مؤيدو ضرب إيران يصعدون مواقفهم خوفاً منها

نشر في 29-05-2012 | 00:01
آخر تحديث 29-05-2012 | 00:01
No Image Caption
 جيم لوب بعد مرور بضعة أيام على بدء المحادثات حول مستقبل برنامج إيران النووي في بغداد، صعّد المحافظون الجدد والمؤيدون لاستعمال القوة حملتهم ضد عقد أي تسوية، ولا سيما إذا كانت تلك التسوية ستسمح لطهران بمتابعة تخصيب اليورانيوم على أراضيها.

وخوفاً من أن تعقد ألمانيا والولايات المتحدة والدول الأعضاء الأخرى الدائمة العضوية في مجلس الأمن (بريطانيا، وفرنسا، وروسيا، والصين) اتفاقاً موقتاً مع طهران يقضي بحصر تخصيب اليورانيوم بنسبة 5%، رأت تلك الجهات ضرورة إجبار إيران على الالتزام بقرار مجلس الأمن الذي صدر في عام 2006 والذي دعاها إلى وقف التخصيب بالكامل (يظن معظم الخبراء في شؤون إيران أن هذا الموقف من شأنه القضاء على أي احتمال بإحراز تقدم ملموس).

وكتب ثلاثة من أبرز أعضاء مجلس الشيوخ الأميركي المؤيدين لإسرائيل في صحيفة "وول ستريت جورنال" يوم الخميس: "نظراً إلى نمط سلوك النظام الإيراني التقليدي الذي يقوم على الخداع والتصرفات غير المشروعة، لا نستطيع الوثوق به والسماح له بمتابعة التخصيب أو نشاطات إعادة التشغيل على أراضيه في المستقبل المنظور، أقله إلى أن يقتنع المجتمع الدولي بالكامل بأن إيران قررت التخلي عن جميع طموحاتها بتصنيع أسلحة نووية".

لكن لا تزال هذه المرحلة بعيدة جداً بحسب رأي السيناتورين الجمهوريين جون ماكين وليندسي غراهام والسيناتور الديمقراطي المستقل جوزيف ليبرمان، أو "الأصدقاء الثلاثة" الذين يسافرون إلى الخارج معاً في أغلب الأحيان، ولطالما اعتبر هؤلاء أن التحرك العسكري الأميركي هو الطريقة الوحيدة لمنع طهران من الحصول على أسلحة نووية. لطالما أنكرت طهران من جهتها أنها تطور برنامجاً نووياً ولكنها تصرّ على أنها تملك حق تخصيب اليورانيوم بموجب معاهدة منع الانتشار النووي التي وقّعت عليها.

في الوقت نفسه، نشر مسؤولان من مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات افتتاحية في صحيفة "واشنطن بوست" وحذّرا فيها من أن تعقد القوى الغربية أي اتفاق يسمح لإيران بتخصيب اليورانيوم على أراضيها بنسبة تصل إلى 5% بدل تعليق جميع نشاطات التخصيب إلى أجل غير مسمى.

وفق المدير التنفيذي لمؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات مارك دوبوفيتز والناشط السابق في وكالة الاستخبارات المركزية رويل مارك غيريشت، سيدفع أي اتفاق مماثل بإيران إلى تجميع ما يكفي من المواد الانشطارية لتصنيع قنبلة، ما يعرّض الأمن الإسرائيلي للخطر.

ذكرت المقالة: "إنّ رسم حدود جديدة على نشاطات التخصيب بنسبة 20% سيترك إسرائيل أمام خيارين: ضرب منشآت إيران النووية أو الاستسلام. بالنسبة إلى كل من يخشى اشتعال الوضع مجدداً في الشرق الأوسط، إنه سبب مقنع للحفاظ على موقف صارم في بغداد".

في غضون ذلك، قام المحافظون الجدد في معهد "أميركان أنتربرايز" (لعب هؤلاء دوراً أساسياً في تعبئة وسائل الإعلام وكسب دعم نخبة المجتمع خلال عملية غزو العراق في عام 2003) بإصدار دراسات جديدة كانت معدة كي تتزامن مع محادثات يوم الأربعاء، وقد أكدت إحدى الدراسات أن إيران قد تنتج ما يكفي من اليورانيوم الفاعل لتصنيع الأسلحة خلال 42 يوماً.

تابعت الدراسة: "أي نتيجة لا تشمل تفكيك برنامج إيران النووي والتخلص من جميع المواد النووية، على جميع المستويات، ستسمح لإيران بالاحتفاظ بالقدرة على كسب وقود الأسلحة النووية خلال فترة قصيرة".

لفتت دراسة ثانية قام بها أربعة مسؤولين من معهد "أميركان أنتربرايز" إلى دعم إيران القديم لنظام الرئيس السوري بشار الأسد و"حزب الله" في لبنان و"حماس" في غزة، فضلاً عن دعمها المزعوم لحركة "طالبان" في أفغانستان.

استنتجت الدراسة أن أكبر الأخطاء التي يمكن أن ترتكبها الولايات المتحدة هي الاقتناع بأن النشاطات الإيرانية في أي مجال كان (مثل البرنامج النووي) تكون معزولة عن مشاريع إيران في مجالات أخرى، وأكدت الدراسة أن إدارة الرئيس باراك أوباما كانت تركز أيضاً على التوصل إلى اتفاق نووي.

