الجريدة | تحليل سياسي: مشاكل "الأغلبية" في الساحة الانتخابية

نشر في 06-07-2012 | 22:01
آخر تحديث 06-07-2012 | 22:01
No Image Caption
- الإصرار على فرعيات جديدة لبعض القبائل سيغير تشكيلة قائمة المرشحين

- أسباب نشأة الكتلة لم تعد قائمة والانتخابات ستفرقها

- تباين مستوى السقف في الخطاب السياسي لأعضائها

- صيف سياسي حار جداً الرابح فيه من يصطاد الخطاب الانتخابي

بدأت الأجواء الانتخابية تسود الساحة السياسية مبكراً، فالكل يرى أن الانتخابات لن تتأخر كثيراً والمرجح إجراؤها في أكتوبر، وينحصر النشاط الانتخابي حتى الآن في كتلتين رئيسيتين، هما كتلة الأغلبية والكتلة الليبرالية أو مجموعة العمل الوطني، بينما يلاحَظ تراجع نشاط الكتلة الشيعية التي لم يبرز لها أي تحرك مشهود أو ملحوظ.

كتلة الأغلبية هي الأكثر تداخلاً وتعقيداً، فهي تخوض الانتخابات بقائمة قوامها 35 مرشحاً، منهم سبعة مرشحين في الدائرة الثالثة، وثمانية في الرابعة، وعشرة في الخامسة، وأربعة في الأولى، وستة في الثانية، وتجمع الكتلة جناحين مختلفين من التيار السلفي، كما تجمع "حدس" (الإخوان) وكتلة العمل الشعبي والتيار الديني القبلي، ومجموعة من الذين نجحوا في الانتخابات السابقة كمستقلين غير محسوبين على أي تيار أو كتلة.

لقد كان السبب الرئيسي لنشأة كتلة الأغلبية وتوحيدها هو محاربة مجلس 2009 (مجلس القبيضة) وكشف فساد الحكومات السابقة (الإيداعات والتحويلات)، لكن هذا العنصر لم يعد كافياً لضمان وحدة الكتلة، فطبيعة التكوين الفكري والاجتماعي ستخلق تقاطعات دقيقة وحرجة في العملية الانتخابية، وستخلق تنافساً بيّناً بين مرشحيها، كما أن هذا التكوين إضافة إلى خطاب بعض أعضائها المتطرف طائفياً سيضعها في مواجهة مباشرة مع كل الناخبين الشيعة في جميع الدوائر الانتخابية. وستطفو هذه المسألة مع اشتداد حدة الحملة الانتخابية، وهي في المقابل ستخلق اصطفافاً من الطرف الآخر (الكتلة الشيعية) وسينعكس هذا في الدائرة الثالثة بشكل واضح.

ومثلما ستواجه قائمة الأغلبية الانتخابية إشكالية الصدام مع الكتلة الشيعية (ناخبون ومرشحون) فإنها وضعت نفسها في موقع المواجهة مع التيار الليبرالي أو كتلة العمل الوطني، واعتبرتها خصماً لابد من مواجهته، وستمتد هذه المواجهة لتتحول إلى صدام مع الكتلة الحضرية من الناخبين، وسيصبح الفرز إلى "حضري أو مع الأغلبية".

ويزيد من تقاطعات المشهد الانتخابي لكتلة الأغلبية كيفية تعاملها مع إصرار بعض القبائل على إجراء انتخابات فرعية جديدة، حيث يرى بعضهم أنها انتخابات جديدة، ويجب أن يكون لهم رأي في مرشحيهم، ولا يمكن الوقوف عند القول بالاكتفاء بالنتائج السابقة واعتماد الفائزين في الفرعيات السابقة كمرشحين للانتخابات القادمة.

ويرى البعض أن قيادات أو رموز كتلة الأغلبية لن يكونوا قادرين على منع إصرار بعض القبائل من إجراء فرعيات جديدة، خاصة أن هناك من المرشحين السابقين الذين خسروا بأصوات قليلة وبفوارق بسيطة عمن نجحوا.

المشكلة الأخرى التي تواجهها الكتلة هي تباين السقف في الطرح السياسي والخطاب الإعلامي، فهناك من أعضائها من رفعوا السقف إلى حد لم يستطع آخرون من الكتلة مجاراته، فتباين الخطاب وتباينت حدته بين عضو وآخر. كذلك فإن العلاقة بين السلطة وبعض أعضاء الكتلة خلقت اختلافاً واضحاً في الخطاب وحدته من جهة، وفي المطالب والإصرار عليها من جهة أخرى، وأصبح القرب من أعضاء السلطة نقطة ضعف لدى بعض أعضائها.

ومن المعضلات الحقيقية أمام الكتلة توحيد الخطاب الانتخابي والسياسي، حيث تختلف جموع الناخبين لكل عضو فيها ولا تجمعهم أرضية مشتركة، فبعضهم قاعدته قبلية، وآخرون قواعدهم حركات دينية، وآخرون متفرقون. ولم تعد أخطاء الحكومة وخطاياها عنواناً جذاباً في الخطاب الانتخابي لقصر عمرها الذي لم يمنحها الوقت الكافي لاصطياد أي عيوب تدغدغ مشاعر الناخبين.

إن بحث الكتلة عن خصم أو عدو تواجهه ويكون هدفاً للحملة الانتخابية سيضعها عند مفترق طرق حساس، فمواجهة الشيعة مشكلة، ومواجهة الكتلة الحضرية مشكلة أخرى، والصدام مع بعض الأجنحة في التيارات الدينية معضلة معقدة. لهذا يعتقد كثيرون أن استهداف رموز في الأسرة هو الطريق الأسهل والأقل كلفة وخسائر والأكثر جرأة.

ويرى بعض المراقبين أنه من البديهي جداً أن ترتفع وتيرة تصريحات الأغلبية حول التهديد باللجوء إلى الشارع أو التهديد بمقاطعة الانتخابات إذا تم أي تعديل على الدوائر الانتخابية أو تغير نظام التصويت، لأن ضمان الوضع الراهن هو الأسهل بالنسبة لهم في التعامل مع متغيرات العملية الانتخابية، وفهم توجهات الناخبين وقراءة الدوائر الانتخابية، فمن الطبيعي أن يكون هناك إصرار على التمسك بالوضع الراهن حتى لو أصبحت الكويت دائرة انتخابية واحدة كما يطالب أغلب أعضاء كتلة الأغلبية.

هذا صيف سياسي حار جداً، تلتقي فيه حرارة الجو مع حرارة الأجواء السياسية والانتخابية، ومن يكن قادراً على خلق خطاب سياسي وإعلامي وانتخابي مميز في وصوله إلى عقول وقلوب الناخبين فسيكون الأوفر حظاً للوصول إلى المجلس القادم.

back to top