عالم الرئيس الأميركي وشي جين بينغ
يتوقع جون ميكليتويت أن يخصّص أوباما وقتاً أكثر للسياسة الخارجية
ربما تمنى رئيس الولايات المتحدة الأميركية باراك أوباما أن يخصص عام 2013 بشكل أساسي لمحاولة إعادة تنظيم محيطه المضطرب، لكنّ العالم الخارجي لن يمنحه أي فسحة راحة، بحسب The Economist. وماذا عن خصمة التقليدي شي جين بينغ؟ الجواب في ما يلي.
ربما تمنى رئيس الولايات المتحدة الأميركية باراك أوباما أن يخصص عام 2013 بشكل أساسي لمحاولة إعادة تنظيم محيطه المضطرب، لكنّ العالم الخارجي لن يمنحه أي فسحة راحة، بحسب The Economist. وماذا عن خصمة التقليدي شي جين بينغ؟ الجواب في ما يلي.
لم تحصل أحداث كثيرة في عالم الدبلوماسية خلال السنة الماضية من شأنها زعزعة وضع المراوحة باستثناء وصول حكّام جدد في الوقت نفسه تقريباً. سارع السفراء إلى تقييم الحكّام الشباب، وخضعت التحالفات للاختبار، وأُعيد النظر في نظام الخلافة، ووُضعت الجيوش والقوات البحرية في حالة تأهّب. أدت هذه التدابير في الماضي إلى اندلاع الحرب حيناً أو إلى أداء استعراضي متغطرس أحياناً كما حصل حين قابل ملك إنكلترا هنري الثامن ملك فرنسا فرانسوا الأول في «حقل القماش الذهبي».اليوم، تحصل المساعي الدبلوماسية بطريقة مختلفة. يمكن أن يتحاور قادة العالم خلال ساعات ولا نجد اليوم من يبدأ تلك المفاوضات بعرض ابنته للزواج. ستتخذ العلاقات الدولية في عام 2013 المنحى نفسه، لا سيما بالنسبة إلى باراك أوباما حين يقيّم هذا الرئيس الأميركي الذي أُعيد انتخابه أداء زعيم الصين شي جين بينغ الذي تم تنصيبه حديثاً، فضلاً عن أداء أوروبا التي تزداد فدرالية بقيادة أنجيلا ميركل.
من المعروف أن السياسة الخارجية ليست إحدى أولويات أوباما. طغت المسائل المحلية على الحملة الرئاسية في الولايات المتحدة، لا سيما الاقتصاد وعجز الميزانية. يواجه الرئيس مشكلة عاجلة تتمثل بـ{المنحدر المالي»، وهو عبارة عن مجموعة تدابير محتومة تهدف إلى سد العجز ولكنها قد تؤدي إلى إرجاع الاقتصاد الأميركي إلى حالة الركود. بشكل عام، يجب أن يجد أوباما حلاً مع الجمهوريين لمشكلتين كامنتين: من جهة، تنفق الولايات المتحدة كأي دولة تشمل حكومة كبرى ولكنها تفرض الضرائب كدولة ذات حكومة صغيرة؛ ومن جهة أخرى، بدأت برامج «الاستحقاق» (معاشات التقاعد والرعاية الصحية) تُفلس هذا البلد المُسنّ تدريجاً.السياسة المحليةنظراً إلى تعدد المشاكل محلياً، لا شك في أن أوباما سيرغب في التركيز على السياسة المحلية. لكنّ العلاقات الخارجية ستجرّه بعيداً عن المسائل الداخلية لأن بعض الأزمات الفردية توشك على الانفجار، وتشكّل إيران وسورية خير مثال على ذلك. لكن قد يتحقق هذا الأمر أيضاً بسبب تبدّل طبيعة سياسة القوى العظمى.شي جين بينغ هو الخصم الجديد الناشئ، وهو الوريث الذي اعتلى عرش الصين (أو أصبح على الأقل أمين عام الحزب الشيوعي) في شهر نوفمبر. ورث شي اقتصاداً بدأ يواكب الاقتصاد الأميركي سريعاً، حتى لو لم يسجل معدل نموه في عام 2013 مستويات أعلى من 10%. قد تكون التجارة القطاع المناسب لاختبار علاقة أوباما وشي. عمد أوباما إلى انتقاد الصين بسبب ارتفاع قيمة عملتها بشكل مفرط خلال الحملة الانتخابية (لكن بقيت انتقاداته أقل وقعاً من انتقادات ميت رومني). قد تصبح الشركات الصينية الغنية بالأموال النقدية (بعضها