مستوى الكولسترول طبيعي... هل أتناول أدوية الستاتين؟

نشر في 09-12-2012 | 00:01
آخر تحديث 09-12-2012 | 00:01
تبحث دراسات كثيرة في أهمية أدوية الستاتين، فوائدها ومضارها. يجيب بعض الدراسات عن السؤال التالي: هل يجب أن تتناول أدوية الستاتين حتى لو كان مستوى الكولسترول لديك طبيعيًا؟ إليك التفاصيل في هذا الشأن، ولا تنس أن عليك دائمًا تحديد المخاطر مع طبيبك.
تخفض عقاقير الستاتين نسبة الكولسترول الضار الذي يعرضك لخطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية، علماً أن الأطباء يحترسون من وصف أدوية  لأشخاص أصحّاء للوقاية من أمراض في المستقبل ما لم تتضح فوائدها تمامًا، لذا ينصحون بوسيلة آمنة وفاعلة للوقاية من أمراض القلب والأوعية الدموية، وهي  اتباع نظام غذائي صحي وممارسة تمارين رياضية بانتظام، ويوضحون أن استخدام الستاتين على سبيل الوقاية لم يتم التأكد منه تمامًا لغاية اليوم.

لا يوافق الدكتور بول ردكير (مدير مركز القلب والأوعية الدموية في مستشفى بريغهام للنساء التابع لجامعة هارفرد) على هذا الرأي، مشيراً إلى أن عقاقير الستاتين قد تقدم فائدة للأشخاص الذين يعانون مستويات طبيعية أو حتى منخفضة من الكولسترول مع أنها تتضمن بعض المخاطر، ويعتقد أن الأدلة جيدة بما فيه الكفاية ليصف الأطباء عقاقير الستاتين الوقائية لعدد أكبر من الناس.

يقول: «بعد تجارب سريرية عشوائية متعددة تبين أن تناول الستاتين قد يقلل من خطر الإصابة بأزمات قلبية وسكتات دماغية بنسبة 25 إلى 50 في المئة، حتى بين الأفراد الذين يتمتعون بمستويات طبيعية أو منخفضة من الكولسترول. على الأشخاص الذين يواجهون احتمال إصابتهم بأمراض القلب التحدث مع الطبيب حول ما إذا كان ينبغي تناول هذه العقاقير، ليس كبديل لنظام غذائي صحي وممارسة الرياضة والإقلاع عن التدخين، لكن كعلاج وقائي إضافي».

ما يقوله العلم

استنتجت دراسة، نشرت في مجلة «لانسيت» وشملت 174 ألف شخص، أن الأشخاص الذين تناولوا الستاتين وخفضوا الكولسترول بنسبة 40 ملغ لكل ديسيلتر (ملغم / دل) خفضوا مخاطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية (نوبات قلبية غير مميتة وسكتات دماغية) بنسبة 20 في المئة على مدى خمس سنوات، أي 11 نوبة قلبية أقل لكل ألف شخص. قد تبدو هذه الاستفادة متواضعة، لكن، بحسب الدكتور ردكير، «نحتاج إلى الحدّ من المخاطر الكبيرة على مدى أكثر من 20 عامًا لنكون صادقين مع مرضانا».

فوائد

وفق الدراسة، شعر الأشخاص على نحو أفضل حتى لو كانوا معرضين لخطر منخفض نسبيًا بالإصابة بأمراض القلب والشرايين. لماذا؟ يلمح اختبار «جوبيتر» الذي أجري في عام 2008 إلى الإجابة.

مبررات استخدام الستاتين في الوقاية الأولية: في اختبار تقييم للروزيوفاستاتين أعطى الباحثون الستاتين إلى أشخاص يتمتعون بمستويات عادية أو منخفضة من الكولسترول وبمستويات عالية من البروتين التفاعلي C، الذي يؤشر إلى التهاب في الدم، ويُعتقد أنه يؤدي دورًا رئيسًا في أمراض القلب والأوعية الدموية.

على سبيل المثال، خفض الروزيوفاستاتين خطر حدوث أول نوبة قلبية أو سكتة دماغية بنسبة 50 في المئة وخطر الموت بنسبة 20 في المئة. يقول الدكتور ردكير: «يبدو أن الستاتين سيف ذو حدين، فهو يخفض نسبة الكولسترول ويمنع التهاب الأوعية الدموية، وكلاهما يحددان تطوير النوبات القلبية والسكتة الدماغية».

