«النقد الدولي»: أميركا واليابان تهددهما أزمة مالية

نشر في 11-10-2012 | 00:01
آخر تحديث 11-10-2012 | 00:01
No Image Caption
الصندوق حذر من بيع أصول بـ 4.5 تريليونات دولار لبنوك أوروبا بسبب أزمة الديون

أدى انكشاف أزمة منطقة اليورو إلى تدفق رؤوس الأموال الباحثة عن ملاذ آمن ولاسيما في أميركا واليابان، ورغم أن هذه التدفقات قد دفعت تكاليف التمويل الحكومي إلى مستويات منخفضة تاريخية، فإن هذين البلدين لا يزالان يواجهان تحديات جسيمة على مستوى المالية العامة.
حذر صندوق النقد الدولي الولايات المتحدة واليابان من احتمال أن تواجهما أزمة ديون سيادية مشابهة لأزمة الديون في منطقة اليورو، وحثهما على وضع خطط لتقليص العجز، بما يحمي النمو الاقتصادي ويطمئن الأسواق المالية.

وأوضح الصندوق في تقرير صدر أمس على هامش الاجتماعات المشتركة للصندوق والبنك الدوليين، أن اليابان وأميركا تواجهان تحديات مالية كبيرة، وإذا لم تعالج هذه التحديات فإنه يمكن أن تكون لها تداعيات على الاستقرار المالي فيهما.

وبين التقرير أن انكشاف أزمة منطقة اليورو أدى إلى تدفق رؤوس الأموال الباحثة عن ملاذ آمن ولاسيما في أميركا واليابان، ورغم أن هذه التدفقات قد دفعت تكاليف التمويل الحكومي إلى مستويات منخفضة تاريخية، فإنه لايزال هذان البلدان يواجهان تحديات جسيمة على مستوى المالية العامة.

وعن التحديات التي تواجهها الولايات المتحدة صاحبة أكبر اقتصاد في العالم، أوضح التقرير أن أبرزها الانحدار المالي الوشيك وحلول الموعد النهائي للحد الأقصى للديون وأجواء عدم اليقين ذات الصلة.

وبالنسبة لليابان صاحبة ثالث أكبر اقتصاد بالعالم، أشار التقرير إلى أنها تواجه معدلات عجز مرتفعة ومستويات مديونية قياسية، كما أن الاعتماد المتبادل بين البنوك والكيانات السيادية آخذ في التزايد، محذرا من أن احتفاظ البنوك بكمية كبيرة من السندات السيادية، يجعل من الصعب على الحكومة التحرك بوصفها سندا للقطاع المالي.

زيادات ضريبية

ورأى أن الخطة التي وضعتها اليابان، لزيادة ضريبة الاستهلاك لن تبعدها عن المشاكل، في إشارة إلى إقرار مشروع قانون لمضاعفة ضريبة الاستهلاك لتصل إلى 10 في المئة بحلول عام 2015.

ودعا طوكيو إلى إقرار زيادات ضريبية على نطاق كبير إلى جانب خفض الإنفاق، ويضيف أن اليابان بحاجة إلى جمع عائدات إضافية بنحو ربع تريليون دولار على الأقل خلال السنوات العشر القادمة، في حين سيعد ذلك زيادة تصل إلى أكثر من 5 في المئة من إجمالي الناتج المحلي.

ولفت التقرير إلى تزايد المخاطر التي تهدد الاستقرار المالي منذ صدور التقرير السابق في أبريل 2012، رغم التطورات التي شهدتها الأسواق المالية مؤخراً، وذلك لأن الثقة في النظام المالي العالمي أصبحت بالغة الهشاشة.

وقال إن أزمة الديون الأوروبية لاتزال المصدر الرئيسي للقلق، رغم أن الجهود الكبيرة التي بذلها صناع السياسات الأوروبيون قد خففت من وطأة أكبر المخاوف التي يشعر بها المستثمرون.

ويعتقد أن حجم الديون السيادية اليابانية قد تجاوز مستوى 13.5 تريليون دولار نهاية العام المالي السابق الذي اكتمل بنهاية مارس 2012، مشكلا ما نسبته 270 في المئة بالنسبة للناتج المحلي الإجمالي الذي يربو على خمسة تريليونات دولار، وبذلك يصنف وضع اليابان المالي الأسوأ بين الدول المتطورة.

أما الديون الأميركية فقد تجاوزت عتبة 15 تريليون دولار بنهاية عام 2011، أي ما يوازي نحو 100 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي.

ويحذر الساسة الأميركيون من أن استمرار وتيرة الارتفاع في حجم الديون السيادية للاقتصاد الأميركي قد يجعلها تبلغ عتبة 23 تريليون دولار عام 2015.

أرقام

وعلى صعيد الأزمة الأوروبية، حذر صندوق النقد من أنه في حال غياب تدابير حاسمة وعاجلة، فإن البنوك الأوروبية قد تحتاج إلى بيع أصول تتراوح بين 2.8 إلى 4.5 تريليونات دولار حتى نهاية عام 2013.

يأتي هذا في الوقت الذي أشار فيه تقرير للمؤسسة الدولية صدر في أبريل وشمل عينة من 58 بنكا من كبرى المصارف في الاتحاد الأوروبي، أنها ستقلل أصولها بحوالي 2.2 إلى 3.8 تريليونات دولار خلال الفترة بين الربع الثالث عام 2011 إلى الربع الرابع عام 2013.