مقرّب من الدولة) من الشراة المحتملين للشركات الأميركية الكبرى أو حتى أبرز مقدّمي العروض لكسب عقود أميركية كبرى. سبق وتجاهلت الولايات المتحدة شركة «هواوي» (Huawei) العملاقة في قطاع معدات الاتصالات. على الجبهة الدبلوماسية، يبدو أن النزاعات التي تشمل الصين واليابان والفيليبين وكوريا الجنوبية وتايوان وفيتنام لن تتوقف. بسبب هذه الخلافات وقفت الصين في وجه حلفاء الولايات المتحدة، وقد اعتبرتها الصين عذراً لتعزيز قوتها البحرية. لن يتمكن أوباما مطلقاً من حل مسألة السيادة في تلك الجزر الصغيرة في معظمها، ولكنه يستطيع الضغط لفرض قواعد السلوك (لمنع الحوادث من التحول إلى أزمات) والبحث عن وسائل لتعليق الخلافات (عبر تحويل بعض الجزر مثلاً إلى محميات طبيعية). قد يتبين أن انهيار كوريا الشمالية المحتمل، فضلاً عن مواقف الصين المعرقِلة في ملفَي إيران وسورية، هي مسائل أكثر تعقيداً بالنسبة إلى شي وأوباما.منذ قرن من الزمن، ثبت أن نشوء قوة قومية جديدة، ألمانيا، وفشل القوة العظمى بريطانيا في التأقلم مع القيصر كانا حدثين كارثيين. يبدو شي، مثل أوباما، من النوع البراغماتي. ستكون بنية العمل عنصراً أساسياً: يجب أن يبحث أوباما عن طرق لدمج الصين ضمن النظام العالمي القائم كي تتمكن من حل نزاعاتها. لكن ستحتل الكيمياء الشخصية أهمية كبرى أيضاً. كلما أسرع الرجلان في تجاوز مرحلة الخطابات وتقابلا في ما يشبه «حقل القماش الذهبي» الخاص بهما، سيكون الوضع أفضل.حصر المنافسة بين زعيمينمن ناحية معينة، يُعتبر شي خصماً تقليدياً لأوباما: تكون المنافسة مع أي قوة ناشئة واضحة، ومن خلال الإعلان عن التوجه نحو محور آسيا يبدو الرئيس الأميركي مستعداً لمواجهة خصمه. لكنّ أوروبا المضطربة بقيادة ميركل تطرح نوعاً مختلفاً من التحديات.في المقام الأول، ميركل هي أشبه بإمبراطورة على درجة عالية من التردد. لا شك في أن المستشارة الألمانية ستكره هذا اللقب وستؤكد على أنها تواجه انتخابات محلية في شهر سبتمبر ولا تملك أي نفوذ رسمي يمكن أن تفرضه على الاتحاد الأوروبي. في ما يخص إمبراطوريتها الوهمية، يواجه اقتصاد منطقة اليورو حالة من الركود ولا يزال خطر انهيار العملة الموحدة مطروحاً. لكن هل يمكن أن يبقى أوباما بعيداً عن هذه الأزمة نظراً إلى مشاكله المحلية وتلك التي يواجهها مع شي؟سيكون ذلك السلوك غبياً بغض النظر عن مصير أوروبا. إذا تفككت منطقة اليورو في عام 2013، فلن تتأذى ميركل وحدها (هي ستخسر منصبها كمستشارة حتماً)، بل إن الأمر سيصعّب الوضع على أوباما أيضاً: سيتبخر بذلك أي أمل بتعافي الولايات المتحدة. يستحق هذا الأمر انتباه واشنطن التي يجب أن تحرص على الأقل على إقناع ميركل بعدم المبالغة في تطبيق سياسة التقشف.لكنّ النتيجة الأقرب إلى الواقع هي أن تسير الأحداث في الاتجاه المعاكس: بدل أن تتفكك منطقة اليورو في عام 2013، قد تتجه المنطقة بشكل متعثّر نحو بنية أكثر فدرالية. وفي ظل هذه النسخة من أوروبا، تصبح ميركل أكثر نفوذاً. ستكون أوروبا الأكثر تكاملاً بمثابة كابوس بالنسبة إلى أبرز حليفة أوروبية للولايات المتحدة، بريطانيا، وستصبح ميركل بذلك قوة أكثر نفوذاً على الساحة العالمية. ربما بدأ الاقتصاد الصيني يواكب الاقتصاد الأميركي، لكن سيبقى اقتصاد الاتحاد الأوروبي، حتى في أسوأ أحواله، أكبر من الاقتصادين معاً.