ندوة "مبدعون... بدون" في التحالف الوطني: عزل قسري يمارس ضد "البدون" برعاية حكومية
استضاف التحالف الوطني الديمقرطي مساء أمس ندوة "مبدعون... بدون"، التي نظمتها مجموعة الـ29، والتي أكدت أن "سياسة الإفقار والحرمان التي تمارسها الحكومة حيال البدون، إضافة إلى الاعتقالات والضرب بالهراوات والتفرقة بالغاز المسيل للدموع، لها انعكاساتها الخطيرة على البنية الأمنية والسياسية للبلاد".
أكدت أستاذة اللغة الإنكليزية في كلية الآداب بجامعة الكويت د. ابتهال الخطيب أن "ثمة عزلا قسريا عنصريا منظما يمارس ضد البدون برعاية حكومية"، مشيرة إلى أنه "منذ عام 1965 حتى 1985، شملت الدولة البدون بالرعاية والعناية، وكانوا يعاملون إلى حد كبير كالمواطنين، بوصفهم جزءا لا يتجزأ من النسيج المجتمعي الكويتي".وأوضحت الخطيب، في كلمة ألقتها مساء أمس خلال الندوة التي نظمتها "مجموعة الـ 29" في مقر التحالف الوطني الديمقراطي بالنزهة تحت عنوان "مبدعون... بدون"، أن مشكلة البدون ظهرت مع ترسيم حدود الدولة، مبينة أنه "حتى 1982، كان يسمح للقبائل التي تتجول على الحدود بالدخول والخروج من وإلى البلاد دون مطالباتهم بأوراق ثبوتية، لأنهم كانوا معروفين لدى السلطات لإقامتهم فترات طويلة داخل الكويت".وأضافت أنه "عقب إعلان استقلال الكويت وبداية تبلور فكرة الدولة المدنية فتحت لجان التجنيس أبوابها أمام المواطنين منذ عام 1961 حتى عام 1963، وكان عددها 6 لجان، واحدة رئيسية يتبعها خمس فرعية، موزعة على النحو التالي، ثلاث لجان داخل السور وثلاث خارجه".قانون التجنيسوأشارت إلى أنه كانت هناك لجنة في محافظة الأحمدي لبعدها عن العاصمة، حتى يتسنى للعاملين في شركات النفط حينذاك التسجيل، لافتة إلى أنه "في عام 1959 أقر قانون التجنيس وهو قانون متعسف وضع خصيصا لتصفية بعض الحسابات السياسية، وكان يقضي بتجنيس الكويتيين الموجودين في البلاد منذ عام 1920 وما قبله، وكان يطالب المتقدم لطلب الجنسية بشاهدي إثبات، وهذه كانت مسألة صعبة وقتها، من ثم تم وقف العمل بالقانون لصعوبة تطبيقه، لتبدأ مرحلة التجنيس العشوائي".وقالت إنه "في عام 1963، أعلنت لجان التجنيس انتهاءها من حصر مستحقي الجنسية، ولم يعلُ صوت البدون للمطالبة بالجنسية خلال هذه الفترة، لعدم وجود تفرقة واضحة في المعاملة، فضلا عن تمتعهم بمعظم حقوق المواطن، لا سيما أن معظم البدون خلال هذه الفترة كانوا يمتلكون وثائق تثبت وجودهم على أرض الكويت، مدونا فيها أن حاملها كويتي الجنسية"، مضيفة أنه "في عام 1972، صدر قانون بتجنيس الطلبة الحاصلين على شهادة الثانوية العامة، شريطة ولادتهم في الكويت والعيش فيها إلى حين بلوغ سن الرشد، مع عدم امتلاكهم جنسية دولة أخرى، وحسن السير والسلوك، وعلى أثر هذا القانون تم تجنيس 107 طلاب، ثم تم وقف العمل به".ولفتت الخطيب إلى أنه "منذ عام 1967 حتى عام 1971، تمت أكبر عملية تجنيس شهدتها الكويت، كان القصد منها تغيير المعادلة السياسية في البلاد، حتى قيل عندئذ إن الجنسية الكويتية سُلمت لأشخاص وهم خارج البلاد، وهو ما يسمى بازدواج الجنسية".