عليها فأخشى أن تؤدي إلى عدم اكتمال النصاب، وايضا يجب أن يكون هناك توافق مع الحكومة والا فستعتبر الجلسة ملغاة".تكتيك لتعطيل الجلساتومن ناحيته، قال النائب عبدالحميد دشتي "أنا أتفق مع الفكرة وانضم إلى الحكومة والأغلبية، حتى تكون الاستجوابات في جلسة خاصة، لكي نفوت على كائن من كان مستقبلاً إذا كان يعتقد أن الاستجوابات تكتيك لتعطيل الجلسات وعمل المجلس، ومن يعتقد ذلك فهو مخطئ"، مؤكداً أن استجوابي النائب صالح عاشور لرئيس الوزراء والنائب حسين القلاف لوزير الإعلام لم يكن الهدف منهما التعطيل، وقد يكون للبعض نظرة معينة على أن الاستجوابات مبكرة، مشددا على أنها جاءت حقا دستوريا للنائب وعن قناعة تامة للنواب المستجوبين بأن هناك محاور ترتقي بأن تكون مادة للاستجواب.وأضاف دشتي "أن نواب كلتة الأغلبية انقلبوا رأساً على عقب، وكأن المجلس أصبح ملكاً لهم اليوم، فهم نجحوا في التكتيك من خلال تهييج الشارع، والآن يريدون الحفاظ على المجلس أطول فترة ممكنة، ويفترض أن يكون عمره 4 سنوات"، وتابع "أعتقد أن هذا بالمشمش، ولا أرى أن بهذه الأجواء سيطول عمر المجلس إلى ذلك الوقت، والعلم عند رب العالمين"، وذكر "إلا إذا قدمت الأغلبية تنازلات وتتبنى مشاريع الأقلية، وتكون متسامحة وتعطيهم دورهم في الحق الدستوري واللائحي حتى يستمر هذا المجلس".وأكد دشتي أن من يتابع تصاريح نواب الأغلبية وما قالوه جميعهم بلا استثناء يرى أنها مغايرة تماما والقناعات مختلفة، وهكذا تظهر الأغلبية نفسها، والأمر لا يحصل في ديمقراطيات العالم سوى لدى الأغلبية هنا في الكويت، مضيفاً أن الوطن والإنجازات والأغلبية والأقلية والمحايدة والمستقلة والمستجدة على العمل البرلماني من ستدفع الثمن.وفي ما يخص الدعوة إلى استجواب وزير المالية لكي يكون إثبات صدق النية في آلية الإصلاح، قال "إن وزير المالية مصطفى الشمالي حاله كحال بقية الوزراء في الحكومة، وإذا لم نقتنع بوجود مبررات لعدم استجوابه فقد نبدأ نحن الأقلية باستجوابه ولا ننتظر الأغلبية"، معتبرا أن تلك المساومات رخيصة ولا يجوز المراهنة عليها، وهذا شيء لا يمكن أن يتحقق في يوم من الأيام، وقد نتفق على أن يكون الأمر بالإجماع بشأن مساءلة أي وزير، وإذا لم نقتنع فقد ننقسم إلى أقلية وأغلبية ومغايرة عن الانقسام الحالي.واستغرب دشتي الاقتناع بمادة استجواب مقدمة من الأغلبية بانتقاد الوزير المستهدف، ومن ثم يتحدث مؤيد له ويتخلى عن دوره، وبالأخص عندما تم تقديم كتاب عدم تعاون كما حدث في استجواب رئيس الوزراء نراهم يصدون ولا يريدون التوقيع.