بطلان التحكيم في صفقة الداو

نشر في 02-06-2012 | 00:01
آخر تحديث 02-06-2012 | 00:01
No Image Caption
 عبدالله ضعيان العنزي حينما يصل الأمر إلى الخسارة الفادحة في المال العام، تقرع الطبول، وتبدأ المقارعة بالحجة، لنسب التهمة إلى البعض، وهذا البعض يبرر تصرفاته، وهذا ما حدث أخيراً بعد صدور قرار التحكيم في صفقة "الداو"، الملزم بالشرط الجزائي البالغ 2.6 مليار دولار، فقد أحاط القضية زخم إعلامي واسع، وتم تشكيل لجان تحقيق بأعلى مستوى، لمعرفة جوانب القصور ومحاسبة المتسبب، دون التطرق إلى الحلول. وما إذا كان بالإمكان إيجاد حل لإنقاذ ما يمكن إنقاذه من المال العام، فيجب أن تتعالى الهمم، والنظر في المشكلة من الجوانب القانونية على اعتبار أن الصفقة تمت بعقد إداري دولي بين طرفيه شريك أجنبي والآخر شركة تتبع الدولة وتمثل مرفقاً عاماً، وأن التحكيم في مجال تلك العقود محل خلاف بالفقه، لعدة أسانيد منها أن التحكيم يعتبر مساساً بسيادة الدولة وذلك لأنه سلب لاختصاص القضاء، ويجب النظر إلى الشرط الجزائي وضخامة مبلغ الغرامة بأنه ينافي مبادئ العدالة والإنصاف، والمادة 33 من قواعد التحكيم طبقاً للقرار 98/31 للجمعية العامة للأمم المتحدة في 15/ 12/ 1976 تقرر ذلك. بشرط أن موافقة طرفي العقد لازمة. وإن شاب العقد عيب، فإن استقلالية اتفاق التحكيم عن العقد الأصلي محل خلاف أيضا في القوانين. وأن لائحة التحكيم في غرفة لندن للتحكيم الدولي في المادة 15 لم تشر صراحة إلى مبدأ استقلال اتفاق التحكيم، ويجب التمعن في دراسة اتفاقية التحكيم والبحث في القانون المنصوص عليه الواجب التطبيق، والطعن على قرار التحكيم بالبطلان إما بالنظر إلى العقد أو الاتفاقية وإما لخلل بالحكم وهل اتفق الطرفان على الاستئناف من عدمه، حيث أجاز القانون الكويتي رقم 1995/11 الاستئناف باتفاق الأطراف، ومحاكم الاستئناف الدولية تغص بالطعون في قرارات التحكيم، وقد سبق أن أصدرت قراراتها في بعض النزاعات ببطلان التحكيم وبالذات محكمة استئناف باريس أصدرت حكماً لها ببطلان التحكيم لمخالفته النظام العام، وأيضاً سبق لها تأييد قرار تحكيم ضد شركة مصرية بمناسبة عدم تطبيق القانون المصري المنصوص عليه في الاتفاقية، وقد أسندت المحكمة رفض الاستئناف تأسيساً على أن القانون المصري استلهم أحكامه من القانون الفرنسي، فالقول بعدم جواز استئناف حكم التحكيم غير صحيح بتاتا، ومراكز التحكيم الدولية تؤكد الحق بالطعن ببطلان التحكيم أمام الاستئناف لما شهدته من تجارب، والقانون الفرنسي قد حصر أسباب الطعن في قرار التحكيم بأربعة، وكذلك قانون التحكيم الفدرالي الأميركي، وفي المادة 53 من قانون التحكيم المصري 27 لسنة 1994 تنص في البند ثالثاً: "إذا كان أحد طرفي اتفاق التحكيم وقت إبرامه فاقد الأهلية أو ناقصها وفقاً للقانون الذي يحكم أهليته. والأسباب ذات محاور متشابهة جداً منها أن من حق الاستئناف أن تقضي ببطلان قرار التحكيم الصادر بناء على اتفاق باطل. على هدي من تلك المعطيات القانونية يلزم أن تتضافر الجهود بكل شفافية دون تبرير الأخطاء وتسبيب القصور، فقط للبحث عن ثغرة قانونية للخروج من هذا المأزق الذي يكلف الدولة مبلغاً باهظاً، وعدم التواني... فمن أجل البلد كل أمر لا بد أن يكون سهلاً.
back to top