"الجريدة | تحقيق برلماني: الطائفية"... مصدرها قاعة عبدالله السالم أم ضغوط الشارع؟

نشر في 20-04-2012 | 21:01
آخر تحديث 20-04-2012 | 21:01
No Image Caption
 

بينما يرى المراقبون أن ما يحدث في الشارع السياسي من صراع وشحن طائفي ليس إلا انعكاساً مباشراً لما يحدث في قاعة عبدالله السالم من سجال وطرح طائفي متكرر، يختلف نواب مجلس الأمة حول هذه النظرة بين انها عملية متبادلة بين القاعة والمجتمع، وبين وجود نواب يعملون بعقلية المرشحين والخوف على الأصوات قبل الخوف على الوطن ووحدته.

ويرى البعض أن الطرح الطائفي ليس إلا محاولة من البعض الآخر لحل مجلس الأمة، إذ إن الاختلاف في الآراء النيابية وصل إلى مضامين قانون الوحدة الوطنية، سواء كان المقدم من الحكومة أو من بعض نواب الأمة... "الجريدة" استطلعت مختلف الآراء النيابية وكانت على النحو التالي:

قال النائب عدنان عبدالصمد إن ما يحصل الآن من إثارة طائفية هو موضوع متبادل بين المجتمع وقاعة عبدالله السالم، فالاصطفاف الذي يحصل في الشارع السياسي ينعكس على بعض النواب داخل المجلس ممن يتأثرون بهذا الاصطفاف وليس الكل، موضحاً أن البعض داخل المجلس يرغب في التكسب الانتخابي وإرضاء ناخبيه، إذ إن هناك من يقتات على الطائفية، معرباً عن أسفه لما يحدث من صب الزيت على النار لإشعال الموضوع واستدراج بعض الاعضاء ممن لا يريدون هذا الطرح بالأساس ولكن يستدرجون ارضاء لقواعدهم وينعكس ذلك مرة أخرى على المجتمع وهكذا "دواليك".

وأكد عبدالصمد أن التأثير متبادل بين قاعة عبدالسالم والمجتمع دون انتباه البعض لخطورة هذا الموضوع، لافتاً إلى أن هناك من يطرح هذه الأمور الطائفية وهو ليس مقتنعا بها بالأساس وانما لتكسبات سياسية.

مسطرة واحدة

ورأى أن سبب تخندق فئات المجتمع حول القبيلة والطائفة والعائلة لأنهم لا يجدون في مؤسسات الدولة الحماية ولا يرون أن هناك تطبيقا عادلا للقانون، فنرى الشعب يتخندق في قبيلته وطائفيته لحماية نفسه، مشيرا الى ان الحل الأفضل للقضاء على الطائفية والقبلية والفئوية بأن يطبق القانون بعدالة ومساواة وبمسطرة واحدة.

وذكر أن هناك من قدم قانون الوحدة الوطنية على أمل القضاء على مثل هذه الامور، وهو بحد ذاته جيد، ولكن تبقى القضية الأساسية هي التربية والثقافة، قائلاً "إن وزارة التربية في السابق كان اسمها وزارة التربية والتعليم والآن أصبحت وزارة التربية فقط، فالتربية قبل التعليم ومع هذا نرى أن هناك مناهج فيها ما يثير الطائفية وليس هناك داع لوضعها"، داعياً إلى العودة الى المناهج و"فلترتها" لان لها تأثيرا كبيرا على النشء، فيجب إعادة النظر في المناهج لان القضية هي قضية تربية وثقافة.

"التويتر"

واضاف "كما أن وسائل الاعلام وبالأخص وسائل التواصل الاجتماعي مثل "التويتر" وغيره لها دور كبير في تربية النشء، مشددا على أن التربية الحقيقية تتمثل في الرقابة الذاتية على النشء، فصحيح ان القوانين لها تأثير لكن الاهم من ذلك هو الرقابة الذاتية، وكذلك الاسرة لأن الاسرة هي جزء من المجتمع اذا صلحت صلح المجتمع والعكس صحيح، مؤكداً أن القضية عامة وبحاجة الى دراسة استراتيجية تشمل جميع المؤسسات لوضع الحلول لها.

