تصريحات البذالي عن "كبر" تواجه برفض شعبي غاضب
استنكر حقوقيون وناشطون سياسيون عدة تصريحات الناشط الإسلامي مبارك البذالي، التي أكد فيها أنه سيعمل شخصياً على "تطهير جزيرة كبر من الفساد"، ورفضوا إياها جملة وتفصيلاً، داعين "الداخلية" إلى التصدي لمثل هذه التصريحات، التي تحارب "الدستور والقانون اللذين كفلا للأفراد حرياتهم الخاصة".
النصف: من هذا البذالي كي يكون وصياً على الناس؟! البرجس: على الحكومة التحرك فوراً لوقف هذه المهازل
النيباري: تحدٍّ سافر لوزارة الداخلية المنوط بها تطبيق القانونالبغلي: تصريحات البذالي صدرت برعاية نواب الظلامالشايجي: إذا كانت لدينا هيئة للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فليبلغونا!لقيت التصريحات النارية والوصاية القسرية التي أعلنها الناشط الإسلامي مبارك البذالي أمس ردود فعل واسعة من شتى طوائف المدافعين عن الحريات، حقوقيين وناشطين، مؤكدين أننا نعيش في دولة مدنية يطبق فيها القانون والدستور، من دون حاجة إلى الوصاية من أحد.وأكدت رئيسة مجلس إدارة الجمعية الثقافية الاجتماعية النسائية شيخة النصف أن تصريح البذالي بأنه سيعمل شخصياً على "تطهير جزيرة كبر من الفساد"، مرفوض جملة وتفصيلا، مشددة على أن الحريات الشخصية كفلها القانون والدستور.وقالت النصف لـ"الجريدة" إن "على الداخلية أن تتصدى لمثل هذه الآراء والتصريحات بمنتهى الحزم والشدة، وأن تتعامل مع مثل هذه الآراء والتصريحات بصرامة، ووقف هذه المهازل التي نسمعها يوميا، لأننا نعيش في دولة مدنية يحكمها الدستور والقانون" متسائلة: "هل هو دولة وفوق القانون؟!".كاميراتوأضافت أن إعلان البذالي أنه سيستعين "بكاميرات لتصوير رواد الجزيرة ومكبرات صوت لإقامة الصلوات فيها"، انتهاك لحريات الناس بتصويرهم دون موافقتهم، مستنكرة "من هو هذا البذالي كي يكون وصيا على الناس؟!".وشددت على أن هذا الشخص والسائرين على منواله "ليسوا مخولين تهديد الناس وترهيبهم، فكلامهم لا يستند إلى أي قوانين ولا أعراف"، مبينة أن "كل شخص حر في ما يفعل، وهناك قوانين تعاقب الأشخاص حينما يحيدون عن الصواب أو يفعلون ما يناقض قوانين الدولة وأنظمتها"، وعلى "المتضرر من أي سلوكيات اللجوء إلى القانون الذي يأخذ للناس حقوقهم".وأوضحت النصف أن "الإسلام بريء من مثل هذه التصريحات والسلوكيات، فكلنا مسلمون ونعيش في بلد محافظ، يحكمه الدستور والقانون، ولكن هذه التصريحات بكل أسف تجعل الدول المجاورة تنظر إلينا نظرة مختلفة عما قبل"، لافتة إلى أنها "تعد امتدادا لقوانين رجعية مثل قانون الحشمة وغيره".مهازلمن جانبها، أكدت نائبة رئيس مجلس أمناء المنظمة العربية لحقوق الإنسان مها البرجس أن "على الحكومة التحرك فورا لوقف هذه المهازل"، مشيرة إلى أن مثل هذه الآراء ضد حقوق الأشخاص وحرياتهم.وأضافت البرجس لـ"الجريدة" أن "هذه التصريحات ضد الدستور والقانون الذي كفل الحريات الخاصة للأفراد"، متسائلة "من هو هذا الشخص كي يكون وصيا علينا وبأي صفة يتحدث؟ ونحن في دولة يحكمها القانون والدستور"، آسفة لأن هناك من يؤيد هذا الشخص ويدعم طرحه.تطبيق القانونبدوره، قال عضو مجلس الأمة السابق عبدلله النيباري ان ما صرح به الناشط الإسلامي البذالي بأنه سيعمل شخصيا على "تطهير جزيرة كبر من الفساد"، تحد سافر لوزارة الدخلية المنوط بها تطبيق القانون، مشيرا الى ان الكويت بلد مؤسسات يحكمها دستور منح حق تطبيق القانون لثلاث سلطات فقط، هي التشريعية والتنفيذية والقضائية، فلا يحق للبذالي او غيره سلب هذا الحق. وأضاف النيباري أن "هذه التصريحات تهدد الأمن العام، وتثير الذعر بين المواطنين، فلا يجوز لأحد تطبيق القانون بيده، اضافة الى انه لا يجوز اخلاقيا ان يفرض شخص ارادته على المواطنين، او يرسم لهم طرق حياتهم اليومية او يعلمهم إلى اين يذهبون وإلى أين يجب ألا يذهبوا".وشدد على ضرورة أن ترد الحكومة على مثل هذه التصرفات، بوصفها المنوط بها الحفاظ على حياة المواطنين، معتبرا ان مثل هذه التصرفات الخطيرة نتيجة طبيعية لتخاذل السلطة في تطبيق القانون، وأن تقديمها تنازلات لبعض الاعضاء المتشددين شجع المتطرفين على فرض الوصاية على المجمتع وكأنه لا توجد سلطة او حكومة.