بدأ أحدث هجوم شنه المحافظون الجدد وسط تجدد التفاؤل باحتمال إحراز تقدم حقيقي خلال محادثات بغداد التي تلت جولة أولية من المحادثات خلال الشهر الماضي في اسطنبول.

خلال جلسات يوم الأربعاء، قيل إن كبير المفاوضين النوويين الإيرانيين، سعيد جليلي، تبادل الاقتراحات مع نظرائه من القوى الغربية، ثم قابل الممثلين عن روسيا والصين في اجتماع منفصل لإجراء محادثات ثنائية.

تعززت فرص التقدم يوم الثلاثاء بفضل تقارير أفادت بأن رئيس الوكالة الدولية للطاقة الذرية، يوكيو أمانو، توصل إلى اتفاق مبدئي مع جليلي، خلال زيارة له إلى طهران يوم الأحد، حول طريقة معالجة القضايا العالقة بشأن النشاطات المزعومة التي قام بها العلماء الإيرانيون في الماضي والتي قد تكون حاسمة لتصنيع أي سلاح نووي.

اعتبر كثيرون أن حل تلك المسائل، التي تشمل إدعاءات بأن إيران اختبرت جهاز تفجير نووي في غرفة خاصة في قاعدة بارخيم العسكرية، هو عامل أساسي لعقد أي اتفاق شامل بين إيران والقوى الغربية في الملف النووي.

خلال المرحلة التمهيدية لاجتماع بغداد، أعلن المسؤولون الإيرانيون عن استعدادهم لتقديم عدد من التنازلات (بما في ذلك تعليق برنامج التخصيب بنسبة 20%، واحتمال نقل مخزونهم من اليورانيوم المخصب بنسبة 20% إلى خارج البلد، والمصادقة على البروتوكول الإضافي التابع للوكالة الدولية للطاقة الذرية، ما يسمح للمسؤولين في الوكالة بإطلاق حملات تفتيش واسعة، فضلاً عن حل المسائل العالقة بشأن نشاطات إيران الماضية)، وذلك بناءً على العروض التي يقدمها الفريق الآخر.

بعد اجتماع اسطنبول، تحدث المسؤولون الغربيون عن احتمال تخفيف بعض العقوبات الاقتصادية المفروضة على إيران (مثل تأخير المهلة الزمنية التي حددها الاتحاد الأوروبي في نهاية شهر يونيو لتفعيل قرار مقاطعة النفط الإيراني والبنك المركزي الإيراني)، على أن تكون هذه الخطوة جزءاً من اتفاق موقت قد يشمل أيضاً تعليق جميع العمليات في منشأة التخصيب في فوردو.

لكن خلال الأسبوع الماضي، يبدو أن الدبلوماسيين الأميركيين والغربيين عادوا ليتخذوا موقفاً أكثر تشدداً. اعتباراً من يوم الأربعاء، قيل إن المكافآت الوحيدة التي يمكن اقتراحها تتعلق بتبادل مخزون اليورانيوم الخاص بقضبان الوقود والذي يمكن استعماله في مفاعل الأبحاث في طهران، واقتراح بعض تدابير السلامة، وتحديث المنشآت النووية الأخرى في طهران، ما يسمح لها بشراء قطع غيار للأسطول الجوي التجاري القديم، فضلاً عن تعليق الحظر الذي فرضه الاتحاد الأوروبي على تأمين السفن التي تنقل النفط الإيراني (سيسمح هذا التدبير للمصافي الآسيوية بشراء النفط من إيران).

لم يتضح بعد ما إذا كانت تلك الأمور كافية لدفع إيران إلى تقديم التنازلات التي يريدها الغرب، أو ما إذا كانت تلك القوى الغربية مستعدة لعرض تنازلات إضافية على طاولة المفاوضات.

في مطلق الأحوال، اقترح المسؤولون الأميركيون أيضاً أن تعترف واشنطن بحق إيران بالتخصيب لأغراض مدنية وأبدوا استعدادهم لتقبل فكرة أن تتابع إيران التخصيب بنسبة 5% كجزءٍ من اتفاق موقت أو نهائي. لكن قوبل ذلك الموقف بمعارضة شديدة من الحكومة الإسرائيلية التي هددت مراراً وتكراراً بمهاجمة إيران ما لم تفكك برنامج التخصيب بالكامل.

عشية محادثات بغداد، أعلن نتنياهو لقناة "سي إن إن" (CNN) ضرورة أن توقف إيران جميع نشاطات التخصيب، مؤكداً أهمية إجبار طهران أيضاً على "تفكيك المنشآت الموجودة تحت الأرض" في فوردو.

حينما اقترب موعد اجتماع بغداد، تبدت تلك الفكرة سريعاً في مواقف المحافظين الجدد ومؤيدي استعمال القوة الآخرين في الولايات المتحدة، فاعتبر هؤلاء أن أي عملية تخصيب تقوم بها إيران في هذه المرحلة ستؤدي إلى حصولها على "إمكانات" غير مقبولة لتصنيع أسلحة نووية.

يوم الاثنين قبل الماضي، مرر مجلس الشيوخ، بقيادة ليبرمان وغراهام، تشريعاً يطالب بفرض عقوبات جديدة، ويعتبر "الإمكانات" النووية الإيرانية "تهديداً" مستمراً على الولايات المتحدة، ويدعو الإدارة الأميركية إلى استعمال "التخطيط العسكري" كأداة لمنع إيران من اكتساب تلك الإمكانات.

*آسيا تايمز

back to top