من ناحيته، أكد النائب رياض العدساني أن الطرح الطائفي امتد من بعض اعضاء مجلس الأمة الى الشارع الكويتي، قائلاً: "هناك من يأكل ويشرب الطائفية ولن يشبع الا بعد إثارة الفتنة بين مكونات المجتمع"، مشيراً إلى أن المشاكل تحل بالمناهج السياسية والاقتصادية ولكن الطائفية لا تحل الا بقدوم جيل جديد، فنحن لا نقبل ضرب النسيج الاجتماعي ولا نقبل تمزيق الوحدة الوطنية لان الضحية هو الشعب بأكمله، وعلى سبيل المثال الازدحام المروري يزعج الشعب الكويتي كله فلن يصيب او يزعج طائفة دون اخرى، لذلك اذا أصبحت فتنة فستعم الجميع، فلن تحرق فئة دون اخرى وانما ستحرقنا جميعا.

وأضاف العدساني أن هناك أعضاء في مجلس الامة يسعون الى الحد من هذا الطرح الطائفي، ويقابلهم البعض من الأعضاء يزيدون النار اشتعالاً ونجاحهم بالأساس مبني على الطائفية، قائلاً "إن الوطن هو الخاسر الأكبر اذا استمرت هذه الفتنة مشتعلة، فإذا كان لديك مبنى يحترق فإن النار لا تفرق، بل ستحرق الكل وهذه هي نار الفتنة".

"الوحدة الوطنية"

وقال "أنا أدفع الى إقرار قانون الوحدة الوطنية حاليا لان السجال الطائفي في ازدياد مستمر وبالعلن بالتزامن مع كثرة وسائل الاعلام حيث أصبح لدينا أكثر من 17 صحيفة و9 قنوات فضائية بالإضافة الى مواقع التواصل الاجتماعي "تويتر" و"فيس بوك" كلها لها ايجابيات وسلبيات ودائما الخير يخص والشر يعم"، مشدداً على تشريع قانون لحماية النسيج الوطني والاجتماعي والحفاظ على الوحدة الوطنية.

وتابع "ان أهل الكويت اثناء الغزو الصدامي اجتمعوا على قلب واحد، ونحن لا نريد ان نجتمع في الضراء فقط بل في السراء أيضا، والامن في الكويت مستتب نوعاً ما ولا نريد ان نفقد الامان ثم نتحسر على ما وصلنا اليه كما حصل مع بلدان قريبة مثل لبنان وصراعها الطائفي الذي استمر 15 عاما والعراق ايضاً لم يستقر منذ عام 2003 وإلى الان، وأسأل الله ان يحفظ الكويت من كل مكروه".

تداعيات إقليمية

من جهته، قال النائب د. عبدالحميد دشتي "يجب ألا نظلم قاعة عبدالله السالم، فالنفس الطائفي اليوم موجود بسبب التداعيات الاقليمية والاستهداف "الصهيو أميركي" في المنطقة العربية، فهي انعكاست للثورات العربية ومحاولة الاطراف التي تتنازع لتحقيق اكبر مكاسب، مضيفاً أن من تحت قبة البرلمان هم جزء من المجتمع وجزء ممن يتأثر بهذا الصراع، وممكن أن يؤثروا في المجتمع اذا ما تبنوا هذه الافكار وطرحوها، فالمجلس ليس المسبب ولكن من العوامل المساعدة في تأجيج الطائفية في الكويت وهو أمر مؤسف.

