مريض الزهايمر لا يُسأل عن الصيام
يبلغ عدد المصابين بمرض الزهايمر في مصر 300 ألف شخص، فيما لا تتوافر إحصائيات دقيقة عن عدد المصابين بهذا المرض في البلدان العربية، لكن المؤكد أن معدلات انتشاره مرتفعة. كيف يصوم مريض الزهايمر؟ وما البرنامج الغذائي الأفضل له في شهر رمضان؟ عن هذين السؤالين وغيرهما يجيب اختصاصيون في الصحة الجسدية والنفسية.
يحدد د. عبد المنعم عاشور (أستاذ الطب النفسي في جامعة عين شمس ورئيس جمعية الزهايمر المصرية) مرض الزهايمر بأنه خلل تدريجي يحدث في المخ، ينشأ عنه تحطّم في الذاكرة وعدم قدرة على التعلم وتغيّر في شخصية المريض وسلوكه وقد يصاب بقلق وهياج وهلوسة. لذا يعامل في مسألة الصوم على غرار أي مريض يعاني مرضاً خطيراً.يضيف عاشور أن مريض الزهايمر يمر بمرحلتين: الأولى يكون فيها طبيعياً تماماً يصوم ويأكل بشكل عادي، الثانية يكون فيها عاجزاً عن الأكل والشرب ويصاب بتدنٍ في القدرات العقلية، هنا يعامل معاملة المريض، ونتبع قوله تعالى «ليس على المريض حرج»، فلا صوم له أو قضاء لأن حالته لا تسمح له بإدراك ما يحدث من حوله، ولن يتعافى من هذا المرض، بالتالي لا يُفضّل أن يصوم.أضرارترى د. عبير محمود (أستاذة الطب النفسي في كلية الطب جامعة عين شمس) أن مريض الزهايمر غير مسؤول عن تصرفاته. بالتالي، لا يُسأل عن الصيام وهو غير ملزم به، خصوصاً أنه يتناول جرعات من الأدوية مرتين أو ثلاث مرات يومياً قد تتعارض مع وقت الصوم، ويؤدي عدم تناولها بانتظام إلى أضرار جسيمة. كذلك قد يصيبه الصوم في فصل الصيف بأمراض عضوية أخرى، مثل الجفاف الشديد واضطراب الوعي، ويؤثر على مزاجه المضطرب أصلاً. بالتالي، يتّسم تعامله مع المحيطين به بالحدّة.تضيف أن مريض الزهايمر في المرحلة الأولى يصوم ويمارس حياته بشكل طبيعي، كونه ما زال مدركاً لحالته الصحية ولما يجري من حوله، وهنا يفضل صيامه كي لا تتأثر حالته النفسية سلباً، لا سيما أن منعه عن الصوم قد يشعره بأنه أقل من الآخرين وتزداد حالته سوءاً.تلفت إلى ضرورة أن يتبع مريض الزهايمر نظاماً غذائياً دقيقاً، حسب المرحلة المرضية التي يمر بها. «ثمة مراحل يحظر فيها تناوله أطعمة صعبة البلع، ما يؤثر على حالته الصحية، وفي مراحل المرض الأخيرة نقدم له كميات غذائية قليلة إنما عالية السعرات الحرارية في فترات متقاربة بمعدل 6 إلى 8 وجبات على مدار اليوم.توضح أن مريض الزهايمر، ما دام ليس مصاباً بمرض عضوي يمنعه من الأكل، يمكنه تناول أطعمة كيفما شاء في الإفطار أو السحور المعتاد. «يتحدّد النظام الغذائي حسب حالة المريض وما إذا كان مصاباً بالسكري أو ضغط الدم المرتفع، وحسب الأمراض العضوية المرافقة لمرض الزهايمر».تضيف: «على المريض تناول أكلات تحوي مواد فيها أكسدة مرتفعة، الإكثار من تناول الأسماك والخضراوات الطازجة وحبوب القمح والأطعمة الغنية بفيتامين B، بينما يُحظر عليه تناول أطعمة غنيّة بالدهون وبروتينات مرتفعة لأنها تزيد نسبة ترسّب الدم وارتفاع معدلات حمض البوليك، ويفضل عدم تناوله اللحوم الحمراء بكثرة».تقييم تؤكد د. سامية الجندي (أستاذة علم النفس في جامعة الأزهر) أن مريض الزهايمر يحتاج إلى تقييم طبيبه المعالج والمتابع لحالته الصحية، لتحديد قدرته على الصوم ومدى فائدة الصوم له، ويتطلّب الأمر متخصصين في الأمراض العصبية.تنصح بمراعاة الحالة النفسية للمريض، «إذا أراد الصوم يجب أن نهيئ له الظروف والاهتمام بالوجبات الغذائية، فالنظام الغذائي الصحي لمرضى الزهايمر ينشّط الدورة الدموية، وقد يقي الدماغ من الانكماش، ذلك أن الأشخاص الذين يتعرضون لانكماش في خلايا المخ المرتبطة بمرض الزهايمر لا تكون وجباتهم الغذائية غنية بالفيتامينات أو الأحماض الدهنية».