إلى مسعود البارزاني... لِمَ نقلل من حقوقنا؟

نشر في 01-12-2012
آخر تحديث 01-12-2012 | 00:01
 أنس محمود الشيخ مظهر    يبدو أن العراق حالياً يعاني وجود رئيس وزراء، ونظام كل همه التشبث بالسلطة بأي وسيلة كانت، حتى لو دعا الأمر إلى وضع العراق كله على كف عفريت وجعله يقف على مفترق طرق ومصير مجهول، فالأزمة الحالية بين الإقليم والمركز أزمة مفتعلة بكل المقاييس ولا يوجد لها سبب إلا التستر على الفشل الذي يعانيه المالكي في إدارة حكومته، خصوصاً بعد فضيحة إلغاء البطاقة التموينية ثم العدول عنه، وفضيحة الرشا التي رافقت صفقة الأسلحة الروسية للعراق. ومن هنا فإننا أمام شخصية سياسية فريدة من نوعها لا تنطبق عليها المواصفات التي تنطبق على رجل الدولة بقدر ما تنطبق عليها مواصفات زعيم عصبة، وعليه فمن الواجب التعامل معه وفق هذا المنطلق.

كل المؤشرات والقرائن تشير إلى أن المالكي غير قادر على الذهاب بعيداً في خط المواجهة بينه وبين الإقليم والذي فتحه أخيراً في ما يخص بإدارة الملف الأمني للمناطق المستقطعة من إقليم كردستان وتشكيل قوات دجلة.

فضعف الموقف السياسي للمالكي حالياً والموقف الإيراني المتسم بالصمت حيال الأزمة والرافض لتشتيت تركيز الجهد الإيراني خارج الجبهة السورية الحالية، وكذلك الرفض القاطع لأميركا حيال أي حماقة مالكية تجاه كردستان، إضافة إلى الوضع العسكري الضعيف لميليشياته، كل هذه النقاط تظهر جلياً أن المالكي قد وضع في موقف حرج، وهو يبحث الآن عن حلول أخرى للخروج من المأزق الحالي.

قبول حكومة الإقليم بالحلول الترقيعية والتوافقية هذه المرة يعتبر بمنزلة انتحار حقيقي سيدفع فيه الإقليم ثمناً باهظاً مستقبلاً، فالتجارب السابقة مع المالكي تبين أنه نجح في تصفية وزارتي الدفاع والداخلية من العناصر الكردية والسنّية العربية بحيث أصبحت كلتا الوزارتين مقتصرتين على مكون مذهبي وسياسي واحد يشرف عليهما ويديرهما أشخاص تابعون للمالكي سياسياً ومذهبياً.

إن إنشاء قيادة عمليات دجلة والتوجه العسكري هذا يفتح الباب واسعاً لأي رئيس وزراء عراقي مستقبلاً، للتعامل وفق السياق المسلح نفسه مع الطرف الكردي في أي مشكلة بدل الحوار والحلول السياسية، لهذا يجب وأد هذا التوجه وهو في المهد والقضاء على الفكر العسكري المقيت الذي وضعه المالكي، وعليه فإن الإقليم ملزم بتوجيه ضربة عسكرية قاصمة لهذه القوات قبل أن تصبح واقعاً في الوضع العراقي يصعب السيطرة عليه مستقبلاً لإنهاء "بدعة" يحاول المالكي ابتداعها في أسس العلاقة بين الإقليم والمركز. وتوجيه مثل هكذا ضربة لميليشيات المالكي لن تكون نتيجتها إلا اندحار لميليشيات المالكي، مما سيعزز الموقف العسكري والسياسي للإقليم أكثر ما كان عليه، ويرسخ الواقع الديمقراطي بشكل أفضل لكل العراق.

ونستطيع إيجاز الخطوات التي ينبغي على الإقليم اتباعها بالنقاط التالية:

1- عدم الاكتراث لتهديدات المالكي الجوفاء ولا بالوساطات التي تظهر من هنا وهناك لحل الأزمة سلمياً بل عليهم الإصرار على موقف حازم من رفض وجود أي قوة مركزية في هذه المناطق، ومحاولة إحياء تطبيق المادة (140) التي أصبحت شيئاً من الماضي وبعث الروح فيها، كذلك الإصرار على إلغاء تشكيل قوة دجلة أو أي قوة أخرى تشكل خطراً على الإقليم وعلى السلم الأهلي في المناطق المستقطعة.

2- عدم الاكتراث بالضغوط الأميركية التي تتحرك باتجاه إيجاد حلول توفيقية للأزمة الحالية.

3- حدوث قتال بين البيشمركة وميليشيات المالكي الشيعية لا يعني نهاية العالم خصوصا إذا ما عرفنا أن القوات المالكية تفتقر إلى كل ما يمكن أن نسميها بمقومات النصر في أي معركة. وإن تحديد الموقف العسكري بين ميليشيات المالكي والبيشمركة وإلحاق هزيمة بهذه الميليشيات المالكية سيكون في مصلحة تثبيت المواقف السياسية في العراق بين المركز والإقليم.

4- الإصرار على وجود قوات أميركية في المناطق الفاصلة بين المناطق المستقطعة والمناطق العربية، وأؤكد هنا (بين المناطق المستقطعة وبين المناطق العربية) وليس في المناطق المستقطعة نفسها. وإذا استطاعت حكومة المالكي بضغوط إيرانية أن تتنصل من هذه النقطة بحجج ومبررات واهية فإنها قطعاً لن تتمكن من التنصل من وجود قوات للأمم المتحدة في هذه المناطق، للفصل بين القوتين المسلحتين باعتبار أن العراق لايزال تحت طائلة البند السابع الذي يخول الأمم المتحدة إمكان الانتشار في أي منطقة من مناطق التوتر في العراق.

5- بالتزامن مع الأزمة الحالية يجب على حكومة الإقليم الاستمرار في تحشيد الأصوات الداعية لسحب الثقة عن حكومة المالكي، خصوصاً أن الرئيس الطالباني متفق هذه المرة تماماً مع فكرة سحب الثقة هذه.

موقف المالكي الآن رغم كل الضجيج الإعلامي الذي يحاول من خلاله أن يظهر نفسه في موقع الرجل القوي يبدو أنه الآن يعيش أضعف أوقاته على مر سنين حكمه، وما القرارات التي اتخذها في الآونة الأخيرة بمنع المركبات التي تحمل أرقام إقليم كردستان من الدخول إلى بغداد العاصمة إلا دليل على تخبطه وضعف موقفه السياسي والموقف الحرج الذي أدخل نفسه فيه، وعلى إقليم كردستان أن يستغل ضعفه هذا ويذهب معه هذه المرة إلى آخر الأزمة الأخيرة، ومن المؤكد أنه سيرضخ صاغراً إلى منطق العقل الذي يقول إننا كلنا شركاء في هذه الدولة ولا يمكن لأي شخص أن يحكم العراق بمفرده وسيعي حقيقة وجود إقليم كردستان الذي يمثل النقطة المضيئة الوحيدة في الواقع العراقي الحالي.

* كردستان العراق - دهوك

back to top