لا يمكن للعلماء التمييز بين ما إذا كانت فوائد العلاج بالستاتين ناتجة من خفض الكولسترول أو لخفض الكولسترول وقمع الالتهاب على حد سواء. ويلاحظ الدكتور ردكير: «خمسون في المئة من النوبات القلبية والسكتات الدماغية تحدث لدى أشخاص يتمتعون بمستويات متوسطة ​​أو طبيعية إلى منخفضة من الكولسترول. يبقى الكولسترول في غاية الأهمية، لكن لا يمكن أن يشكل الطريقة الوحيدة التي يمكننا التفكير فيها بهذا المرض».

هل يناسبك الستاتين الوقائي؟

قد ينقذ الستاتين حياتك إذا تم تشخيص أمراض القلب والشرايين لديك، أو كنت تعاني مرض الأوعية الدموية الطرفية، أو خضعت لمجازة الشريان التاجي أو تعاني داء السكري.

يُنصح الأشخاص الذين يعانون هذه الأمراض بالبدء بتناول الستاتين ما لم يمنعهم سبب طبي واضح من ذلك. أما بالنسبة إلى الناس عموماً، فثمة مبادئ توجيهية مقبولة رغم أنها قد تتغير مع ظهور معطيات التجارب السريرية في المستقبل القريب.

يؤيد ردكير اتباع مبدأ توجيهي بسيط لوصف العقاقير الوقائية المخفضة للكولسترول. في حال تجاوزت الخمسين عامًا وتعاني مستويات عالية من الكولسترول الضار، ومستويات منخفضة من الكولسترول المفيد أو كانت نسبة البروتين التفاعلي C لديك مرتفعة، تظهر التجارب السريرية أن عقاقير الستاتين تقدم فائدة واضحة، لذلك لا تتردد في مناقشة هذه الأدوية مع الطبيب. مجددًا، يجب ألا تحل عقاقير الستاتين محل ممارسة الرياضة واتباع نظام غذائي صحي، مع أن أطباء كثرًا يلجأون إلى الستاتين بعد فشل تغيير نمط الحياة.

كشف عن المخاطر

يقوم قرار تناول الستاتين الوقائي على تقدير المخاطر التي قد يتعرض لها الشخص بسبب إصابته بأزمة قلبية على مدى العقد المقبل، وعلى أساس الخصائص الشخصية والتاريخ الصحي. إذا كان الخطر يساوي 1 في المئة، يعني أن شخصاً من بين 100 شخص يعانون مستوى المخاطر نفسه سيصاب بنوبة قلبية أو يموت خلال 10 سنوات لاحقة. لا أحد يصف أدوية الستاتين لشخص مماثل.

مع ذلك، إذا كان الخطر يناهز 10 في المئة أو أعلى، يفكر الأطباء بجدية في وصف الستاتين. وإذا كان الخطر 20 في المئة، يصف الطبيب الستاتين. إذا أردت هذا الخيار، فاعلم أنك ستتناوله مدى الحياة على الأرجح، لأن مخاطر الإصابة بأمراض القلب ترتفع مع التقدم في العمر.

يحمل كل دواء آثارًا جانبية، ولا يختلف الستاتين عن بقية الأدوية. يذكر أن الآثار الجانبية الأكثر شيوعًا هي آلام في العضلات أو ضعف، ازدياد نسبة السكر في الدم بشكل طفيف. كذلك أفاد أشخاص أنهم أصيبوا بضعف الذاكرة المفاجئ والحاد مع تناول الستاتين. في المقابل، أظهرت نتائج التجارب السريرية أن فوائد الستاتين تتفوق على خطر آلام العضلات ومرض السكري بشكل واضح، فيما مشاكل الذاكرة نادرة وغير موثقة جيدًا.

للمسنين

لا يحتاج رجل مسن إلى أدوية الستاتين. إذا كانت مستويات الكولسترول وضغط الدم لديك طبيعية ولست من أصحاب الوزن الزائد، فعلى الأرجح أنك لا تحتاج إلى الستاتين. مع ذلك، إذا كنت في السبعينيات من العمر وتواجه عوامل خطر رئيسة أخرى، يمكن أن تحتاجه إليه. وكما هي  الحال مع القضايا المثيرة للجدل في مجال الطب، يعود القرار النهائي إليك.

يقول الدكتور ردكير: «بغض النظر عن النظام الغذائي الصحي وممارسة التمارين الرياضية، يقوم الطب الوقائي على التوازن بين مصلحة الفرد وبين الآثار الجانبية التي قد يواجهها، لذا فإن الأمر متروك لك وللطبيب لتحديد ما إذا كان العلاج مناسبًا لك. لكن لاتخاذ هذا القرار، عليك أن تعرف ما هي المخاطر، وما هي الفوائد».

back to top