بدوره يشير د. حسن عيسى (أمين عام رابطة الأخصائيين النفسيين) إلى أن مسألة إفطار وسحور مريض الزهايمر تقع على عاتق القيمين على رعايته في المقام الأول، لأنه لا يتذكر مواعيد أكله. لذا ينصح بالاستعانة بمتخصص في مجال الأغذية إذا كانت حالة المريض تسمح بالصيام، كونه يستلزم نظاماً غذائياً متكامل العناصر والإكثار من تناول أطعمة تساعد على تنشيط الدورة الدموية ووظائف المخ.غذاء صحيعن الغذاء الذي يحتاجه المسنون يقول د. أشرف عبدالمجيد (أستاذ التغذية ووكيل كلية الاقتصاد المنزلي في جامعة حلوان): «يحتاج الشخص إلى 40 عنصراً غذائياً ليبقى سليماً من الناحية الصحية، ومع تقدم العمر عليه أن يهتم بتناول أطعمة تحتوي على كميات كافية من البروتين والكالسيوم والألياف والحديد والفيتامينات. كذلك يجب مراعاة تقليل السعرات في الوجبات، التنوع في مصادر الطعام لعدم توافر طعام واحد يمد الجسم بالعناصر كافة التي يحتاجها».يشير عبد المجيد إلى أن الغذاء مهم جداً، وعلى رغم عدم وجود أطعمة محددة للأشخاص المصابين بالزهايمر، إلا أن الأطعمة المتنوعة مهمة لهم مع الحرص على تجنب التدخين والإشعاع والدهون.يضيف: «قد تحدث لمرضى الزهايمر تغيرات في العادات الغذائية (القدرة على الأكل) وصعوبة في البلع وتغير في الطعم وفقدان الشهية... ما يعرقل حصول المصاب على احتياجاته الغذائية بكميات كافية، وهي تتوقف على عوامل منها: مرحلة المرض والقدرة على تناول الطعام وحالة الشخص الصحية، لذا لا بد من فحص اختصاصي التغذية الحالة وتشخيصها لوضع برنامج غذائي سليم حسب المرحلة المرضية، وتحديد إمكان مريض الزهايمر على الصيام من دون حدوث مضاعفات، والغذاء المناسب له على مائدتي الإفطار والسحور.وقايةيرى د. ابراهيم حامد (أستاذ الكيمياء الحيوية والتغذية في المركز القومي للبحوث) ضرورة العمل بالمقولة الشهيرة الوقاية خير من العلاج، «فليس لهذا المرض علاج، لكن يجب الحرص على زيادة الأطعمة الغنية بالفيتامينات مثل الفاكهة والخضراوات إلى جانب تناول دهون غير مشبعة مثل الأوميغا3 والأومغا6، فيتاميناتB 12 وحمض الفوليك، لمعالجة الخلايا العصبية ونقل الإشارات إلى المخ بشكل سليم».يضيف: «كذلك يحب تناول أطعمة غنية بالمعادن والأملاح المعدنية الغنية بالزنك والمغنيزيوم مثل الخضراوات والحبوب الكاملة مثل القمح والبليلة. من شأن الاهتمام بالغذاء عدم تطور الحالة وتأخير تدهورها».أما د. ضحى عبده محمد (أستاذة الكيمياء الحيوية في المركز القومي للبحوث) فتقول: «من المهم التقليل من تناول الدهون المشبعة مثل اللحم والمسلى البلدي والإكثار من تناول اللحوم البيضاء، الأسماك مرتين أسبوعياً على الأقل لأنها غنية بالدهون غير المشبعة ومهمة لتقوية الذاكرة وتصفية الذهن والتخفيف من خطورة مرض الزهايمر، باعتبار أن الأسماك الدهنية تحدّ من الالتهابات والترسبات التي تحدث في الأوعية المخية، وتمنع تصلب الشرايين وتخفض نسبة الكولسترول في الدم».تضيف: «كما هو معروف يحدث الزهايمر نتيجة عملية ترسيب لخلايا المخ وارتفاع نسبة الكولسترول، لذا من المهم تناول خضراوات وفواكه طازجة بكثرة وعدم إغفال طبق السلطة على المائدة الرمضانية لمن يقدر على الصوم في حالات الإصابة الطفيفة بالمرض، وكلما كان طبق السلطة متعدد الألوان يكون أكثر فائدة للصحة لاحتوائه على فيتامينات متنوعة ومواد مضادة للأكسدة ومساهمته في الوقاية من الأمراض الخطيرة والإقلال من الأملاح والسكريات».