الكيل بمكيالين

نشر في 12-05-2012
آخر تحديث 12-05-2012 | 00:01
No Image Caption
 محمد واني    لا شك أن المعارضة العراقية في الخارج بكل أطيافها المختلفة عملت المستحيل لحمل الأميركيين على تبني فكرة إسقاط حكومة النظام البعثي السابق بالقوة المسلحة، لم تدخر وسيلة دبلوماسية ولا خدعة سياسية ولا شخصية مؤثرة من دون أن تلجأ إليها وتتوسل بها للوصول إلى هذا الهدف، لأنها أدركت أن القوة الهائلة التي يمتلكها صدام لا يمكن التغلب عليها بقدرات ذاتية، بل تحتاج الى دعم ومساندة من قوة كبيرة وكبيرة جدا كقوة أميركا.

جربت المعارضة العراقية حظها لسنين طويلة لاسقاط النظام لكنها فشلت فشلاً ذريعاً، فكان اليوم الذي قررت فيه الولايات المتحدة شن هجومها الشامل والكاسح على نظام صدام حسين وإسقاطه، عيداً لأولها وآخرها، ليس لأنها انقذتها من عدوها اللدود فحسب، بل لأنها قدمت لها أغنى وأهم دولة في المنطقة على طبق من ذهب!

فبعد ان كانت تعتاش على فتات الغربيين والإيرانيين والإعانات الاجتماعية الشهرية التي لا تكاد تسد الرمق، أصبحت تتحكم في أكبر ثالث احتياطي النفط في العالم، نسيت كل شيء، نسيت الجوع والمبادئ والشعارات الوطنية التي كانت ترددها دائماً، وتجاهلت الحلفاء والشركاء وأخذت تمارس سياسة الإقصاء نفسها التي كان النظام السابق يمارسها بحق السياسيين العراقيين وتنفرد بالحكم وتضع القيود على االحريات العامة.

ومن أكثر الشخصيات المعارضة التي جسدت هذا التوجه الانتهازي هو المالكي، وصل إلى الحكم بمساعدة الأصدقاء والشركاء، ولكنه تنكر لهم واحداً تلو الآخر، وعلى رأسهم الأميركيون الذين كان لهم الفضل المباشر في توليه وحزبه الصغير الحكم، الذين لو ظل يشكرهم إلى يوم القيامة ما أوفى حقهم ولكنه بدل ذلك، أخذ ينظر إليهم كأعداء محتلين ويقيم احتفالات كبيرة في أرجاء البلاد بمناسبة انسحابهم من العراق ليبرز نفسه كأحد الأبطال الوطنيين!

وفيما كان يرى في نظام البعث العراقي قوة طاغية لا يمكن إزاحته عبر الإصلاحات السياسية والطرق الديمقراطية والحوار، نجده شخصاً آخر وديعاً ومسالماً عند تعلق الأمر بالبعث الأسدي الجائر الذي يستعمل القوة المفرطة ضد شعبه دون اعتبارات إنسانية أو قانونية، فهو يطالب كصاحبه في لبنان "حسن نصرالله" وسيده في إيران "خامنئي" بضرورة إيجاد حل سياسي للأزمة السورية!

ولا يقف عند هذا الحد بل يهاجم السعودية وقطر بشدة لأنهما طالبتا بتسليح المعارضة السورية لمواجهة آلة الدمار الأسد اليومية، فيقول بهذا الصدد "لغة استخدام القوة لإسقاط النظام سوف لن تسقطه"!، مرددا في ذلك ما قاله "نصرالله" سابقاً أن "الخيار العسكري في إسقاط النظام قد انتهى"، في محاولة لبث اليأس في قلوب المعارضة ومؤيديها ضمن خطة خبيثة لإجهاض الثورة الشعبية  في سورية وإطفاء جذوتها... لكن رغم كل المؤامرات فإن الثورة ماضية في طريقها إلى الاطاحة بالمجرمين... وستبلغه مادام الشعب السوري قد قرر ذلك.

* كاتب عراقي

back to top