وأضافت أنه "في عام 1986، صدرت وثيقة سرية كان الهدف منها التضييق على البدون إلى حد عدم إثبات وجودهم من الأساس، من خلال عدم منحهم شهادات الميلاد أو الوفاة أو الزواج أو أي وثيقة أخرى"، موضحة أن عدد البدون الذين يعيشون على أرض الكويت بلغ نحو 106 آلاف، كما أن هناك 12 الفا من البدون غير مسجلين، مبينة أن اللجنة التنفيذية فتحت أبوابها للتسجيل منذ عام 1996 إلى عام 1999، بعدها أغلق الباب ومنع الكثير من البدون من التسجيل". 101 شهيد بدونمن جانبها، قالت الأستاذة المساعدة في كلية التربية الأساسية د. إقبال العثيمين إن "هناك 101 شهيد من البدون مقابل 621 شهيدا من الكويتيين راحوا ضحية الغزو الصدامي الغاشم على البلاد"، متساءلة: "ماذا يقدم البدون أكثر من أرواحهم حتى تعترف الدولة بأحقيتهم في الجنسية؟"، مؤكدة أن "لسياسة الإفقار والحرمان التي تمارسها الحكومة حيال البدون، فضلاً عن الاعتقالات والضرب بالهراوات والتفرقة بالغاز المسيل للدموع انعكاساتها الخطيرة على البنية الأمنية والسياسية للبلاد".وبينت العثيمين أن "هناك 106 آلاف نسمة من فئة البدون يعيشون على أرض الكويت، وجميعهم محرومون من الحياة الكريمة وأبسط حقوقهم، كحق المواطنة والجنسية وحمل الهوية، وحق التنقل وامتلاك جوازات سفر، وحق والعمل وحق التعليم والدراسة الجامعية، إضافة إلى حرمانهم حق التملك وتوثيق عقود الزواج والطلاق وشهادات الميلاد والوفاة، وحق التقاضي أمام المحاكم لرفع القيد الأمني"، مشيرة إلى أن هناك 550 حالة إعاقة من فئة البدون مسجلة في الهيئة العامة لشؤون ذوي الإعاقة، معتبرة أن الحقوق الممنوحة للبدون اخيرا ناقصة وغير كاملة، وتمت عرقلتها، مؤكدة أن قضية البدون إنسانية بالدرجة الأولى، بل هي قضية وطن بأكمله.وتساءلت: "لماذا يثور البدون؟"، مبينة أن "السبب الأساسي في التجمعات التي نفذها البدون أخيرا للمطالبة بحقوقهم يكمن في التصريحات المتضاربة التي يدلي بها بين الفينة والأخرى الجهاز المركزي لمعالجة أوضاع المقيمين بصورة غير قانونية، والتي زادت شعورهم باليأس"، محملة الحكومة مسؤولية تفاقم مشكلة البدون التي آن الوقت لوضع حلول جذرية لها.وأضافت أن "سمعة الكويت شوهت في المحافل الدولية ولدى منظمات حقوق الإنسان بسبب قضية البدون، حتى أدرجت الكويت ضمن القائمة السوداء للدول التي لا تعنى بحقوق الإنسان، مما حض الأمم والمتحدة على التصريح بضرورة وجود مراقبة لأوضاع هذه الفئة".===================================== بدون "البدون" والجوازات المزورة!قالت د. ابتهال الخطيب إن المعاناة الكبرى في حياة البدون بدأت "منذ عام 2000 حتى 2006، وحرموا من استخراج أي مستندات ثبوتية، وفي عام 2000، صدر قرار من مجلس الأمة بعدم النظر في تجنيس إلا مَن يحمل إحصاء 1965، شريطة امتلاكه جواز سفر".وأشارت الخطيب إلى أن "اللجنة المركزية حينذاك كانت تدفع طالبي التسجيل إلى شراء جوازات سفر لتعديل أوضاعهم، حتى وصل الأمر إلى تعليق إعلانات لمكاتب بيع تلك الجوازات على جدران اللجنة"، موضحة أنه إبان تلك الفترة ظهرت الجوازات المزورة، وعقب انتهاء صلاحية تلك الجوازات لم يستطع حاملوها من البدون تجديدها لأنها مزورة، إضافة إلى عدم قدرتهم على التسجيل في اللجنة فظهرت فئة بدون "البدون".