واضاف أنه من الممكن ان نتصدى للطائفية بوحدتنا الوطنية وبالتأكيد على الثوابت الكويتية بالالتزام بالدستور وتذكير كل الشعب الكويتي، وأهل الكويت ممن تواتروا وفق التطور الطبيعي للمجتمع انه لا مشكلة فيما بينهم من قبائل وحضر وشيعة وسنة، حتى وان كانوا منتمين الى تيارات سياسية مؤدلجة وشعارها التأسلم السياسي، مؤكداً أنه لا يمكن الرفض وإلغاء الاخر، فالمشكلة بالأساس هي في افكار تأتي من خارج حدود الوطن يتبناها البعض في الداخل بكل المستويات.

وأعرب عن أسفه من أن بعض الأعضاء لا نعرف لماذا يتبنى هذه الأفكار وهم من المفترض أن يكونوا محصنين عنها، وعندما يطرح هؤلاء هذا الطرح الطائفي تحت قبة عبدالله السالم فهي فعلاً كارثة ويتم تأجيج الشارع لهذا الصراع في المجتمع وهنا يكمن الخطر، معلنا أنه سيقدم قانون الوحدة الوطنية ومكافحة التمييز العنصري خلال الأسبوع القادم قائلا "انا في سبيل اعداده بصيغته النهائية وسأقوم بإيصال العقوبة فيه إلى الإعدام حتى لا نصل الى الاقتتال الطائفي يوما ما".

من جهته، يرى النائب أسامة الشاهين أن الحالة عكسية، هي أن بعض النواب يتأثر كثيراً بضغوط الساحة والشارع والدواوين، ومازال يعمل تحت قبة البرلمان بعقلية المرشح القلق على عدد أصواته بانخفاضهم أو ارتفاعهم، مذكراً نفسه وجميع النواب بضرورة البعد عن كل ما يمس وحدتنا الوطنية، والبعد عن كل طرح له حساسية طائفية أو قبلية أو عائلية مختلفة، والاجتماع على ما يجمعنا لا ما يفرقنا، وهو الشيء الذي يوصي به ديننا، والكلمات السامية لسمو الأمير دائماً تأتي في هذا السياق.

وبيّن الشاهين أن "تقديم خطاب سياسي راق كان جزءا أساسيا في حملته الانتخابية السابقة وعاهدت الناس بالالتزام به في الأداء البرلماني الحالي"، مشيراً إلى أنه لاقى اصداء إيجابية في الفترة السابقة ومازال يتلقى التشجيع والدعم للاستمرار في تقديم اداء برلماني متوازن وراق، يركز على الصالح العام للوطن دون مصلحة فئة معينة على حساب غيرها، قائلاً "كلنا قبل كل شيء في مركب واحد وشركاء في بناء هذا الوطن وأمنه وأمانه".

وحمّل الشاهين "الجريدة" رسالة عتب إلى بعض وسائل الإعلام التي تقتات على الإثارة الطائفية بقصد الإثارة لا لتسليط الضوء على أماكن الخلل لعلاجها أو حلها، منوهاً إلى أن في قانون الوحدة الوطنية ليس العيب في النصوص بقدر بما هو في النفوس وإقرار هذا القانون مطلوب، لكن الأهم هو إصلاح النفوس وابتعاد جميع النواب من أقصى اليمين وأقصى اليسار عن هذا الطرح، الذي قد يكسبنا شريحة ولكن سيفقدنا الوطن، فيجب ألا ننجرف في هذا المشوار والمزلق الخطر، الذي لا يؤذي طرفا فقط بل يؤذي الجميع.

الطائفية ترسبات

بدوره، قال النائب د. عادل الدمخي إنه ليس صحيحا أن تكون قاعة عبدالله السالم مصدرا للطائفية والطرح الطائفي لا يحمل فيه مجلس الأمة، فمسألة الطائفية ترسبات خلال سنتين مرت على البلد والمنطقة بأكملها، مشيراً إلى أن هناك أشخاصا يستغلون هذا الموضوع لحل مجلس الأمة، ولكن داخل مجلس الأمة نرى أن العلاقات طيبة، وأحيانا تأتي بعض الأطروحات لا تمثل "الأغلبية"، مؤكداً أن "الأغلبية منذ أن بدأت عملها لم تطرح أي طرح يتعلق بالطائفية، وحتى استجواب النائب محمد هايف لوزير الأوقاف، الذي كان من الممكن أن يكون له انعكاسات طائفية تغلبنا عليه بفضل الله عز وجل واستطعنا الدفع إلى عدم طرحه".

