«ملتقى الفخار الدولي»... القاهرة تحتفي بالرمز والألوان المبهجة

نشر في 07-10-2012 | 00:01
آخر تحديث 07-10-2012 | 00:01
«فن الخزف والفخار، إطلالة على هوية إبداع عربي أصيل» عنوان ملتقى «الفخار» الدولي في دورته الثانية عشرة، وافتتحه أخيراً رئيس قطاع الفنون التشكيلية في وزارة الثقافة المصرية د. صلاح المليجي، ورئيس هيئة قصور الثقافة سعد عبد الرحمن في قاعات مركز الجزيرة للفنون في القاهرة.
أقيم على هامش «ملتقى الفخار الدولي» في القاهرة معرض فني شارك فيه فنانون من مصر وتركيا والسويد وألمانيا وأسبانيا وتونس وهولندا.

ولفت سعد عبدالرحمن إلى أن الملتقى والمعرض يأتيان في إطار تعاون دائم بين الهيئة وقطاع الفنون التشكيلية، مشيراً إلى أن نجاحهما عاماً بعد الآخر يأتي نتيجة لاهتمام كبير بهذا الفن المصري الأصيل والذي يُعد أحد المأثورات المادية لفنوننا الشعبية، ووجهاً من وجوه الهوية والأصالة.

وأشار د. صلاح المليجي إلى مستوى المشاركة والتنظيم بقيادة الفنان خالد سراج لما له من خبرات كبيرة محلية ودولية، ولأنه أحد الأسماء المعروفة في هذا المجال، ما ساهم في استقطاب مجموعة متميزة من فناني الخزف الدوليين.

وأوضح المليجي أن فن الفخار ترجع جذوره إلى الفراعنة، ويحمل خصائص البيئة المصرية، وهذا الملتقى يعبر عن تقدير فنانين عالميين لهذا الإبداع، وخصوصية إبداع مصر في هذا المجال بين باقي دول العالم، ووضعها اللبنة الأولى لسماته البدائية مروراً بإسهامات عظيمة في تاريخ تطوره وحتى وقتنا الحاضر.

وأثار الملتقى فكرة استشراف مستقبل فن الخزف والفخار، وتطويعه لمستجدات المدارس الفنية الحديثة، وتحقيق طموحات الفنان المعاصر بالتواصل وليس التصادم مع تراث الأسلاف، وإمكان إنقاذ فنوننا الأصيلة من الاندثار، وتوارث هذا الإبداع جيلا بعد آخر، فضلاً عن إدراك المتلقي للمسات الجمالية للفنانين والمبدعين الشباب، وثراء التجارب المعروضة، وتفاعلها مع أهم إنجازات هذا الفن الشعبي عبر التاريخ.

وطرحت فعاليات الملتقى إبداعات خزفية ذات طابع تجريدي، وتكوينات دالة على وعي الفنانين المشاركين بأصالة هذا الفن واشتباكه بخصائص الحياة المصرية، وتناغمه بين لغة تشكيلية تحتفي بالرمز والحكمة، وتجسيد توترات لونية موحية بالبهجة، وفتح طاقة الخيال برؤية معاصرة نحو أصداء زمن بعيد.

ذاكرة الحواس

تميزت الأعمال المعروضة، لا سيما لفنانين من دول غربية، بروح المغامرة على مستوى التشكيل لقطع الخزف والفخار، ومنافستهم لزملائهم العرب في إدراك ماهية هذا الفن التراثي والتعبير عن خصائص بيئية برؤية فنية تستلهم ذاكرة الحواس، وذائقة الملتقى العربي الفنية، ورغبته الوجدانية في إبداع متجدد موصول بجمالياته ومضمونه بأصالة الفن الشعبي القديم.

الحضور تفاعل مع تكوينات الخزف والفخار وارتحالها في الزمن، لا سيما أن الفنانين صاغوها برؤية معاصرة، من بينها ثلاث قطع فخارية تقارب النحت الفرعوني، وتجسد حوار اللون البرتقالي والتشكيل التجريدي لهيئة إنسان، فضلاً عن أنها طرحت دلالات جمالية موحية بالصلابة والشموخ، وتطويع المادة الخام لتجسيد الفكرة، فبدت مهارة الفنانين واضحة في استلهام خبرة الأسلاف.

تنوعت أعمال الفنانين المشاركين، وحملت خصوصية تجاربهم ورؤيتهم الخاصة لملامح فن الخزف والفخار، وما يحمله من استدعاء للزمن وخصائص البيئة العربية القديمة، وتوارثه من جيل إلى آخر. كذلك بدت الاستفادة واضحة من معروضات الصناعات الفخارية، وجسدتها مجموعة من قطع «القلل» والأواني، الضاربة بجذورها في أزمنة بعيدة، كوسائل لحفظ الماء والطعام في المنازل العربية.

رؤية تجريدية

استلهم الفنانون المشاركون روح هذا الفن الشعبي الضارب بجذوره في تاريخنا الإبداعي، ليثبتوا مهاراتهم بإضفاء أجواء تجريدية ملونة، وابتكار أسلوبهم الخاص للتعبير عن لحظات تاريخية سالفة، والتأكيد في الوقت نفسه على فكرة الأصالة والمعاصرة، والتواصل بين التراث والتجديد.

وبرزت في هذا السياق منحوتة خزفية زرقاء، شكلها الفنان برؤية تجريدية، وتواصلت في مضمونها مع إمكان تطويع الكتلة الصماء، وإضفاء البعد الجمالي للمادة الخام، ومنح المشاهد طاقة للخيال، وتجاوز المرئي إلى استشراف رمزية اللون والتكوين.

 كذلك تميزت معروضات ملتقى هذا العام بتكوينات جمالية على صعيد اللون  ومفردات التشكيل وفكرة العمل الأساسية، فاستمدت طاقتها من لغة الفخار والخزف كفن شعبي يميل إلى البهجة، وتميزه عن بقية الفنون التشكيلية بطاقاته الإبداعية الملهمة للفنان بالارتحال عبر الزمن، وحرية الابتكار بمادة طيعة، لكنها تستعصي على غير الموهوبين، والمقلدين من دون خيال وأفكار متجددة لما أبدعه الفنان القديم.

أضف إلى ذلك أن الملتقى طرح فكرة تجاوب الجمهور مع الفنون التشكيلية التراثية، وإقباله على الفعاليات المخصصة لفن الخزف والفخار، واكتشاف الفنان المعاصر أسرار جديدة لمهارات المبدعين الأسلاف، وتفجر طموحاته للإضافة والتجديد في أعماله اللاحقة.  

يُذكر أن معروضات هذا الملتقى الدولي قُدمت سابقاً في كلية الفنون الجميلة في جامعة المنيا خلال شهر مارس الماضي، ويُعد ملتقى الفخار أهم حدث ثقافي وفني لعشاق وفناني الخزف تنظمه سنوياً الإدارة العامة للفنون التشكيلية والحرف البيئية في الهيئة العامة لقصور الثقافة، وقد كانت البداية في محافظة قنا لفترة ثماني سنوات وتوالت الملتقيات المحلية من محافظة المنوفية في دورته التاسعة إلى مدينة الخارجة في محافظة الوادي الجديد، ثم انتقل إلى محافظة الفيوم ليصبح ملتقى دولياً تتضافر فيه مواهب الفنانين العرب والأجانب.

back to top