وأكد ان "للمجمتع المدني صوتا يجب ان يرفعه عاليا مدويا في سماء الجهل لتنقشع سحب الظلام"، وأن هذا الأمر مستحيل حدوثه في اي دولة تحترم القانون والحريات العامة، موضحا ان "نواب الاغلبية في مجلس الامة حريصون فقط على ابقاء هذه الكتلة، رغم انهم غير قادرين على ضبط تصرفاتهم"، مشيرا الى هذه "الكلتة" غير منسجمة فيما بينها وذات افكار تنافسية، أما توحدها في السابق فكان لرحيل رئيس الوزراء السابق سمو الشيخ ناصر المحمد.يد من حديدمن جانبه، رفض الناشط الحقوقي المحامي علي البغلي تصريحات البذالي جملة وتفصيلا، مبينا أن على وزارة الداخلية المنوط بها حماية حقوق وحريات المواطنين، الضرب بيد من حديد، إذا شرع البذالي أو مَن على شاكلته في تنفيذ هذه التصرفات، "فليس في الكويت حسبة أو محتسبون".وأضاف البغلي أنه "لو لم تقم الداخلية بواجبها فعلى منظمات المجتمع المدني وأعضاء مجلس الأمة الشرفاء التحرك ضد الوزير لمنع البذالي وأمثاله من انتهاك حرية الافراد، التي تعد من أقدس الحريات التي جاءت بها المبادئ الاساسية للدستور، الذي كفل الحرية العامة، فلا يمكن للبذالي أو لـ 10 من امثاله المساس بها".نشاط مشبوهوأشار الى ان ما صرح به البذالي هو "جس نبض للشارع الكويتي وللحكومة، لا سيما ان نشاطه المشبوه بدأ يزداد في الآونة الاخيرة"، لافتاً إلى "ضرورة عدم الوقوف مكتوفي الايدي ازاء هذه الهجمة الشرسة التي يقودها دهاقنة التزمُّت والغلو، وذلك لتلجيم شهيتهم التي تريد التهام حريات الآخرين"، موضحا ان "البلد يحكمها قانون فلا جريمة ولا عقاب إلا بنص".وأكد البغلي أن الحريات العامة لا تقع ضمن اولويات نواب الأغلبية من الاساس، والطامة الكبرى ان بعضهم يدعم ويساند مثل هذه التصرفات والتصريحات التي تريد تحويل الكويت الى "طالبان" جديدة، مستشهدا بالتصريحات التي ادلى بها احد النواب "بضرورة هدم الكنائس وإغلاق الحسينيات، فضلا عن اقرار قوانين الحشمة"، معتبرا ان "تصريحات البذالي جاءت برعاية نواب الظلام الذين هم نتاج مجلس 3 فبراير 2012، الذي يعد أسوأ مجلس في تاريخ الحياة البرلمانية الكويتية"."الأمر بالمعروف"إلى ذلك، أكد أمين عام المنبر الديمقراطي يوسف الشايجي أن "تصريحات البذالي هي استمرار لمسلسل الهجوم على الحريات منذ بداية المجلس الحالي، لا سيما مع صمت نواب الأغلبية الذين تفرغوا لمحاولة تعديل المادة الثانية والمادة 79 من الدستور"، موضحا أن "هذا الأمر متوقع منهم، خصوصا أنه ليس خارج السياق الذي يسيرون فيه".وصرح الشايجي لـ"الجريدة" بأن "المطلوب أن يكون هناك هيبة للدولة ودور للحكومة، باتخاذ خطوات جادة وحازمة تجاه أي شخص يصرح ضد حريات الناس، علما بأن هذا الأمر أصبح يتنامى بشكل كبير في الآونة الأخيرة في ظل غياب دور نواب الأغلبية الذين أصبح همهم التجاوز على الدستور عبر مطالبات مرفوضة لتغيير بعض المواد"، مستغربا "قيام مواطن عادي بتهديد الناس بشكل علني"، متسائلاً: "بأي صفة يقوم البذالي بتوجيه التهديد والوعيد لكل من يريد ممارسة حياته بحرية؟!".تعدٍّ على الحرياتوقال: "إذا كانت هناك هيئة للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في الكويت فنتمنى أن يبلغونا لنعرفها"، مؤكدا أن "هذا التعدي على حريات الآخرين سبق أن حذرنا منه، ونحذر من تفاقم هذه الأمور التي تتفق مع رؤية ونهج بعض نواب مجلس الأمة، بل ان بعضهم يرعى مثل هذه الأفكار، خصوصا أن أولوياتهم تتلخص في تعديل المادة الثانية و79 من الدستور الكويتي".وتساءل الشايجي: "أين هؤلاء النواب من التعدي على الحريات، إذ لم نسمع تصريحا واحدا لأي منهم ضد مَن يحارب الحريات ويهدد الناس بشكل علني"، مبينا أنهم "منذ شهرين لم يقدموا ما يدعو إلى مزيد من الحريات، وبينما نجدهم يختلفون في كل شيء، فإنهم يتفقون في التعدي على الحريات".وأشار إلى أننا "إذا صمتنا عن مثل هذه التعديات فإن الأمر سيتطور إلى الأسوأ"، لافتاً إلى أن "دورنا واضح في هذا الشأن، إذ سبق أن دعونا إلى حملة وطنية ضد التعدي على الحريات، ومازلنا نطالب بتوحيد صف التيار الوطني ضد كل من يريد التطاول على حريات الناس، خصوصا مع بروز أفكار لبعض النواب في الفترة القليلة الماضية مثل هدم الكنائس، والدعوة إلى عدم الاختلاط، والتحذير من إقامة حفل مختلط، وغيرها من القضايا التي تمس الحريات".