وتابع الدمخي ان وزير الأوقاف التقى مع خطباء الطائفة الشيعية، وكانت هناك محاولة لوضع حلول دون التوجه إلى الساحة الطائفية، وقانون الوحدة يجب أن يكون له دراسة لا بصورته الحالية، لأن هناك أمورا خطيرة كالجزاء على المساس بالوحدة الوطنية بالحبس 7 سنوات، متسائلاً "كيف يكون المساس بالوحدة الوطنية ويجب شرحها؟"، قائلاً "نحن لا نريد أن تقيد حرية التعبير في مقابلها".

وحدة وطنية

ومن ناحيته، قال النائب د. محمد الهطلاني إن هناك وحدة في النسيج المجتمعي، والترويج الإعلامي بأن هناك فتنة أو طائفية بين المجتمع، يدفع بها أعضاء مجلس الأمة غير صحيح ولا نقلبه كممثلين عن الأمة، مؤكداً أنهم الأحرص على تحقيق المصلحة العامة والوحدة الوطنية، ونبذ كل ما يسيء للنسيج المجتمعي، فالكويت تنفرد بأنها طوال هذه السنين منذ تأسيس الدولة منسجمة بين جميع طوائفها وفئاتها، ونعمل معاً ونتشارك بالرأي ولدينا قناعة تامة بأهمية الالتفاف على الوطن في أي خطر يهدد أمنه، ولدينا الشواهد أيام الغزو الصدامي.

وبيّن الهطلاني أن عملية اختلاف الرأي والرؤى تنسجم مع الحياة الديمقراطية في الكويت بحرية الرأي المكفولة، والذي يضيق صدره ببعض الأطروحات إذا أراد أن يضحى في قالب أنها تؤدي الى انشقاق الوحدة الوطنية، فإنه شخص ناقص في هذه الرؤية لا نتفق معه ومبتعد تماما عن الحالة الواقعية في المجتمع من سنة وشيعة وحضر وبدو.

وبيّن أنه قد نختلف أحيانا في بعض القضايا، والذي يريد أن يفسرها بأنها تمزق الوحدة الوطنية هذا شأنه، مؤكداً أن الرأي هذا قد ينطلق من الثوابت الدستورية في العدل والمساواة ومن ثوابت قانونية

ومجتمعية، فنحن لا نقول آراءنا في غرف مغلقة أو نكيل ونضع الدسائس والمكائد وبعض التآمرات، فإننا نؤمن بأن كل فرد في المجتمع وطني ومخلص لهذا البلد، ولا نقبل الشك ما لم يثبت العكس.

وأكد الهطلاني امتلاك الحرية في إبداء الآراء في المجلس والتفكير بصوت مسموع وقول الآراء بشكل علني، ونجادل ونتحفظ ونتمسك بآرائنا، وفي نهاية الأمر يكون ذلك وفق إطار الدستور وتبادل الآراء، وأعتقد أن من يختلف معنا أخوة لهم الحق في التعبير عما يريدون أيا كان رفضهم لآرائنا، ولكن في حجم الرؤية.

وضوح وشفافية

من جهته، أكد النائب فلاح الصواغ عدم تطرق القاعة إلى أحد ولم تتم الإساءة إلى أي طائفة، مشيراً إلى أن هناك من يريد أن يؤزم قاعة عبدالله السالم حتى يصل إلى حل مجلس الأمة، قائلاً "هاذي أمنية مجموعة من النواب التي تعتقد أن دورها انتهى في هذا المجلس، ونحن نعلم مآربهم وترتيباتهم، وهذا ليس من مصلحة البلد، ونحن في المجلس نعمل بكل شفافية وبكل وضوح، ولدينا الأغلبية، وهذا ما آلمهم شديداً".

back to top