ونوه تقرير إلى أعباء نقص الائتمان والحاجة إليه، والتي تلقي بثقلها على الدول الطرفية في منطقة اليورو، والتي تعاني في الأصل عبء ديونها، وهو ما يساهم في هروب رؤوس الأموال من تلك الدول إلى نظيرتها المركزية في قلب المنطقة.

هذا بالطبع يدفع تكاليف الاقتراض إلى الارتفاع ويزيد الفجوة بين من "يملكون" ومن "لا يملكون" في دول منطقة اليورو، في الوقت الذي وجد فيه التقرير ان المخاطر التي يتعرض لها الاستقرار المالي العالمي قد زادت. كما حذر من فشل صناع السياسة في منطقة اليورو في سن تدابير اضافية لاستعادة الثقة، وما ينتج عنه من تداعيات سلبية قد تؤدي في النهاية إلى حدوث أزمة ائتمان، وما يتبع ذلك من ركود اقتصادي.

وحث الصندوق أيضاً في تقريره صانعي السياسات في المنطقة إلى ضرورة العمل بسرعة من أجل خفض الديون الحكومية والعجز، وذلك بطريقة تدعم النمو، مع تنفيذ الإصلاحات الهيكلية، وتنظيف القطاع المصرفي من أعباء قروضه الرديئة للقضاء على اشكالية هروب رؤوس الأموال.

ضريبة أوروبية على المعاملات المالية

تعهد 11 من وزراء مالية الاتحاد الأوروبي في لوكسمبورغ بتطبيق ضريبة مثيرة للجدل على المعاملات المالية في دولهم، وهو ما يزيد على العدد المطلوب لبدء تطبيق هذه الضريبة داخل الاتحاد الأوروبي بصورة اختيارية.

ورغم التقدم الذي أحرزه وزراء الاتحاد الأوروبي بشأن الضريبة، فإنهم فشلوا في تحقيق تقدم ملموس بشأن إقامة آلية موحدة للرقابة المصرفية في الاتحاد، باعتبار هذه الآلية واحدة من الأدوات الأساسية للتعامل مع الأزمات المالية.

وقد أعلنت أربع دول أخرى أعضاء في التكتل وهي إيطاليا وإسبانيا وإستونيا وسلوفاكيا انضمامها إلى الدول السبع، التي كتبت للمفوضية الأوروبية رسميا بالمضي قدما في تطبيق الضريبة التي تقود حملة الترويج لها فرنسا وألمانيا.

وإلى جانب فرنسا وألمانيا تلقت المفوضية الأوروبية خطابات الموافقة على فرض الضريبة الجديدة من النمسا وبلجيكا والبرتغال وسلوفينيا واليونان. ومن المتوقع أن ترسل الدول الأربع الأخرى موافقتها الرسمية في الأيام المقبلة.

وكان مؤيدو فرض هذه الضريبة بمقدار 0.1 في المئة على السندات والأسهم و0.01 في المئة على المشتقات المالية، يقولون إنها تضمن تحمل القطاع المالي جزءاً من أعباء مواجهة الأزمة المالية التي تسبب فيها القطاع.

وتعارض بشدة بريطانيا والسويد الضريبة المعروفة باسم توبين تاكس نسبة إلى الاقتصادي الأميركي جيمس توبين، الذي اقترحها بالولايات المتحدة في 1972 لخفض الاضطراب في أسواق المال.

ومن المتوقع أن تؤدي الخطوة إلى تجزئة سوق الخدمات المالية في الاتحاد الأوروبي.

وقال المنتقدون إن الضريبة قد تكون حافزاً للمؤسسات المالية لنقل عملياتها إلى المراكز المالية الأوروبية التي لا تفرضها. ومن غير المتوقع أن تنضم بريطانيا، التي تمثل أكبر سوق مالي في أوروبا إلى النظام الضريبي الجديد.

وتقول المفوضية الأوروبية إن الضريبة التي ستفرض ابتداء من 2014 ستوفر للحكومات نحو 57 مليار يورو (74 مليار دولار) سنويا في حال طبقت في جميع دول الاتحاد الأوروبي.

«المركزي» الأوروبي: على الحكومات الأوروبية أن ترصد تدابير خفض عجز الميزانيات

قال مسؤولون في البنك المركزي الأوروبي امس ان على الحكومات الأوروبية أن ترصد بعناية تدابير خفض عجز الميزانيات للتأكد من أن ذلك لا يقوض النمو الاقتصادي بشكل كبير، وذلك على الرغم من أن بعض الدول ليس لديها خيار سوى القيام بتخفيضات كبيرة على وجه السرعة.

وقال نائب رئيس البنك المركزي الأوروبي "فيتور كونستانسيو" في نقاش باجتماعات الخريف لصندوق النقد في طوكيو "بعض الدول فقدت قدرتها على الوصول إلى أسواق الائتمان، وليس لديها خيار سوى تعزيز أوضاعها على المدى القصير. لكنه أضاف ان الدول التي لديها مجال للمناورة عليها ان تكون أكثر حذرا من عدم تقويض خطط التقشف للنمو بشكل كبير، حتى لا يكون من الصعب تحقيق أهداف الميزانية.

وكان محافظ بنك ايطاليا المركزي وعضو مجلس المحافظين بالمركزي الأوروبي"اجنازيو فيسكو" قد أشار خلال ذلك النقاش إلى ان سوء تصميم برامج خفض العجز سوف يقوض المصداقية مع الأسواق، كما أكد على ان انعدام الثقة في الجهود الرامية لخفض الديون ومستويات العجز تؤثر في الأزمة الحالية.                 (أرقام)

back to top